أكد المشرف العام على الإعلام الرسمي الفلسطيني، الوزير أحمد عساف، أن مدينة غزة التي يسكنها مئات الآلاف، تحترق وتعيش أياما دامية بفعل القصف الوحشي والتدمير الممنهج للأبراج السكنية والمباني، مشيرا إلى أن شعبنا يعيش أخطر اللحظات منذ بدء العدوان الإسرائيلي.

وشدد الوزير عساف على أن الدولة الفلسطينية قادمة بحتمية انتصار الشعوب المقهورة والمحتلة ورحيل الاحتلال وزواله، فمهما تجبّر الاحتلال فمصيره الرحيل.

جاء ذلك خلال مشاركته في الندوة التي عقدتها نقابة الصحفيين المصريين، يوم الأربعاء، في قاعة محمد حسنين هيكل بعنوان: “استهداف الصحفيين.. وآخر المستجدات السياسية”، وذلك لاطلاعهم على جرائم الاحتلال بحق الإعلام الفلسطيني. وحضر الندوة نقيب الصحفيين المصريين خالد البلشي، والمستشار الثقافي لسفارة فلسطين في القاهرة ناجي الناجي، والمفكر السياسي عبد العليم محمد (مدير الندوة)، إلى جانب عدد من أعضاء النقابتين المصرية والفلسطينية والصحفيين والإعلاميين، وعدد من أبناء الجالية الفلسطينية في مصر.

واستعرض المشرف العام على الإعلام الرسمي التطورات السياسية والميدانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، في ظل استمرار جرائم الاحتلال الإسرائيلي وتصاعدها بحق شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية.

ولفت الوزير عساف إلى أن الوضع في الضفة الغربية ليس بأفضل حال، في ظل وجود نحو 1000 حاجز عسكري يقطع أوصال المدن والقرى، إضافة إلى تعرض مدنها وقراها ومخيماتها لاعتداءات متصاعدة من قبل المستوطنين، في ظل توسع استيطاني غير مسبوق حوّل حياة المواطنين إلى معاناة يومية قاسية، فضلا عن استمرار عمليات الاقتحام والاعتقالات التي تزيد من تفاقم الأوضاع.

وتطرق إلى الحراك السياسي والدبلوماسي والقانوني لدولة فلسطين بقيادة الرئيس محمود عباس، بالتنسيق مع الأشقاء العرب، في مختلف المحافل الدولية، لوقف العدوان على شعبنا بشكل فوري وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بأسرع وقت.

وشدد الوزير عساف على أنه مهما ارتكب الاحتلال الإسرائيلي من جرائم، فإنه لن يستطيع حجب الحقيقة ولا إسكات صوت الصحفي الفلسطيني.

كما استعرض الظروف الصعبة التي يعمل في ظلها الإعلام الفلسطيني، والمتمثلة في استهداف الكوادر الصحفية بالقتل والاعتقال وإغلاق المؤسسات، مشيرا إلى أن 251 صحفياً وصحفية استشهدوا جراء استهداف الاحتلال لهم في قطاع غزة والضفة الغربية منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أي في أقل من عامين، وهو عدد يفوق ما سُجّل خلال جميع الحروب السابقة.

وأكد أن إجراءات الاحتلال بحق الإعلام الفلسطيني لن تمنعه من مواصلة أداء رسالته الوطنية وإيصال صوت الشعب الفلسطيني إلى كل مكان في العالم، فالاحتلال يريد بوضوح أن يحجب صوت شعبنا ليواصل ارتكاب جرائمه بصمت، محافظا على كذبته بأنه دولة ديمقراطية تحترم حرية العمل الصحفي، غير أن الواقع مختلف تماما. وأضاف أن استهداف مبنى تلفزيون فلسطين وتدميره بالكامل يندرج في إطار محاولات طمس الحقيقة، وهو اعتداء خطير على حرية الرأي والتعبير، وانتهاك صارخ للقانون الدولي الذي يحمي المؤسسات الإعلامية.

وقال الوزير عساف: إن استهداف الصحفيين لم يقتصر عليهم وحدهم، بل طال أفراد أسرهم، وهو ما لم يحدث في أي صراع آخر في العالم، مشيرا إلى أن المئات من الصحفيين جُرحوا أو اعتُقلوا من قبل الاحتلال بهدف ترهيبهم ومنعهم من نقل الخبر أو القصة عن جرائم الحرب التي يرتكبها.

كما أطلع عساف الحضور على جهود الإعلام الفلسطيني في فضح جرائم الاحتلال ومدى تأثيره في صناعة الرأي العام وتعزيز الرواية الفلسطينية في مواجهة الرواية الإسرائيلية الكاذبة، مؤكدا أن العالم أجمع، باستثناء البعض، يقف إلى جانب الشعب الفلسطيني.

ودعا إلى ضرورة وقف جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الإعلام الرسمي الذي يقوم بواجبه المهني تجاه شعبه، مشددا على أن كذبة “التحريض” التي تدّعيها حكومة الاحتلال تُستخدم لمحاربة الإعلام الفلسطيني. وحذر من أنه إذا لم يتم ردع هذه المنظومة فإن البديل سيكون قتل المزيد من الصحفيين الفلسطينيين الذين يحملون مشروعا وطنيا ويصرون على البقاء في الميدان لتغطية الجرائم ونقلها إلى كل مكان في العالم. وأشار إلى أن الهيئة تتابع ملف الجرائم بحق الإعلام الرسمي على مختلف الأصعدة العربية والدولية حتى يقف العالم أمام مسؤولياته، مطالبا المجتمع الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الدولي للصحفيين بتحمل مسؤولياتهم في وقف هذه الجرائم، ومحاسبة الاحتلال عليها، وتوفير الحماية الفورية للصحفيين والعاملين في المجالين الإعلامي والإنساني.

ولفت الوزير عساف إلى أن الإعلام الرسمي يواكب التطور في عالم “السوشال ميديا”، حيث دُشّنت نحو 50 منصة تبث بعشر لغات مختلفة، وذلك حرصا على إيصال رسالة الشعب الفلسطيني إلى العالم.

ودعا الوزير عساف الجميع إلى بذل كل ما يمكن لإنهاء الحرب على شعبنا وإنهاء الاحتلال، مؤكدا أن هدفنا الرئيسي هو ترسيخ الوجود الفلسطيني على أرض فلسطين وضمان حق شعبنا غير القابل للتصرف في الحرية والاستقلال بدولته ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية.

كما أعرب عن تقديره لدور المملكة العربية السعودية وفرنسا في حشد الدعم الدولي وتعزيز الاعتراف بدولة فلسطين، مؤكدا أنه لا يمكن بناء السلام والاستقرار الحقيقي إلا على أساس العدالة والشرعية الدولية والقانون الدولي، وبما يضمن قيام الدولة الفلسطينية الكاملة.

وقال: إن قرار منع منح الوفد الفلسطيني تأشيرات دخول إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة يتعارض مع القانون الدولي واتفاقية المقر، خاصة أن دولة فلسطين عضو مراقب في الأمم المتحدة. وأكد أن الدولة الفلسطينية قائمة باعتراف العالم بأسره، حيث تعترف بها 149 دولة عضوا في الأمم المتحدة، وما زالت الاعترافات الدولية تتوالى، لتؤكد أن تجسيد قيام دولتنا المستقلة لا يحتاج إلى إذن أو شرعية من أحد.

وأشاد الوزير عساف بالدعم السياسي الذي تقدمه جمهورية مصر العربية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي للقضية الفلسطينية، وموقفها الرافض للتهجير رغم الضغوط الهائلة، إضافة إلى ما قدمه الشعب المصري، قيادة وشعبا ومجتمعا مدنيا ومنظمات، من مساعدات لأبناء شعبنا في قطاع غزة.

من جانبه، أكد نقيب الصحفيين المصريين أن القضية الفلسطينية تظل أولوية الأولويات في خطط وبرامج عمل النقابة، سواء في متابعة الانتهاكات وتوثيقها أو في متابعة القضايا بالمحاكم الدولية. وأشار إلى أن هذه الندوة تأتي ضمن حملة “شهود الحقيقة والعدالة لشهداء الصحافة الفلسطينية” التي أطلقتها النقابة بالتعاون مع نقابة الصحفيين الفلسطينيين، والتي تهدف إلى تسليط الضوء على الجريمة المرتكبة بحق الصحفيين ودورهم البارز في مواجهة آلة التضليل الإعلامي، وكذلك تعزيز الحضور الإعلامي والسياسي للقضية الفلسطينية.

وناشد البلشي بضرورة تقديم أي فيديوهات أو مستندات أو شهادات حية إلى النقابة، لتكون جزءا من توثيق الأحداث وانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي.