"المقاومة" ليست مجرد مفردة تُثير الحماسة، بل مفهومٌ معقّد، يتصل بجوهر الوجود الفلسطيني تحت الاحتلال. هي الكلمة التي وُلدنا في ظلها، وتربينا على وقعها، لكنها اليوم باتت بحاجة إلى مراجعة عميقة: أي مقاومة نريد؟.
نريد مقاومة لا تقف عند ردّ الفعل، بل تنبع من مشروع وطني تحرّري، يعرف غايته ويُحسن أدواته. مقاومة تُعيد الاعتبار للإنسان الفلسطيني كقيمة، لا كوقود إعلامي أو ورقة تفاوض.
نريد مقاومة تخرج من عباءة الفصائلية الضيقة، وتنطلق من وحدة القرار والمصير، لا من خنادق الانقسام. مقاومة تُحسن إدارة الصراع، وتراكم المكاسب لا الجراح.

مقاومتنا ليست نسخة واحدة. إنها فكرٌ وميدان، حجرٌ وقلم، صمودٌ وعملٌ دبلوماسي. هي مقاطعة الاحتلال، ونزع شرعيته، وكشف جرائمه، كما هي الدفاع عن النفس حين يُغلق كل أفق.
لكن لا نريد مقاومة بلا بوصلة، ولا مشاريع فردية تُراكم الهزائم باسم البطولة. نرفض المزايدة بالدم، والاتجار بعذابات الناس.
المقاومة التي نحتاجها اليوم هي تلك التي تُنقذ شعبنا من التيه، تُبني على تجاربنا، وتُجدد أدواتنا بما يناسب المرحلة. مقاومة تُحيي الأمل، لا تُعزّز اليأس، وتزرع الثقة في أننا قادرون، بشرط أن نُدير صراعنا بوعي، لا بانفعال.
فالمقاومة ليست سيفًا يُرفع دائمًا، بل عقلٌ يُفكر، وشعبٌ يعرف متى يقاتل، ومتى يُراكم، ومتى يبني.
نريد مقاومة تحررنا حقًا، لا مقاومة نُعلّق عليها عجزنا.