بقلم: يامن نوباني
في سعيها المتواصل منذ عامين لإعدام كافة أشكال الحياة الإنسانية والمادية والتراثية في غزة، شكلت الواجهة الثقافية للقطاع، من كُتاب وأدباء وأكاديميين وفنانين، ومكتبات ومتاحف وجامعات ومعاهد ومدارس، ومراكز ومؤسسات ثقافية، هدفاً مباشراً لآلة القتل والخراب والتدمير الإسرائيلية.
ومن عمق الإبادة، استمر من تبقّى على قيد الحياة في الكتابة عن الحياة والموت في غزة، كما استمر آخرون من جنسيات ولغات ودول عديدة في توثيق الإبادة، عبر نشر الكتب والدراسات التي تناولت القضية الفلسطينية وحرب الإبادة على غزة بشكل خاص.
وشهدت الأشهر الأخيرة نشر عشرات الكتب من وعن فلسطين وغزة، كان أهمها: "العصر الجديد للإبادة الجماعية: التحديات الفكرية والسياسية بعد غزة" للباحث مارتن شو، صدر عن Agenda Publishing.
يناقش الكتاب كيف أعاد الدمار الإسرائيلي لغزة فكرة الإبادة الجماعية إلى مركز السياسة العالمية. ويدافع شو، أحد أبرز المنظرين الاجتماعيين للإبادة الجماعية، عن مصطلح الإبادة الجماعية ويؤكد أهميته لفهم الفظائع الإسرائيلية، كما يحلّل الكتاب إبادة غزة في سياق تاريخي أطول، ويتناول الإبادات المنسية.
صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب "تعليم الفلسطينيين بين الاحتلال والمقاومة" من تأليف محمد أحمد صيام، ضمن سلسلة إصدارات، وجاء في 216 صفحة موزعة على ستة فصول، إضافة إلى جداول وأشكال وصور.
يعرض الكتاب رؤية متكاملة حول استهداف الاستعمار الإسرائيلي للتعليم الفلسطيني باعتباره أداة محورية لاقتلاع الشعب من جذوره، عبر تدمير منظوماته القيمية والتربوية والفكرية. ويتناول علاقة الاحتلال الإسرائيلي بالتعليم الفلسطيني، ويناقش كيفية تحوّل التعليم إلى ساحة صراع استراتيجي في معركة الوعي الوطني.
وعن دار الشروق في عمّان ورام الله صدر كتاب الشاعر والكاتب الفلسطيني جواد العقّاد بعنوان: "أكتب موتي واقفاً: هوامش الكتابة والحرب".
يوثق الكتاب تجربة العيش في قلب الحرب على غزة، ويعرض شهادات مكتوبة من واقع القصف والنزوح والدمار، حيث يحوّل العقّاد الكتابة إلى فعل مقاومة وصوت يحفظ الذاكرة الفلسطينية من محاولات التغييب والتشويه.
واعتبر الأديب والشاعر المتوكل طه أن نصوص الكتاب تشكّل "مرافعة تاريخية" تُسجّل تفاصيل الحرب الفلسطينية وتحوّل الكلمة إلى سلاح في مواجهة الاحتلال والظل. ويحمل الغلاف لوحة فنية للفنانة وعد البياري، لتجسّد بصرياً جانباً من معاناة غزة وصمودها.
وقال العقّاد: "هذا الكتاب شهادة على زمن النار، أكتب فيه موتي واقفاً، وأكتب قلب غزة المحروق، وأصدقائي الشهداء الذين يسكنون الذاكرة. هو محاولة لإحاطة الحريق بالكلمة قبل أن يُخمد، ونداء للبقاء وسط الدمار".
كما صدر للشاعر خالد جمعة مجموعة شعرية بعنوان "واختلطت عليك الخيل"، تناولت المعاناة الإنسانية لأبناء شعبنا، وخاصة الأطفال، في ظل عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزة. وقعت المجموعة في 148 صفحة من القطع المتوسط، وكانت لوحات الغلاف للفنان الغزي ميسرة بارود، وصمم الغلاف أيمن حرب، وقد أهدى الشاعر المجموعة إلى الشاعر الشهيد سليم النفار.
وعن دار الرقمية في رام الله ودار الكلمة في غزة، صدرت المجموعة الشعرية "عشبة الشغف" للشاعر الغزي يوسف القدرة، ووقعت في 170 صفحة من القطع الصغير، بلوحة غلاف للفنان الغزي عبد الناصر عامر. نجا يوسف ابن خان يونس مصادفة من الموت بعد أن قضى 560 يوماً تحت القذائف قبل أن يخرج إلى فرنسا، وفي هذه الفترة كتب محتويات هذه المجموعة التي أهداها إلى "مدينتي الغائبة والحاضرة، إلى حضورها في غيابها".
كما صدرت رواية "القبر رقم 49" للكاتب عاطف أبو سيف عن الدار الأهلية في عمّان، وتدور أحداثها في غزة خلال حرب الإبادة.
وقال أبو سيف: إن الرواية تبدأ بموت "حليمة" جدة الرواي في الخيمة غرب رفح بعد أن اضطرتها الحرب وتدمير منزلها في جباليا إلى النزوح جنوباً. وفي مفارقة فإن حليمة، التي وُلدت في يافا عام 1940 ولجأت من هناك إلى شمال غزة، عاشت طفولتها أيضاً في خيمة، لتموت في أخرى بعد 76 عاماً.
صدر كتاب "غزة... شعر وصور" عن دار الأفق في تونس، بتقديم ابتسام خلف الله. وضم الكتاب نصوصاً لشعراء من فلسطين وتونس ومصر والبحرين، منهم: يوسف القدرة، خالد جمعة، طلال حماد، أحمد كمال القريناوي، وماجدة الظاهري، وديما محمود، سما أحمد، وجنان العود، والصحفي أمير جميل المغاري، الذي أُدرجت صوره ضمن الكتاب.
كما صدر عن الأهلية للنشر والتوزيع في الأردن مجموعة شعرية بعنوان "لا أكتب عن الحرب" للشاعر وليد الشيخ، وتحتوي على عدد من النصوص الشعرية التي كتبت أثناء العدوان على قطاع غزة.
عن دار الآداب، صدرت رواية الكاتب الفلسطيني محمد جبعيتي "لا بريد إلى غزة"، التي تقصّ حكاية شاب فلسطيني من غزة يعيش في مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين ويعمل حفاراً للقبور، وهي مهنة ورثها عن أبيه، ويعشق رياضة الباركور.
تعرض الرواية محطات من حياته، بما فيها من أحلام وخيبات على خلفية واقع الحرب على غزة، كما تطرح أسئلة الحياة اليومية في القطاع من خلال شخصية جلال مطر، بمقاربة سردية تتداخل فيها الأحداث اليومية مع الحُلم، وتصور صراع مطر ضد الحرب، وضد المجتمع، وضد جسده بعد أن تعرّض للإصابة.
صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب "الجينوسايد أو جريمة الجرائم: مجريات محاكمة إسرائيل في لاهاي"، ويضم ترجمة لخمس وثائق أساسية في الدعوى التي رفعتها جمهورية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، بما في ذلك لائحة الاتهام والمرافعات والتقرير المرفوع إلى مجلس الأمن.
وعن دار كاتاراتا الإسبانية صدر كتاب "ما بعد الإبادة: المستقبل الفلسطيني الغامض"، يرى مؤلفاه خوسيه أبو طربوش وإيساياس بارينيادا أن ما جرى في غزة لا يمكن التعامل معه باعتباره محطة دموية أخرى في تاريخ الصراع، بل يمثل نقطة تحوّل بنيوية تهدد وجود الشعب الفلسطيني على أرضه وتعيد تعريف مقاربات العالم لهذا الواقع المأساوي.
صدر كتاب "فلسطين: الأرض الضيفة" للصحافية الإسبانية بياتريس ليكومبيري عن دار "بيغ سور"، وعلى امتداد 250 صفحة تنتقل الكاتبة بين مرافئ مدمّرة وحواجز مهينة وأنفاق تفصل بين الحياة والموت، لتُنتج فسيفساء سردية مشبعة بألم هادئ، دون أن تضع ذاتها في الواجهة، بل تظل في الخلفية تُصغي وتوثّق بأصوات من عاشوها.
وعن "دار رياض الريّس" في بيروت، صدر كتاب "غزة على الصليب: أخطر حروب الصراع في فلسطين وعليها" للكاتب الفلسطيني حسن خضر.
صدر عن دار الآداب في بيروت كتاب "ذاكرة النقصان: روايات أهل غزّة عن الإبادة" للروائية السورية سمر يزبك، تتساءل فيه: ماذا حصل لأهل غزة الناجين من الإبادة؟ هل يحقّ لنا أن نعتبرهم "ناجين"؟ أين يذهب الألم البشري حين تغيب العدالة؟ كيف فقدوا أجزاءً من أجسادهم وتحوّلوا إلى أشكال جديدة من الوجود؟ وكيف لنا أن نبتكر سرداً مختلفاً يتحرّى الألم والفاجعة في عالمنا؟ وكيف نبحث في فعل النقصان الذي هو بحد ذاته شكل من أشكال ثبات رواية الإبادة وقوّتها واكتمالها: نقصان الأجساد المقطعة، نقصان قدرتنا على الرؤية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها