بقلم: عبير البرغوثي
الإصرار قد يولد من قلب المعاناة، والأمل قد ينبت من بين أكثر اللحظات قسوة. هذه هي حكاية نادية أحمد عبدالله من قرية سردا شمال رام الله، التي رفضت الاستسلام أمام مرضٍ خطير أصاب زوجها، وحوّلت ألمها إلى طاقة إبداع وعطاء. من بين الدموع والقلق والبحث عن بصيص أمل، وجدت نادية طريقها الخاص، لتثبت أن الإيمان والتجربة قد يفتحان أبوابًا للشفاء حيث يغلقها الطب التقليدي.
من قصة معاناة شخصية بدأت مع إصابة زوجها بالسرطان، انطلقت رحلة نادية مع التحدي والأمل، لتتحول إلى عنوان إنساني يتردد اليوم على ألسنة كثيرين وجدوا في وصفة "منقوع أوراق القشطة" فرصة جديدة للحياة.
في قرية سردا شمال رام الله، تعيش نادية أحمد عبدالله، التي تحوّلت قصتها الشخصية مع المرض إلى رسالة إنسانية تحمل الأمل لعشرات المرضى المصابين بالسرطان.
نادية، التي درست الطباعة والمحاسبة في معهد الشؤون الاجتماعية، وعملت أربعة عشر عامًا في مصنع "رانية" للبسكويت، لم تكن تتوقع يومًا أن تصبح اسمًا يردده المرضى وعائلاتهم، ليس لكونها طبيبة أو باحثة، بل لأنها عاشت تجربة قاسية دفعتها لاكتشاف وصفة شعبية غيّرت حياتها وحياة آخرين.
تقول نادية: "لم أكن أعرف أي شيء عن علاج السرطان حتى أصيب زوجي بالمرض. كانت معرفتي به محض صدفة". ففي عام 2009، وبينما كان زوجها في زيارة قصيرة لفلسطين قبل عودته إلى أميركا، اكتشف الأطباء إصابته بسرطان القولون. خضع لعملية جراحية ثم تابع العلاج الكيماوي هناك. لكن بعد عشرة أشهر فقط، أظهرت الفحوصات انتشار المرض إلى الكبد، فخضع لعملية ثانية وبدأ سلسلة طويلة من جلسات علاج الكيماوي المرهق.
بعد الجلسة الثامنة، قرر الزوج العودة إلى فلسطين ليقضي ما تبقى من حياته بين أهله. هنا بدأت رحلة نادية الحقيقية. تقول: "كنت منهارة لا أعرف ما أفعل، حتى التقيت شابًا يعمل في بستاننا، نصحني باستخدام منقوع أوراق القشطة". في البداية، استغربت النصيحة، لكنها قررت التجربة بعد أن شرح لها طريقة التحضير: غلي الأوراق مع الحفاظ على الكلوروفيل والزيوت الطيارة، ترك المنقوع لساعات قبل تبريده، ثم تناوله على معدة فارغة صباحًا ومساءً.
المفاجأة أن زوجها، الذي كان في الثانية والثمانين من عمره، بدأ يتعافى تدريجياً. وبعد 15 يومًا فقط من تناول المنقوع، أظهرت الفحوصات نتائج مذهلة: "تراجع المرض بشكل ملحوظ. واليوم، وبعد مرور ما يقارب 14 عامًا، يعيش الزوج بعمر 98 عاماً، معافى من السرطان".
لم تتوقف نادية عند هذه التجربة، بل بدأت منذ ذلك الوقت بتحضير منقوع أوراق القشطة وتوزيعه مجانًا على المرضى "لوجه الله تعالى"، كما تقول. هي تشرح بدقة طريقة التحضير والتخزين: "الأوراق يجب أن تُجفف في الظل، ولا تُغسل إلا عند الاستخدام، ويُحفظ المنقوع في قناني زجاجية داخل الثلاجة لمدة لا تتجاوز عشرة أيام".
قصة نادية لاقت صدى واسعًا حتى خارج فلسطين. فبينما كانت في أميركا عام 2012، تواصلت مع وزارة الصحة البريطانية، وقدمت لهم تفاصيل طريقتها، لتتلقى لاحقاً تأكيدات بجدوى ما تقوم به.
وتروي نادية قصة من واقع تجربة مع أحد المرضى الذي كان وضعه الصحي سيئاً للغاية. وبعد أن التزم لمدة شهرين بتناول منقوع القشطة، توجّه إلى المستشفى الاستشاري، حيث فوجئ الأطباء بالتحسّن الكبير في حالته. ومن شدة اندهاشهم قرر المريض السفر إلى الولايات المتحدة للتأكد أكثر، وهناك أُدخل إلى ثلاثة بروفيسورات؛ اثنان أميركيان والثالث روسي.
وخلال الفحوصات والمتابعة لم يصدقوا النتائج، وسألوه مراراً عمّا إذا كان قد تناول أي دواء آخر، لكنه لم يبح لهم بسرّ المنقوع. عندها غادر البروفيسوران الأميركيان الغرفة، بينما بقي الروسي يتحاور معه، وعندما اعترف له المريض أنه تناول منقوع القشطة لمدة شهرين، ابتسم وأجابه: "استمر عليها، فقد أثبتت الأبحاث أنّ فاعليتها تصل إلى 89%."
اليوم، لا تُخفي نادية فرحتها حين يتصل بها أحد المرضى ليبلغها أن نتائج فحوصاته تحسنت بشكل كبير. تقول بابتسامة: "أكبر سعاداتي عندما أسمع أن المنقوع ساعد مريضًا على التعافي. هذه رسالتي في الحياة، أن نقف إلى جانب بعضنا البعض".
نادية لم تُرزق بأطفال، لكنها وجدت رسالتها الأمومية في العطاء، إذ تعتبر كل مريض يتناول منقوع القشطة واحداً من أبنائها الذين تمنّت أن تنجبهم، وأهدتهم بدلاً من ذلك فرصة جديدة للحياة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها