بقلم: بسام أبو الرب

لم تكن بداية قطف ثمار الزيتون لهذا الموسم في جبل قماص ببلدة بيتا جنوب نابلس سهلة أو اعتيادية كما في السنوات الماضية، بل كانت محفوفة بالمخاطر.

في ساعات الصباح الباكر من يوم الجمعة، توجه الأهالي لقطف الزيتون في المنطقة، ليتفاجأوا بهجوم مستعمرين تحت حماية جيش الاحتلال، الذي منعهم من استكمال عملية القطاف وأجبرهم على التراجع إلى مناطق أخرى بحجة الحاجة إلى تنسيق لدخولها. وبعد ساعات، بدأ فصل جديد من الاعتداءات تمثل في الهجوم على المواطنين وإحراق عدد من المركبات.

جبل قماص، الواقع شرق بلدة بيتا، يشهد منذ أشهر اعتداءات متكررة من قبل المستعمرين، وكان آخرها الاعتداء على رئيس بلدية بيتا محمود برهم وعضو البلدية جميل دويكات أثناء تفقدهما مشاريع في المنطقة.

ويروي الصحفي يزن حمايل ما حدث على جبل قماص قائلاً: "اقتحم عدد من المستعمرين المنطقة بحماية جيش الاحتلال، الذي أبلغ الأهالي أن دخولهم يحتاج إلى تنسيق وحدد لهم المناطق التي يمكن العمل بها".

ويضيف: "بعد خروج الأهالي إلى أراضٍ أخرى قريبة، تفاجأنا بعشرات المستعمرين المسلحين يحملون العصي وقضبان الحديد، قادمين من عدة جهات، وهاجموا المركبات وأضرموا النار في بعضها".

ويتابع حمايل: "كان المستعمرون يلاحقوننا بشكل جنوني ويرشقوننا بالحجارة. سقطنا أكثر من مرة، وفي كل مرة كنت أحاول النهوض أتعرض لضربات شديدة على رأسي بقضيب حديدي، حتى وصل الإسعاف إلى المنطقة ونُقلنا إلى المستشفى".

أسفر هجوم المستعمرين على بلدات بيتا وحوارة ودير شرف في نابلس عن إصابة نحو 36 مواطنًا، بينهم مصابان بالأعيرة النارية، بالإضافة إلى احتراق وتكسير نحو 15 مركبة، بينها مركبة إسعاف وأخرى تعود لمصور وكالة الأنباء الفرنسية جعفر اشتية.

ووصف نائب رئيس بلدية بيتا، محمد حمايل، هجوم المستعمرين بأنه الأكثر "عنفًا وتطرفًا وشراسة" مقارنة بالسنوات الماضية.

ويقول: "قرابة الساعة الثانية عشرة ظهرًا، هاجم المستعمرون المزارعين في جبل قماص بعد أن التفوا عليهم من عدة جهات، واعتدوا على الأهالي، ما أدى إلى إصابة عدد كبير منهم بالرصاص والضرب والاختناق جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع".

ويضيف: "لم أرَ مشهدًا كهذا من قبل... أكثر من خمسين مستعمرًا تجمعوا وحطموا مركبات المواطنين وأضرموا النيران فيها، وكل ذلك جرى بحماية جيش الاحتلال".

ويؤكد حمايل أن الأهالي عادوا صباح اليوم إلى المنطقة لاستكمال قطف الزيتون، في مشهد يجسد صمودهم وإصرارهم على حماية أراضيهم المتاخمة لجبل صبيح، الذي شهد قبل ثلاث سنوات مقاومة شعبية ضد إقامة بؤرة استيطانية في المنطقة.

وفي إطار حماية موسم الزيتون وتعزيز صمود المواطنين، أطلقت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان بالتعاون مع وزارة الزراعة حملة "زيتون 2025"، التي تهدف إلى تنظيم حملات لمساعدة المواطنين في قطف الزيتون، خصوصًا في المناطق الأكثر استهدافًا من قبل المستعمرين، وفق ما يؤكده مدير مكتب الهيئة في شمال الضفة مراد اشتوي.

ويقول اشتوي: "ستُطلق الحملة من أراضي محافظة الخليل ابتداءً من الغد، ثم تمتد إلى باقي المحافظات. ما حدث في بيتا وبقية مناطق الضفة الغربية كان متوقعًا، وينذر بأن هذا الموسم سيكون الأكثر سخونة بسبب الحماية التي يوفرها جيش الاحتلال لهؤلاء المتطرفين".

يُذكر أن المستعمرين نفذوا هجومًا صباح اليوم على أراضي المواطنين وقاطفي الزيتون في محافظات رام الله وسلفيت ونابلس.

ومنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، نفذ المستعمرون ما مجموعه 7154 اعتداءً ضد المواطنين وممتلكاتهم، ما أسفر عن استشهاد 33 مواطنًا في الضفة الغربية. كما تسببت اعتداءات الاحتلال ومستعمريه باقتلاع وتحطيم وتضرر 48728 شجرة، منها 37237 شجرة زيتون، بحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان.