تتصاعد وتيرة المجازر في قطاع غزة بالتزامن مع استمرار التوتر الإقليمي، وللإحاطة بهذا المشهد استضافت الاعلامية مريم سليمان، المتحدث باسم حركة فتح، الأخ منذر الحايك.
بدايةً أكد الحايك، على أن الأوضاع في قطاع غزة باتت كارثية في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي وانعدام مقومات الحياة الأساسية. وأشار إلى أن الاحتلال يحاول الترويج لوجود مساعدات إنسانية، بينما الواقع يشي بعكس ذلك، حيث يتم استهداف المدنيين عند نقاط توزيع المساعدات.
وأوضح الحايك أن الاحتلال يتعمد إلقاء المساعدات، وعلى رأسها الدقيق، على الأرض، ثم يقوم بإطلاق النار على المواطنين الذين ينتظرون الحصول على هذه المواد الأساسية، ما يؤدي إلى سقوط ضحايا بشكل يومي، في ما وصفها بـ"نقاط الموت".
وأشار إلى أن الحصار الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من 100 يوم، وتحديدًا منذ الثاني من مارس الماضي، أدى إلى نفاد المواد الغذائية، وإغلاق المخابز، ما اضطر الأهالي لذهاب إلى مراكز الموت للحصول على الطعام لاطفالهم.
وأضاف الحايك أن الظروف الصحية لا تقل خطورة، حيث تمنع قوات الاحتلال دخول المستلزمات الطبية، مشيرًا إلى أن عمليات البتر في مستشفيات القطاع، خاصة الشفاء والمعمدان، تُجرى في بعض الأحيان بدون تخدير. كما تحدث عن معاناة الأطفال الذين يفتشون في القمامة بحثًا عن الطعام، وأكد أنه شاهد ذلك بعينه في شارع الوحدة بحي الرمال غرب غزة.
ولفت الحايك إلى أن البنية التحتية دُمّرت بالكامل، بما في ذلك مصادر المياه، حيث يمنع الاحتلال دخول السولار اللازم لتشغيل مضخات الآبار، مما أدى إلى تلوث مياه الشرب وصعوبة الاستحمام والنظافة العامة.
كما حذر من تفاقم الوضع الصحي في مرحلة ما بعد الحرب، مشيرًا إلى ارتفاع عدد وفيات مرضى السرطان نتيجة انعدام العلاج، وتزايد خطر تفشي الأمراض المزمنة والخطيرة مثل السرطان وأمراض القلب.
وأكد أن سكان الخيام في غزة يواجهون ظروفًا غير إنسانية، حيث تُنصب الخيام على الأسفلت وفي أماكن لا تتوفر فيها دورات مياه أو أي من مقومات العيش الكريم، في محاولة إسرائيلية لإيصال رسالة مفادها أن القطاع "طارد للسكان".
وأكد الحايك على تمسك الفلسطينيين بحقهم في البقاء، قائلاً: "مهما كانت الظروف قاسية وصعبة، سنبقى في القطاع".
وفي سياق متصل شدد الحايك، على أن ما يجري في قطاع غزة يكشف عن خلل مزدوج، يتمثل أولًا في عجز النظام الدولي عن فرض القانون الدولي الإنساني، وثانيًا خلل داخلي فلسطيني في غزة.
وأشار الحايك إلى أن المنظومة الدولية، ممثلة بالأمم المتحدة والمجتمع الدولي، تقف عاجزة عن إلزام الاحتلال الإسرائيلي بتطبيق اتفاقيات جنيف، التي تنص على حماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة، وتوفير المساعدات الإنسانية. واعتبر أن الاحتلال يتعمد تحدي القانون الدولي، مدعومًا من الولايات المتحدة الأمريكية، التي توفر له الغطاء السياسي والعسكري.
وانتقد الحايك الاكتفاء الدولي ببيانات الشجب والتشخيص، دون اتخاذ خطوات عملية لوقف المجازر والمجاعة، قائلًا إن "المجتمع الدولي إما متواطئ أو عاجز عن مواجهة الدعم الأمريكي المطلق للاحتلال".
وفي الشق الداخلي، أشار الحايك إلى وجود خلل فلسطيني في غزة، مشددًا على ضرورة استثمار المبادرات العربية والإسلامية التي طرحت مؤخرًا لوقف الحرب، بدلًا من الاكتفاء بالعمل العسكري دون أفق سياسي.
وأكد أن استمرار الحرب دون نتائج ملموسة على المستوى السياسي، يحتم على حركة حماس اتخاذ موقف واضح، يتمثل في تسليم إدارة قطاع غزة للسلطة الوطنية الفلسطينية، وتمكين أجهزة الأمن الوطني من بسط سيطرتها، حفاظًا على أمن المواطنين والممتلكات، ومنع الانفلات الأمني.
كما شدد الحايك على أهمية توحيد الجغرافيا والديموغرافيا الفلسطينية، ليس فقط داخل غزة، بل في مخيمات الشتات، خصوصًا في لبنان. وأشار إلى ضرورة حصر السلاح بيد قوات الأمن الوطني الفلسطيني، وإقصاء المجموعات المسلحة التي لا تمثل إرادة الشعب، معتبرًا أن "الشعار الوحيد الذي يجب أن يسود في المخيمات هو: العودة إلى فلسطين".
وأكد أن الرسالة الفلسطينية إلى المجتمع الدولي يجب أن تكون واضحة: "نحن قادرون على فرض النظام والأمن، ونستحق دولة مستقلة"، مشددًا على أهمية العودة إلى مرجعية منظمة التحرير الفلسطينية كبيت جامع، وعلى السلطة الوطنية كعنوان لتوحيد الصف الفلسطيني سياسيًا وجغرافيًا.
وأشار الحايك إلى أن حركة "فتح" قدمت مبادرة إنقاذ ويدًا ممدودة لإنهاء الانقسام، داعيًا حركة حماس إلى التفاعل مع هذه المبادرة بجدية، في ظل انتهاء مرحلة "المحور" وتداعياتها.
كما وأكد الحايك، على أن حركة حماس ما زالت ترفض خيار الوحدة الوطنية، وتُصرّ على البقاء خارج مربع الشرعية الفلسطينية، رغم اعتراف العديد من قياداتها بفشلهم السياسي، مقابل ما يصفونه بالنجاح في العمل العسكري.
وأشار الحايك إلى أن قادة حماس في الخارج يعبرون في جلساتهم الخاصة عن عدم رضاهم عن أداء قيادتهم السياسية، بل ويعترفون مرارًا بأنهم أخفقوا في إدارة المرحلة سياسيًا.
وفي هذا السياق، شدد الحايك على أن استعادة السلطة الوطنية لسيادتها في قطاع غزة ضرورة وطنية، لضمان وحدة الجغرافيا والديموغرافيا الفلسطينية، وإعادة الاعتبار للشرعية الفلسطينية. وأوضح أن وجود قوات الأمن الوطني في غزة ومخيمات الشتات يمثل رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي بأن الفلسطينيين شعب يستحق الأمن والاستقرار والعودة إلى وطنه.
وأكد الحايك هلى أن مشروع منظمة التحرير الفلسطينية قائم على النظام والأمن والاستقرار، في مواجهة كل المجموعات المسلحة والممارسات التي تسعى لتشويه صورة الشعب الفلسطيني أو ترهيبه، مضيفًا أن هذه المحاولات فشلت منذ الانقسام وحتى اليوم.
وأشار إلى أن حركة حماس، اليوم، غير قادرة على حماية السكان أو إعادة إعمار غزة، بل باتت غير قادرة حتى على حماية عناصرها، ما يجعل خيار إنقاذ القطاع وإعادة بنائه مرهونًا بعودة السلطة الشرعية.
ولفت الحايك إلى أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بقيادة بنيامين نتنياهو، لا ترغب بوجود السلطة الوطنية، وتسعى إلى إضعافها بشتى الوسائل، سواء من خلال الحصار المالي، أو اقتحام المخيمات، أو دعم المستوطنين المتطرفين في الضفة الغربية. وأكد أن إسرائيل لا تستهدف فصيلاً دون آخر، بل تستهدف المشروع الوطني بأكمله، مشددًا على أن "حسم الصراع سيكون في الضفة الغربية".
وأضاف أن إسرائيل لا تريد أن ترى نظامًا سياسيًا شرعيًا في فلسطين، مشيرًا إلى أن ما جرى في مخيم جنين، من اضطرار السلطة لحسم المعركة، يُظهر حجم التحديات الأمنية التي تواجهها، مقابل انسحاب الجماعات المسلحة التي تخلّت عن مواقعها في وجه التهديد الإسرائيلي.
وختم الحايك بالتشديد على أن ما يحدث في غزة والضفة ومخيمات الشتات، من محاولات فوضى وتسلح خارج الشرعية، هو جزء من خطة ممنهجة لإضعاف السلطة وتمزيق المشروع الوطني، محذرًا من إصرار حماس على عقلية "إما نحن أو لا أحد"، والتي وصفها بأنها مدمّرة للقضية الفلسطينية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها