تتصاعد هجمات المستوطنين في الضفة الغربية دون أي رادع لهذا الإجرام، وللإحاطة بهذا المشهد، استضافت الإعلامية مريم سليمان عبر فضائية فلسطيننا، أمين سر إقليم طوباس السابق والخبير في إدارة مخاطر الكوارث، الأستاذ حسن أبو العيلة.
بدايةً أكد أبو العيلة أن العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني مرّ بمراحل متتالية، بدأت من قطاع غزة، مرورًا بلبنان وسوريا، وصولًا إلى الحرب على إيران، التي تلاها تصعيد ممنهج في الضفة الغربية، وفق تصريحات قادة المستوطنين والقيادة الإسرائيلية، الداعية إلى ضم الضفة وتضييق الخناق على شعبنا الفلسطيني.
وأضاف أن هذا المخطط ظهر بوضوح من خلال إنشاء بوابات وحواجز وطرق التفافية، إلى جانب مشاريع بنى تحتية لربط المستوطنات ببعضها. وأشار إلى أن انفلات المستوطنين بعد الحرب على إيران جاء بقرار سياسي وبحماية قوات الاحتلال، مؤكدًا أن المستوطنين يتحركون وفق تعليمات من القيادة السياسية.
وأوضح أن الاعتداءات اليومية على المواطنين الفلسطينيين، سواء على الطرقات أو في محيط المستوطنات، تأتي ضمن هذا المخطط، وكان آخرها الهجوم على بلدة كفر مالك، والذي أسفر عن استشهاد ثلاثة فلسطينيين. وشدد على أن هذا العدوان المستمر، من الخليل جنوبًا إلى رام الله وأريحا والأغوار وطوباس ونابلس، يجري برعاية مباشرة من الحكومة الإسرائيلية.
أكد أبو العيلة أن هناك توزيعًا واضحًا للأدوار بين قوات الاحتلال والمستوطنين، في إطار مخطط منسّق يتم بدعم سياسي وعسكري. وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية، بالتشاور مع إسرائيل، تدرس ضم مناطق (ج) إلى كيان الاحتلال، ضمن مساعٍ لحسم الصراع، وفقًا لرؤية سموتريش وبن غفير، التي تقوم على ضم الضفة الغربية وتقسيمها إلى كنتونات تخدم المشروع الاستيطاني.
أوضح أن تصريحات سموتريش الأخيرة، والتي وجّه فيها رسائل للدول العربية ولنتنياهو، عكست بوضوح توجه التيار الاستيطاني المتطرف، حيث أكد أن “السلام يكون مقابل السلام”، متجاوزًا بذلك مفهوم “الأرض مقابل السلام”. كما هدّد بانسحاب كتلته من الحكومة، ما قد يؤدي إلى سقوطها، في حال ناقش نتنياهو أي مقترح لإقامة دولة فلسطينية.
وشدد أبو العيلة على أن ما يجري هو تنفيذ عملي لهذه الرؤية، بتنسيق بين الحكومة والمستوطنين وقوات الاحتلال، حيث يواجه أبناء شعبنا ميليشيات مسلحة مدعومة رسميًا، قام بن غفير بتسليحها وتدريبها. ورغم ذلك، لا يزال الشعب الفلسطيني صامدًا على أرضه، يواجه هذه الاعتداءات بصدره العاري، في ظل صمت عالمي وتراجع القيم الإنسانية في التعاطي مع قضيته العادلة.
أوضح أبو العيلة أن المشهد في الضفة الغربية وقطاع غزة لا يختلف كثيرًا، وإن كانت غزة تشهد عدوانًا أكثر وضوحًا ووحشية. الهدف واحد في كلا المنطقتين: القضاء على حلم إقامة الدولة الفلسطينية. واستغرب كيف تدّعي الإدارة الأمريكية قدرتها على وقف الحروب في العالم، بينما تعجز أمام ما يجري في فلسطين. وقال: "إن ما يحدث في غزة يمثل وصمة عار في جبين الإنسانية، حيث تحوّلت منصات توزيع المساعدات إلى ساحات قتل لأبناء شعبنا الجوعى، وفق تعليمات عسكرية واضحة بإطلاق النار وكأنها ساحة قتال".
وأضاف أن هذا الإجرام يتم وسط صمت عالمي، ويعكس فكرًا عنصريًا متطرفًا لبعض الحاخامات الإسرائيليين، مثل عوفاديا يوسف، الذين شبّهوا الفلسطينيين بالحشرات، ما يبرر لديهم القتل كأمر تلقائي وتوراتي. وأكد أن ما يُمارس من قتل وتجويع وإبادة جماعية يجري على مرأى العالم، دون أن يُحرّك أحد ساكنًا.
أكد أبو العيلة أن المرحلة الراهنة تتطلب رؤية واستراتيجية وأدوات جديدة تُمكّن الشعب الفلسطيني من الصمود والثبات على أرضه، حتى لا تضيع القضية الفلسطينية ويذهب نضال شعبنا الممتد لأكثر من قرن أدراج الرياح. وشدد على ضرورة إعادة صياغة مفهوم وطني جامع، يُحمَل إلى الطاولة العربية، رغم إدراكه لصعوبة الواقع العربي، مؤكدًا أن هذه الاستراتيجية قد تشكّل قاطرة لتحريك الأمة نحو تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني والمصالح العربية، خاصة في ظل نظام عالمي تحكمه المصالح، وفي مقدمتها المصالح الأمريكية.
وأضاف، أن على الفلسطينيين التوحد على قاعدة الصمود وتفويت الفرصة على الاحتلال في تهجيرهم، لأن تهجير شعبنا يعني عمليًا نهاية القضية الفلسطينية. وأكد أن بقاء الفلسطيني على أرضه، رغم المعاناة والظروف اللاإنسانية، هو المخرج الأساسي.
وختم بالتأكيد على أن صياغة رؤية تتقاطع مع الواقع العربي والأحرار في العالم هي السبيل الوحيد، في ظل سقوط القيم الإنسانية وتجاهل القوانين الدولية لما يتعرض له شعبنا الفلسطيني من قتل وتجويع وإبادة جماعية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها