كشف علماء آثار في تركيا عن مجمّع واسع من المقابر الصخرية يعود تاريخه إلى أكثر من 2200 عام في مدينة كولوسي (Colossae) القديمة، التي ورد ذكرها في الإنجيل، باعتبارها المدينة التي وُجّهت إليها رسالة القديس بولس إلى الكولوسيين، وهي الرسالة الثانية عشرة في العهد الجديد.

أكبر مقبرة صخرية في الأناضول

وبحسب وكالة الأناضول الرسمية، تم اكتشاف أكثر من 60 مقبرة في تلال جبل هوناز ضمن منطقة إيجه التركية. وأوضح عالم الآثار باريس ينر أن المقبرة تمثل "أكبر نيكروبليس (مدينة موتى) في الأناضول تحتوي على قبور صخرية محفورة في الحجر".

كما أضاف ينر أن فريقه "أزال طبقات التربة السطحية واكتشف نحو 65 مقبرة، جرى التنقيب في 60 منها"، لافتاً إلى أن التصميم الهندسي للمقبرة يدل على استغلال مدهش للطبيعة الصخرية للمنطقة، بحسب "فوكس نيوز".

عبقرية الاستفادة من التضاريس

وأشار الباحثون إلى أن سكان كولوسي القديمة استخدموا تكوينات الحجر الجيري (الترافرتين) كمدافن، حفاظاً على الأراضي الزراعية الخصبة التي كانت تُستخدم لإنتاج الحبوب. وقال ينر: "اختاروا الصخور لتشييد المقابر من أجل عدم المساس بالأراضي الصالحة للزراعة".

كذلك عثرت البعثة على قطع فخارية وزجاجية ومصابيح زيتية كانت تُستخدم في الطقوس الجنائزية، إضافة إلى عملات معدنية وصنادل تُعد من المقتنيات الشخصية للمتوفين.

كما تم العثور على تمائم وأحجار يعتقد أنها تمتلك قدرات شفائية، في دلالة على المعتقدات الروحية السائدة قبل ظهور المسيحية في المنطقة. وأوضح ينر أن وجود المصابيح في القبور كان يعكس إيمان سكان المدينة بأن الضوء يرشد الأرواح في رحلتها إلى العالم الآخر.

لمحة تاريخية نادرة

وتشير المكتشفات إلى أن سكان كولوسي كانوا يتمتعون بإيمان عميق بالقوى السحرية والتعويذات التي تمنح الحماية، ما يقدم لمحة نادرة عن الحياة الروحية والطقوس الدينية التي كانت سائدة قبل رسالة القديس بولس.

وتأسست كولوسي في القرن السادس قبل الميلاد، لكنها فقدت مكانتها بعد زلزال مدمر في القرن الأول الميلادي، ثم أعيد بناؤها في القرن السابع قبل أن تُهجر نهائيًا عام 787 ميلادية.

فيما أكد الباحثون أن هذا الكشف الجديد "يساعد في فهم أفضل للثقافة والمعتقدات السائدة في الأناضول قبل دخول المسيحية"، مؤكدين أن الموقع قد يصبح أحد أهم الاكتشافات الأثرية في تركيا خلال العقد الأخير.