استمرت الغارات، وتواصل القتل، واتسعت رقعة الدمار والخراب، فبعد أن أعلنت جميع الأطراف قبول خطة ترمب البائسة، والموافقة على ما جاء فيها مع التحفّظ على بعض النقاط، لا تزال آلة القتل تواصل عملياتها حتى يتم التوقيع على الاتفاق. ومع كل دقيقة تمرّ على أهل غزة، يرتفع عدد القتلى في مجازر مروّعة وبشعة، فما الذي يمنع وقف القتل ووقف الإبادة حالًا وفورًا، ثم لِيَأْخُذ المفاوضون الوقت الذي يريدونه في الإطار الزمني الذي يتمّ التوافق عليه.
إنها أيّامٌ ثقالٌ على الناس في غزة، فالواقع مرير ويزداد مع كل دقيقة صعوبةً ومعاناةً، بلا بيوتٍ ولا خيامٍ ولا طعامٍ ولا دواء. وبينما جاء إعلان ترمب وما تبعه من موافقات الأطراف، والتفاهمات الإقليمية، وعودة جهود الوساطة المصرية القطرية، فإن الانتظار صعبٌ على من يعيشون تحت الإبادة، وهم لا يزالون يشهدون المجزرة تلو المجزرة، وسقوط الضحايا الذي لم يتوقّف، بل تصاعدت عمليات القتل والقصف عمدًا من قبل الاحتلال، الذي لا شيء حتى الآن يمنعه من اقتراف المجازر والمذابح بحقّ الأبرياء.
إنه الانتظار الصعب، وقد ضاقت الحياة بالناس، ولم يأتِ الوقت الذي تتوقف فيه هذه الإبادة، فلماذا هذا التباطؤ ما دامت الأطراف متّفقة؟ ولماذا استمرار المجازر والقتل، واستمرار الحصار والتجويع، ما دامت الأطراف تنوي التوقيع على الاتفاق؟ وأمام هذا، فإن ما يعيشه الناس في غزة لا يحتمل الانتظار، ولا يحتمل فصلًا من التأجيل، وهم يصارعون أشد أنواع العذاب اليومي منذ عامين كاملين.
إن الوفود التي تلتقي برعاية الوسطاء، وقد اتفقت على ما سُمّي "خطة ترمب"، وفي المفاوضات تجري عمليات المماطلة والتلكؤ، وهذا ما لا يطيقه الناس تحت نيران القصف واستمرار الحصار. وليس من المعقول أن تستمر الإبادة في ظلّ عمليات التفاوض حول التفاصيل، ما دامت الموافقة على القواعد العامة للاتفاق قد تمّت.
أوقفوا هذه المقتلة، وهذه الإبادة الجماعية، ثم تفاوضوا، ولا تدَعوا الاحتلال يزيد من عمليات البطش والقتل، فهو غير آبهٍ بشيء، ولا يُلزمه شيء، ما دام يماطل في الاتفاق ويسعى لإفشاله، رغبةً منه في مواصلة الإبادة والتهجير وزيادة القهر والمعاناة على الناس الأبرياء في غزة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها