بقلم: نغم التميمي 

في الوقت الذي يُكرم فيه المعلم في مختلف دول العالم لدوره الريادي في بناء الأوطان وصناعة الأجيال، يعيش المعلم الفلسطيني واقعًا صعبًا ومغايرًا، إذ يتعرض لانتهاكات الاحتلال المتواصلة التي تعيق أداء رسالته التربوية والإنسانية.

لم يعد التعليم مجرد وسيلة للمعرفة، بل أصبح أداة مقاومة وسلاحًا فعالاً في مواجهة التحديات وتعزيز الصمود. ومن هنا يبرز دور المعلم الفلسطيني كالجندي المجهول الذي يواصل أداء رسالته في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني، واضعًا نصب عينيه هدفًا واحدًا: إعداد جيل واعٍ قادر على مقاومة الاحتلال من خلال عمله وفكره وإصراره على الحرية.

وفي هذا الإطار، ولتعزيز صمود المعلم وكسر شوكة الاحتلال، احتفلت المدارس الفلسطينية بهذا اليوم بمجموعة من الفعاليات والأنشطة التكريمية والكلمات التي تعبر عن التقدير والاحترام للمعلم.

وقالت المعلمة زينب مزهر: إن الكادر التعليمي يواجه يوميًا انتهاكات متواصلة من قبل الاحتلال، خاصة بحق المعلمين والمعلمات أثناء توجههم إلى مدارسهم.

وأضافت: أن العديد من زملائها تعرضوا للتوقيف على الحواجز أو المنع من الوصول إلى أماكن عملهم، مشيرةً إلى أن بعض المدارس تتعرض لاقتحامات مباشرة خلال ساعات الدوام.

وأوضحت أن قوات الاحتلال في كثير من الأحيان تتمركز أمام المدارس وتقوم بتفتيش الطلاب، أو تستخدم محيط المدرسة كنقطة عسكرية، دون أي احترام لحرمة المكان أو للعملية التعليمية.

وذكرت المعلمة أن مدرستهم تقع في منطقة تشهد اقتحامات متكررة، الأمر الذي يفرض على الطاقم التدريسي أن يكون في حالة جهوزية دائمة.

وأوضحت أنه عند سماع أنباء عن اقتراب قوات الاحتلال، يتم تفعيل خطة الطوارئ فورًا، حيث يُطلب من الطلاب الدخول إلى الصفوف الداخلية والابتعاد عن النوافذ، ويعمل المعلمون على تهدئتهم نفسيًا قبل أي شيء.

وأضافت: أن بعض المعلمين يقفون عند بوابة المدرسة مع الإدارة للتأكد من عدم بقاء أي طالب في الخارج، وفي حال وقوع إطلاق نار أو استخدام الغاز المسيل للدموع، يتم إغلاق الأبواب واستخدام الكمامات أو وسائل بسيطة للتخفيف من تأثير الغاز على الطلاب.

وشددت على أن أصعب لحظة يمر بها المعلم ليست أثناء الخطر نفسه، بل عندما يرى طفلاً صغيرًا يرتجف من الخوف ويسأله: "أستاذ، هل سنموت؟"، مؤكدة أنها تحاول أن تكون قوية رغم خوفها الداخلي.

وقالت إنها دائمًا تطمئن طلابها بقولها: نحن هنا معًا، وحقوقنا محفوظة، ومن يستخدم العنف هو الذي يحمل السلاح، أما نحن فأسلحتنا أقلامنا.

واختتمت المعلمة حديثها بالتأكيد على أن استمرار العملية التعليمية رغم كل هذه الظروف هو بحد ذاته شكل من أشكال المقاومة، فمحاولات الاحتلال لإعاقة التعليم لن تنجح، لأن المدرسة ليست مجرد مبنى، بل عنوان للصمود والإصرار على الحياة.

أما المعلمة نفين التميمي، التي تعمل في مدرسة حكومية، فتصف معاناة المعلمين في ظل عدم انتظام الرواتب بفعل احتجاز أموال المقاصة، وتقول إن المعلم الفلسطيني يواجه ظروفًا صعبة ومعاناة مستمرة نتيجة الأوضاع الاقتصادية والسياسية القاسية التي تمر بها فلسطين.

وأوضحت أن الكثير من المعلمين يعانون من تأخر الرواتب أو انقطاعها لفترات طويلة، مما يؤثر على استقرارهم المعيشي وقدرتهم على تلبية احتياجات أسرهم.

ووصفت التميمي المعلم الفلسطيني بأنه يؤدي رسالته النبيلة بكل إخلاص وتفانٍ، مؤمنًا بأن التعليم هو سلاح الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال والتحديات.

وأضافت: أن المعلمين يواجهون أيضًا صعوبات يومية في الوصول إلى مدارسهم بسبب الحواجز الإسرائيلية والاقتحامات التي تعيق حركتهم وتعرضهم للمخاطر والتأخير، ومع ذلك يبقى المعلم الفلسطيني مثالاً للصبر والصمود، يواصل العطاء رغم كل المعوقات.

وذكرت أن المعلم هو الموظف الوحيد الذي لا يمكن أن يحل مكانه أحد، فغيابه أو سوء وضعه يؤثر على جيل كامل، مشيرةً إلى أن المعلم يقوم بعدة أدوار في الوقت نفسه، فهو الطبيب والمرشد النفسي والمصلح الاجتماعي، وهو من يغرس القيم والأخلاق والدين في نفوس الطلبة، ويتعامل مع عقول وبيئات مختلفة يوميًا.

وأضافت: أن عمله لا يتوقف بانتهاء الدوام، بل يستمر في التحضير والتخطيط لليوم التالي.

واختتمت حديثها قائلة: المعلم الفلسطيني يعيش بين مسؤوليات التعليم، وضغوط المعيشة، والخوف اليومي من الاحتلال، ورغم كل ذلك يواصل أداء رسالته بروح وطنية لا تعرف الاستسلام.