بسم الله الرحمن الرحيم
حركة "فتح" - إقليم لبنان/ مكتب الإعلام والتعبئة الفكرية
النشرة الإعلامية ليوم الجمعة 2025/10/10
*رئاسة
سيادة الرئيس يستقبل وفدًا من تحالف السلام الفلسطيني الإسرائيلي
استقبل سيادة الرئيس محمود عباس، في مقر الرئاسة بمدينة رام الله، يوم الخميس، وفدًا من تحالف السلام الفلسطيني الإسرائيلي.
وجدد سيادة الرئيس في مستهل اللقاء، ترحيبه بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، التوصل إلى اتفاق يقضي بوقف الحرب على قطاع غزّة، وانسحاب قوات الاحتلال منه، ودخول المساعدات الانسانية، وتبادل الأسرى.
وأشاد الرئيس بالجهود الكبيرة التي بذلها الرئيس ترمب وجميع الوسطاء مصر وقطر وتركيا والولايات المتحدة للتوصل إلى هذا الاتفاق في مرحلته الأولى.
وأعرب سيادته عن أمله بالتزام جميع الأطراف بتنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق، واستكمال المفاوضات إلى أن يتحقق الأمن والسلام الدائم والعادل، وتقام دولة فلســــطين تعيش إلى جانب إسرائيل وفق قرارات الشـــــــرعية الدولية.
وتطرق سيادته خلال اللقاء، إلى معاناة شعبنا في قطاع غزة، حيث استشهد أكثر من 67 ألف مواطن، وأصيب نحو 170 ألفًا آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء، جراء الحرب، كذلك الإجراءات الإسرائيلية الأحادية التي تنتهك القانون الدولي، وفي مقدمتها الاستيطان وإرهاب المستوطنين.
ونوه سيادته إلى خطاب الكراهية الذي تمارسه الحكومة الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني، والتحريض المستمر على تقويض مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية من خلال حجز أموال الضرائب الفلسطينية وخنق الاقتصاد الفلسطيني.
وأكد سيادة الرئيس أن السلام الحقيقي والأمن والاستقرار لا يتحقق بإنكار وجود الآخر أو حرمانه من حقوقه الوطنية، مؤكدًا أن هدفنا هو الحرية والكرامة والأمن والعدل والحق في حياة طبيعية وآمنة.
وتطرق سيادته إلى تزايد الاعترافات الدولية بدولة فلسطين، مؤكدًا أن هذه الاعترافات ليس ضد إسرائيل، بل هي خطوة في سبيل العدالة والسلام الحقيقي، وقيام دولة فلسطينية مستقلة، ما يحقق أمنًا واستقرارًا دائمين لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين.
وشدد سيادة الرئيس على أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية هو تجسيد لمبدأ المساواة بين الشعوب، فكما من حق الإسرائيليين أن تكون لهم دولة كذلك من حق الفلسطينيين أن تكون لهم دولتهم، مؤكدًا أن الاعتراف الإسرائيلي بالدولة الفلسطينية سيقود إلى إنهاء الصراع وتحقيق سلام شامل.
وفي نهاية اللقاء، جدد سيادته ترحيبه بالوفد الزائر، وأكد أهمية اللقاءات في بناء جسور الثقة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، معربا عن أمله بأن يكون هذا اللقاء بداية طريق جديد، ليس في السياسة فقط، بل في الضمير الإنساني المشترك بين الجانبين.
ودعا سيادة الرئيس عباس، أعضاء الوفد، إلى تشكيل جبهة شعبية إسرائيلية للسلام العادل، تُسمع صوت العقل داخل المجتمع الإسرائيلي.
*فلسطينيات
انتشال جثامين 35 شهيدًا من مناطق عدة في قطاع غزة وشهيد برصاص الاحتلال في الشيخ رضوان
أفادت مصادر طبية، بأنها انتشلت منذ صباح اليوم الجمعة، جثامين 35 شهيدًا من عدة مناطق في قطاع غزة.
وأشارت المصادر، إلى أنه تم انتشال 19 شهيدًا من مناطق عدة في مدينة غزة.
ولفتت المصادر، إلى أن قصف الاحتلال على منزل بحي الصبرة بمدينة غزة، أدى إلى استشهاد 9 مواطنين.
كما استشهد صباح اليوم مواطن وأصيب آخرون بجروح بنيران جيش الاحتلال في حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة.
وكانت قوات الاحتلال قصفت فجر اليوم مدينتي خان يونس وغزة، رغم الإعلان عن التوصل لإتفاق وقف إطلاق النار.
وأفادت مصادر محلية بأن قوات الاحتلال قصفت منطقة الكتيبة وسط مدينة خان يونس جنوب القطاع، بعدة قذائف مدفعية، تزامنًا مع تحليق طيران مسير في أجواء المدينة.
وأضافت: أن "طائرات الاحتلال شنت غارة جوية عنيفة وسط مدينة خان يونس، فجرًا.
كما شهد شرق مدينة غزة، غارة لطائرات الاحتلال وقصف مدفعي وإطلاق نار من طائرات مروحية.
*مواقف"م.ت.ف"
اللجنة التنفيذية تناقش اتفاق وقف العدوان على غزة
نيابة عن سيادة الرئيس محمود عباس، ترأس نائب رئيس دولة فلسطين حسين الشيخ، الاجتماع الذي عقدته اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حيث ناقشت خلاله إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب بوقف العدوان على قطاع غزة، وبدء الانسحاب الإسرائيلي، وإطلاق سراح الرهائن والأسرى، وإدخال المساعدات إلى قطاع غزة.
وأعربت اللجنة التنفيذية خلال الاجتماع الذي عقد يوم الخميس، عن ترحيبها بنتائج الاتفاق، وفي مقدمتها وقف حرب الإبادة المستمرة منذ عامين ضد أبناء شعبنا في قطاع غزة، والتي راح ضحيتها عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، معظمهم من الأطفال والنساء وكبار السن، نتيجة هذه الحرب العدوانية.
وأعربت اللجنة عن تقديرها للجهود التي بذلها الرئيس ترمب، إلى جانب الوسطاء من جمهورية مصر العربية ودولة قطر وجمهورية تركيا، مؤكدة تطلعها إلى الإسراع في تنفيذ جميع بنود الاتفاق ومراحله، وعلى رأسها الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار، وانسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من كامل أراضي قطاع غزة، والبدء الفوري بتدفق المساعدات الإنسانية لوقف المجاعة التي تسبب بها العدوان.
كما أكدت اللجنة، أن السلطة الوطنية الفلسطينية وحكومتها قد استكملتا الاستعدادات اللازمة لمعالجة آثار الحرب المدمّرة، وفي مقدمتها إزالة الأنقاض، وتقديم الإغاثة للمتضررين، والإسراع في عقد المؤتمر الدولي لإعادة إعمار قطاع غزة بالتنسيق مع جمهورية مصر العربية الشقيقة.
ورحبت اللجنة التنفيذية بدعوة جمهورية مصر الشقيقة لبدء الحوار الوطني الفلسطيني الشامل بين جميع الفصائل الفلسطينية، مؤكدة أهمية هذه الخطوة وضرورة الإسراع في تنفيذها بما يعزز وحدة الأرض والشعب الفلسطيني في الدولة الفلسطينية المحتلة (الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة)، وتمهيد الطريق لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وفي مقدمتها حل الدولتين.
كما استعرضت اللجنة الجهود التي تبذلها الحكومة الفلسطينية لمعالجة الأزمة المالية الخانقة التي تواجهها السلطة الوطنية، نتيجة استمرار الاحتلال الإسرائيلي في قرصنة أموال المقاصة، إلى جانب التحضيرات الجارية لتولي إدارة شؤون قطاع غزة والحفاظ على الأمن فيه، ابتداءً من اليوم التالي لانسحاب قوات الاحتلال.
واختتمت اللجنة التنفيذية اجتماعها بالتأكيد على استمرارها في حالة انعقاد دائم لمتابعة التطورات المتلاحقة المتعلقة بالقضية الفلسطينية، ولضمان تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بما يخدم مصلحة شعبنا وحقوقه الوطنية الثابتة.
*عربي دولي
ماكرون: تسارع الاستيطان الإسرائيلي تهديد وجودي لدولة فلسطينية
أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يوم الخميس، أن تسارع الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة يشكّل تهديدًا وجوديًا لإقامة دولة فلسطينية، معتبرًا ذلك مخالفًا للقانون الدولي ويؤجج التوتر والعنف في المنطقة.
جاء ذلك، خلال افتتاح مؤتمر لوزراء خارجية دول أوروبية وعربية في باريس لبحث مستقبل غزة، حيث شدد على ضرورة توحيد الضفة وغزة تحت إدارة السلطة الوطنية الفلسطينية ضمن مرحلة انتقالية واضحة، داعيًا إلى نزع سلاح حركة حماس واستبعادها من أي دور سياسي مستقبلي.
وأشار ماكرون إلى أن الفلسطينيين يجب أن يتولوا إدارة غزة مستقبلاً، بما ينسجم مع حق تقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية، وفقًا للرؤية الأميركية.
*إسرائيليات
مصادر إسرائيلية: "الجيش يشرع في الانسحاب من مناطق في غزة وفق الاتفاق"
أعلن الجيش الإسرائيلي أنه يواصل انسحابه التدريجي إلى شرق قطاع غزة وفقًا لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وأنه سيكمل انسحابه من مدينة غزة خلال 24 ساعة.
ونقل موقع "والا" عن مصادر، أن القوات الإسرائيلية أطلقت النار صباح اليوم بعد رصدها الفصائل الفلسطينية مشبوهة وفي محاولة لمنع استهداف الجنود، على حد وصف الموقع.
كما ذكرت إذاعة الجيش، أن القوات الإسرائيلية ستستكمل الانسحاب إلى الخط الأصفر بموجب الاتفاق خلال وقت قصير.
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مصادر، إن الجيش الإسرائيلي ينهي تفكيك مواقع وتحصينات سينسحب منها باتجاه الخط الأصفر.
بدورها، قالت "القناة 12" الإسرائيلية، إن "اللواء السابع النظامي انسحب من القطاع، كما قالت لاحقًا إن اللواء 188 يغادر قطاع غزة".
وأضافت إذاعة الجيش الإسرائيلي: أن "لواء الاحتياط عتصيوني شرع في الانسحاب من خان يونس جنوبي القطاع الفلسطيني".
أما موقع "والا"، فأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي سحب وحدات قتالية تابعة للواء "غولاني" وقوات أخرى من القطاع.
كما نقل عن مصادر أن القوات الإسرائيلية بدأت الانسحاب من مدينة غزة ومخيم الشاطئ ووسط القطاع باتجاه الخط الأصفر المتفق عليه، وستنتشر في نقاط سيطرة عدة تسمح بحماية الجنود.
وأشار الموقع نقلاً عن مصدر عسكري، إلى أن مسار الانسحاب معقد وحساس والجيش لا يريد المخاطرة، وقد بدأ في تقليص قواته.
وشهد قطاع غزة منذ ساعات الصباح الأولى حالة من الترقب والهدوء الحذر إثر موافقة إسرائيل المصادقة على وقف إطلاق ودخوله حيز التنفيذ.
وأعلنت رئاسة الوزراء الإسرائيلية، فجر اليوم الجمعة، أن الحكومة صدّقت رسميًا على مقترح ترامب لإنهاء الحرب في غزة وإعادة المحتجزين.
ونقلت شبكة "سي إن إن" الأميركية عن مسؤولين إسرائيليين قولهم: إن "وقف إطلاق النار يدخل حيز التنفيذ بشكل فوري مع موافقة حكومة إسرائيل على الاتفاق".
وقال مكتب بنيامين نتنياهو: إن "الحكومة وافقت على الخطوط العريضة لإطلاق سراح جميع الاسرى".
ويأتي ذلك بعد أن كان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد أطلق قنابل ضوئية حارقة في سماء مناطق شمال غربي مدينة غزة، كما شن غارات جوية صباح اليوم على مدينة غزة وخان يونس، وكان آخرها استهداف منزل مأهول بالسكان.
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد أفادت بأن جلسة الحكومة للتصويت على وقف إطلاق النار في غزة قد تأجلت عدة مرات، بسبب لقاء نتنياهو مع كل من مبعوثي ترامب ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر اللذين شاركا في جلسة الحكومة، بعد أن شاركا في محادثات شرم الشيخ.
وقالت "القناة 12" الإسرائيلية: إن "ويتكوف وكوشنر غادرا اجتماع الحكومة بعد نصف ساعة من بدء الجلسة".
*أخبار فلسطين في لبنان
اللجنة الشعبية في مخيم البرج الشمالي تقوم بجولة ميدانية تفقدية لمدارس "الأونروا" في المخيم
رفضًا لاكتظاظ الصفوف داخل مدارس المخيم، قام وفد من اللجنة الشعبية لمخيم البرج الشمالي بجولة ميدانية تفقدية لمتابعة سير العملية التعليمية والتربوية في مدارس وكالة الأونروا داخل المخيم.
وضمّ الوفد أمين سر اللجنة الشعبية الحاج محمد رشيد (أبو رشيد)، وأعضاء اللجنة فؤاد أبو عادل، وإبراهيم خطاب، وحسين أبو وليد، وشحادة أبو محمد.
وخلال الجولة، التقى الوفد بمديري المدارس واطلع منهم على سير انطلاقة العام الدراسي، وأوضاع الطلاب داخل الصفوف، وعملية تسليم الكتب والقرطاسية. وأوضح مديرو المدارس أن العملية التربوية والتعليمية تسير في الاتجاه الصحيح، مشيرين إلى أن العام الدراسي ما زال في بدايته، ما يتطلب بعض الوقت لاستقرار أوضاع الطلاب، خصوصًا فيما يتعلق بعمليات التسجيل والمناقلات بين الصفوف.
وبعد اللقاء، قامت اللجنة بجولة داخل عدد من الصفوف في مدارس فلسطين، والصرفند، وجباليا. وأكدت اللجنة الشعبية خلال الجولة رفضها لأي قرار يؤدي إلى زيادة الاكتظاظ في الصفوف، مشددة على أنها ستعمل بكل الوسائل الممكنة للتصدي لأي مخطط من شأنه الإضرار بمستقبل طلاب المخيم.
كما جددت اللجنة التزامها الكامل بما تم الاتفاق عليه سابقًا مع وكالة الأونروا، واستعدادها للتعاون بما يخدم مصلحة أبناء شعبنا الفلسطيني ويحافظ على حقهم في التعليم الكريم والبيئة المدرسية اللائقة.
*آراء
لحظة فارقة في تاريخ الشعب/ بقلم: عمر حلمي الغول
خرج أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من رحم الموت والإبادة بعد مئة عام من العزلة. نعم، مئة عام من أهوال الكارثة والفاجعة؛ كانوا وحدهم يصارعون قراصنة العصر ومرتزقة العصابات، غلاة المحتلين ورعاة البقر الذين جاؤوا ليعيدوا تاريخ أسلافهم المتوحشين في الألفية الثالثة. كانوا يسمعون ضجيج أصوات الاستنكار والشجب والادانة من بعيد يطوف العالم، تُقرَع الطبول ببيانات تلو البيانات، وهتافات من ميادين العواصم والموانئ تُقرع أبواب السماء، وتُنسَج سحب الغيوم لكنها لم تمطر خلال العامين العجاف. خاطب الناس ربّ العباد ومالك الملك، وتوجّهت الصلوات إلى الله جلاّ جلاله لوقف الفاجعة ونكبة الإبادة، إلا أنها لم تُحرّك خاصرة نظام، ولم تُوقِف هيئة الأمم عن تقاعسها، لأن القوة المتوحشة كانت بالمرصاد تغوص في دماء الأبرياء العُزّل، تلوّح بعصا الموت والعقاب لكل من عصى أو تمرد على قوانين وأعراف غابتها الموحشة في الظلام والسواد.
عامان كانا بمثابة ألف عام من الذبح والحرق والمرض والجوع والأوبئة والإبادة والدمار الأكثر وحشية في عصر الألفية الثالثة، مع ولوج المدنية مرحلة الذكاء الاصطناعي، الذي تفنن القتلة في تطويعه لتعظيم الأساليب الوحشية غير المسبوقة في تاريخ الصراعات الإنسانية للفتك بأبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الذي لا تزيد مساحته عن 365 كيلومترًا مربعًا- أي أقل من مساحة عاصمة دولة صغيرة- وحولوه إلى مختبر إبادة بأسلحة دمار شامل فتاكة، تخطّت في أوزانها ما ألقي على هيروشيما وناجازاكي مرات عدة، وخلفت من الأهوال ما يفوق الوصف من القتل والدمار والكارثة الإنسانية، وملايين الأطنان من ردم المدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية، حتى لم يعد من تبقّى من أبنائها الأحياء يتعرّف على ملامح مدنهم، وبعضهم لم يتعرّف على مكان سكناه، وباتت الأطلال تغطّي الغالبية العظمى من مساحة القطاع اليتيم، المسكون بفاجعة الإبادة والتصحر ونقص الماء والغذاء والمأوى والكهرباء والدواء والهواء النقي، حتى تكاد الحياة الإنسانية تنعدم.
عاش أبناء فلسطين جحيم انفلات الوحوش الكاسرة من كل فجٍّ وميل؛ كانوا وحدهم يصارعون عتاة الجلّادين، يصدّون القتلة بدماء أبنائهم من الأجنة والأطفال والنساء والبِرِيَّة جميعًا، يقاومون بأمعائهم الخاوية، وبفيض دموع الثكالى، وأشلاء أجسادهم المتناثرة بين الأزقة وعلى الطرق وتحت الأنقاض لتنهشها الحيوانات، وصرخات الشهداء الصاعدة من القبور، والأيادي والأرجل المبتورة والعيون المقتولة من مقلتها، والبطون المتحدّية للقنابل والصواريخ؛ رفعوا أصابعهم وأصواتهم من تحت الأنقاض ليعلنوا الشهادة، ويصرخوا في وجه البشرية لإنقاذهم من ويلات الإبادة الهمجية المسكونة بأوهام أيديولوجيات عنصرية وطموحات احتكارية.
نهضوا من تحت الرماد والمحرقة القذرة الجديدة، التي أعاد إنتاجها جنون وهوس منفذوها، حتى بدا أنهم تفوّقوا في وحشيتهم على نماذج سابقة. لكن أبناء فلسطين- أسطورة البقاء والصمود- حطموا بأيديهم العارية وبدون ما لديهم من سلاح، وبأمعائهم المنهكة وأجسادهم المرهقة، مؤامرة الإبادة الأكثر وحشية وإدماءً في التاريخ المعاصر؛ وفازوا بوقف النكبة الأعظم في تاريخ شعبٍ صلب أسطوري، رائد الحرية والاستقلال والعودة وتقرير المصير. كسروا أحلام القتلة وسادَتهم في سراب زوالهم، ومن تحت الرماد والإبادة، كما طائر الفينيق، رفعوا أشرعة سفنهم وشقّوا عباب البحر وأمواجه المتلاطمة، أضاءوا شمعة البقاء، وغرسوا بدماء وأشلاء أطفالهم ونسائهم شجرة الحياة في القطاع المدمر في لحظة فارقة من تاريخ الشعب- ليس كرماً من الأعداء، ولا ببيانات الاستنكار والشجب فحسب- وأكدوا للعالم على الأرض الفلسطينية ما يستحق الحياة والاستقلال والحرية، وعمّقوا المقولة التي رددها الأجداد: "هنا فلسطين ولا غير فلسطين"، خالدين فيها ما بقيت الحياة، كما كانوا منذ الأزل هنا، والغزاة الإباديون إلى زوال وعبور جديد.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها