بقلم: نديم علاوي
وجدت المواطنة عالية مليحات وأشقائها الخمسة أنفسهم بلا سقف يؤويهم، بعد أن أجبروا على النزوح من تجمع عرب المحليات تحت وطأة اعتداءات الاحتلال والمستعمرين إلى أطراف مخيم عقبة جبر، يحملون معهم ما استطاعوا لملمته من أمتعة، ونقلها في جرارات استعاروها من أقارب لديهم من تجمعات بدوية أخرى.
ونشأت عالية مليحات (28 عامًا) في تجمع "عرب المليحات"، وهي قرية بدوية تقع بنهاية طريق المعرجات شمال غرب مدينة أريحا شرق الضفة الغربية.
وصباح يوم الجمعة، نزحت 30 عائلة جديدة قسرًا عن تجمع عرب المليحات الواقع في نهاية طريق المعرجات شمال غرب أريحا، إثر الاعتداءات المتكررة التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستعمرين بحقهم، إذ شرعت في تفكيك خيامها والرحيل، نتيجة ما تواجهه من ممارسات استفزازية واعتداءات متكررة من المستعمرين وجيش الاحتلال.
وتقول عالية: "نبحث الآن عن ظل جديد للسكن، لم يبقَ لنا لا بيت ولا مكان نلجئ إليه"، وتصف كيف جمعت أغراضهم ومقتنياتهم في جرارات استعاروها من أقارب لهم في تجمعات أخرى.
تدور سيرة عالية وهي البنت البكر للعائلة بين سكان المنطقة بأنها إحدى الفتيات اللواتي لهن حكاية متعبة في الحصول على العلم، بعد المرور بمحطات استثنائية.
وتضيف مليحات: "بدأت متاعبنا منذ سنوات، حيث أصبح المستعمرون يسرقون أغنامنا، ويسمّموا قسمًا منها، وحتى المسجد أحرقوه أمام أعيننا، صبرنا كثيرًا، ودافعنا عن أرضنا، وتمسكنا ببيوتنا".
وتابعت بحرقة: هناك سكان اضطروا إلى بيع مواشيهم ليتناسب مع المكان الجديد والمحصور، ومنهم من يضطر لشراء الأعلاف والماء واستئجار الأرض، وهذا يعني تهجير ودمار وخراب للواقع الزراعي الفلسطيني في كل جوانبه.
وكانت 20 عائلة أخرى كانت قد نزحت يوم الخميس، من أصل 85 عائلة تسكن في تجمع عرب المليحات، بينما أن العائلات جميعها مهددة بالرحيل، ويصل عدد أفرادها نحو 500 نسمة.
من جانبه، قال المشرف العام لمنظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو حسن مليحات: إن باقي العائلات في تجمع عرب المليحات تستعد أيضًا للرحيل خلال الفترة المقبلة.
وأشار إلى أن المستعمرين أقاموا "حفلاً" استفزازيًا بعد بدء العائلات بالرحيل عن التجمع، كما نصبوا خيمة جديدة صباح يوم الجمعة.
وأكد مليحات، أن بؤر المستعمرين تحولت إلى مراكز اعتداء دائم ومصدر إرهاب يومي، حيث يتعرض السكان لحملة ممنهجة تشمل الضرب، وتدمير الخيام، وسرقة وتسميم المواشي، والتحكم بمداخل الطرق، وسط حماية ومراقبة من جيش وشرطة وسلطات الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضح، أن إقامة بؤرة استيطانية أمام منازل المواطنين بشكل صريح ومقصود، هو بمثابة إعلان حرب نفسية، ورسالة تهجير واضحة.
وشدد مليحات، على أن ما يجري في التجمع ينذر بتكرار نمط التهجير القسري في باقي مناطق الأغوار والضفة الغربية.
بدوره، قال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مؤيد شعبان: إن إجبار العائلات في تجمع عرب المليحات شمال غرب أريحا على النزوح قسرًا عن مناطق سكنهم، يأتي ضمن خطة استعمارية أوسع، تنفذها حكومة الاحتلال الإسرائيلي بقيادة سموتريتش وبن غفير، لتهويد منطقة المعرجات التي تعد منطقة استراتيجية، كونها الطريق الرئيسي بين أريحا والمحافظات الأخرى.
وأضاف: أن اضطرار العائلات على النزوح قسرًا جاء تحت ضغط وإرهاب المستعمرين المسلحين وبحماية من جيش الاحتلال، خاصة أن الاعتداءات بحق التجمع تصاعدت منذ بدء العدوان على قطاع غزة في تشرين الأول/أكتوبر2023، إذ شملت سرقة الأغنام، والاعتداء على المواطنين وممتلكاتهم وعلى طلبة المدارس، إضافة إلى رعي المستعمرين أغنامهم في أراضي المواطنين.
وأشار شعبان، إلى أنه خلال اليومين الماضيين، أقام المستعمرون بؤرة استعمارية داخل التجمع، واعتدوا على الأهالي، في ظل حصار مشدد فرضته ميليشيات المستعمرين والشرطة الإسرائيلية وجيش الاحتلال، ما حال دون بقاء المواطنين أو حتى إخراج أغنامهم.
وتابع: اضطررنا لطلب تدخل الصليب الأحمر، لكن المستعمرين كانوا يحملون أدوات حادة وواصلوا الاعتداء، واضطرت العائلات للمغادرة قسرًا.
وقال شعبان: كنا على تواصل مستمر مع كافة الشركاء، ورغم التهجير، لن نترك هذه العائلات وحدها، والهيئة ستبقى إلى جانب السكان في أماكن تواجدهم، وستعمل على تأمين سبل معيشتهم في الأيام المقبلة.
وأردف: سبق أن حذرنا مرارًا، ونؤكد اليوم أن على الجميع من فصائل ومؤسسات وعائلات، التحرك العاجل وعدم ترك التجمعات البدوية وحدها، وقد ارتفع منسوب الخطر على حياة المواطنين بفعل إطلاق النار والاعتداءات المتكررة، ويجب أن نعيد قرع جدار الخزان، وأن نبحث عن أفكار جديدة لإحياء المقاومة الشعبية.
وأدت اعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستعمرين على التجمعات البدوية الفلسطينية منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، إلى تهجير قسري لـ30 تجمعًا، وفقًا لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها