في هذه التغطية من فضائية فلسطيننا لآخر التطورات والمستجدات الميدانية والسياسية المتعلقة بقضيتنا، استضافت الإعلامية زينب أبو ظاهر، عبر الهاتف من غزة، الكاتب والمحلل السياسي الأستاذ محمد جودة.
بدايةً أكد جودة أن الأوضاع الميدانية في قطاع غزة بالغة الصعوبة، حيث يستفيق أبناء شعبنا يوميًا على عشرات الشهداء والجرحى، في ظل تصعيد إسرائيلي خطير منذ انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق السابق.
وأشار إلى أن غزة تواجه أوضاعًا إنسانية كارثية وغير مسبوقة، نتيجة حرب إبادة متواصلة، وسياسة تجويع ممنهجة، وحصار طويل أفضى إلى دمار شامل في مختلف مناحي الحياة. وأوضح أن أكثر من 80% من سكان القطاع باتوا يعتمدون على المساعدات الغذائية، وسط انهيار شبه كامل للمنظومة الصحية.
وشدد جودة على أن الوجع بلغ مداه، ولم يعد بمقدور الشعب الفلسطيني الصمود دون أفق سياسي أو حل ينقذ ما تبقى، مطالبًا المجتمع الدولي والأطراف العربية بالتدخل العاجل لوقف هذه الإبادة المتواصلة منذ أكثر من 630 يوم.
وأضاف أن نقاط توزيع المساعدات في غزة تحوّلت إلى مصائد موت حقيقية، في تصعيد خطير يشكّل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني.
وأوضح أن الاحتلال يسعى عبر هذه الجرائم إلى خلق حالة من الخوف واليأس، بهدف زعزعة الاستقرار وإضعاف صمود السكان، ما يشكّل محاولة للضغط غير المباشر على حركة حماس.
ورأى أن ما يجري يمثل عقابًا جماعيًا، وحرمانًا متعمدًا للمدنيين من الغذاء والدواء، في مسعى لتأزيم الوضع الإنساني أكثر، مشيرًا إلى أن استهداف المدنيين على نقاط المساعدات يحمل رسالة موجهة للمنظمات الدولية والإنسانية، مفادها أن أي تدخل إغاثي في غزة يجب أن يتم وفق الشروط الإسرائيلية.
وأكد أن الاحتلال يعمل على زرع الفوضى والفلتان داخل المجتمع الفلسطيني، بهدف ضرب النسيج الاجتماعي، وخلق بيئة قد تؤدي إلى فوضى أو حتى اقتتال داخلي، وهو ما يشكّل جوهر المخطط الإسرائيلي من خلال هذه الاستهدافات.
وأشار إلى أن الأجواء، خاصة بعد الحرب الإسرائيلية الإيرانية (حرب 12 يومًا)، باتت مهيأة لصفقة تبادل قد تُنهي الحرب، لكنه استبعد إنهاء العدوان أو انسحاب إسرائيل الكامل من غزة.
وأوضح أن ما يجري هو مقايضة سياسية تُناقَش في بعض الدوائر الإقليمية والدولية، تقوم على استمرار الدول العربية والإسلامية في مسار التطبيع، كما في اتفاقيات “أبراهام”، مقابل انخراط إسرائيل في مفاوضات جدّية حول حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
ورأى أن الهدف من هذا الطرح هو تقديم حوافز لإسرائيل لتقديم تنازلات سياسية تُعيد إحياء مسار حل الدولتين، بعد سنوات من الجمود.
وعن تصريحات سموتريش وبن غفير، اللذين أعلنا رفضهما تفويض نتنياهو للحديث عن إقامة دولة فلسطينية، علّق جودة قائلاً: "هذه الحكومة تُقاد من قِبل متطرفين، على رأسهم سموتريش وبن غفير، اللذَين يمارسان ضغطًا مستمرًا على نتنياهو لتكثيف العدوان العسكري على قطاع غزة والضفة الغربية، واستهداف المدنيين، والاستمرار في قضم الأراضي الفلسطينية".
وأكد جودة أن الحكومة الإسرائيلية الحالية هي "حكومة دموية وحرب بامتياز"، ولا تسعى لأي مفاوضات تتعلق بإقامة دولة فلسطينية أو بحل الدولتين، بل تسعى إلى فرض السيادة الإسرائيلية على الأرض الفلسطينية، وتقويض السلطة الفلسطينية، خاصة من خلال السيطرة على أموال المقاصة وتعطيل أداء مؤسساتها في الضفة وغزة.
وأضاف أن هذه الحكومة لا تنوي وقف الحرب أو الإبادة في غزة، وقد فشلت جميع المقترحات التي طُرحت مؤخرًا لوقف العدوان بسبب رفض اليمين المتطرف، وخاصة سموتريش وبن غفير، الذين يهدفون إلى تهجير شعبنا من القطاع وإعادة الاستيطان إليه.
وأكد أن أي حديث عن السلام أو التطبيع أو حل الدولتين لن يُكتب له النجاح في ظل استمرار حكم هذه الحكومة اليمينية المتطرفة.
وفي الختام، أوضح جودة أن المواقف الأوروبية لا تزال خجولة، ولا ترتقي إلى مستوى الضغط الحقيقي على إسرائيل لوقف عدوانها على قطاع غزة.
ورغم وجود تطور نسبي في بعض المواقف الأوروبية، إلا أنها لم تُفلح حتى الآن في فرض أمر واقع أو وقف المذابح وسياسة التجويع الممنهجة. كما أن الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية عاجزة عن إجبار حكومة نتنياهو على فتح المعابر أو إدخال المساعدات.
وأكد جودة أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو الجهة الوحيدة القادرة فعليًا الضغط على إسرائيل. ودون تدخل مباشر من الإدارة الأميركية، لا توجد أي مؤشرات دولية أو عربية كافية لوقف العدوان المستمر على غزة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها