في هذه التغطية المفتوحة على فضائية "فلسطيننا" لآخر التطورات والمستجدات المتعلقة بالعدوان الإسرائيلي على إيران، استضافت الإعلامية زينب أبو ضاهر، عبر الهاتف، الكاتب والمحلل السياسي الدكتور نعمان عمرو.
بدايةً أكد عمرو أن ما يحدث اليوم يمكن تصنيفه ضمن ثلاث مسارات رئيسية: أولاً، هناك مواجهة غير مباشرة بين الغرب والشرق، عنوانها إصرار الغرب على الانفراد بإدارة العالم وموارده، ورفضه إشراك قوى الشرق في القرار الدولي، سواء في السياسة أو الاقتصاد أو الثقافة.
ثانيًا، تسعى إسرائيل إلى إعادة ترسيم خريطة الشرق الأوسط وفق مشروع توسعي بدأ منذ سنوات، وركيزته القضاء على فكرة الدولة الفلسطينية والتراجع عن ما تسميه “أخطاء تاريخية”، في إشارة إلى سياسات التهجير والتطهير العرقي بحق شعبنا. هذا التوجّه يعزز ما يُعرف بـ”يهودية الدولة”، ويترافق مع عدوان متواصل على قطاع غزة ومحاولات متكررة للإبادة الجماعية والتهجير القسري في الضفة والقطاع، ضمن منظومة عنصرية فاشية مدعومة من الإمبريالية.
ثالثًا، هناك مخطط لتقسيم المنطقة وتفتيتها، لتسهيل السيطرة عليها تدريجيًا. وإذا نجحت إسرائيل في تجاوز هذه المرحلة بدعم غربي، فإن دولًا عربية وإسلامية عديدة ستكون لاحقًا ضمن دائرة الاستهداف، منها الجزائر وتركيا ومصر ودول الخليج وباكستان.
وأشار إلى أن الاحتلال يحاول جرّ حلفائه الغربيين إلى ساحة المواجهة بشكل غير معلن، عبر الدعم اللوجستي والعسكري الكامل، ما يؤدي إلى تصعيد متواصل. كما اعتبر أن تصريحات الرئيس الأمريكي ليست زلات لسان.
وأضاف أن ما نشهده اليوم هو صراع استعماري بامتياز، بدأ منذ عقود، ويتسارع بفعل الخلل في ميزان القوى بين الشرق والغرب، حيث يسعى الغرب إلى فرض واقع جديد طويل الأمد عبر إسرائيل كأداة، معتمدًا على تفوق تقني وعسكري، ورافضًا أي توازن عالمي جديد.
وقال: " إن هذا المشروع لن يشبع غريزة التوسع الإمبريالي، محذرًا من أن الشعوب في المنطقة ستكون الضحية الكبرى، عبر التقسيم والقمع وسرقة الموارد".
وأضاف عمرو، مؤكدًا أن الظرف الحالي لا يسمح بوضع النقاط على الحروف بشكل واضح وصريح، لكن كل من يُحلل أو يُتابع خارطة وتطورات الإقليم يُدرك جيدًا أن الإمبريالية، ممثلة بأمريكا أولًا، ثم بريطانيا، ألمانيا، فرنسا، وإيطاليا، تقف خلف إسرائيل وتستغل الخلل في موازين القوى لفرض حقائق قد تستمر لعشرات السنين بأسماء مختلفة.
وأوضح أن هذه المواجهة قد تكون الأولى في عصر الذكاء الاصطناعي، حيث نشهد حربًا متطورة تُدار بتقنيات عالية، قد لا نكون مستعدين لها. ولكن المفارقات تُبيّن خللًا واضحًا في ميزان القوى لصالح الغرب، الذي يسعى لاستغلال هذه التقنيات الحديثة لفرض إرادته والسيطرة على مقدرات الشعوب، بل وحتى تغيير أنظمة الحكم، كما حدث في العراق.
وأمدّ الحديث بمثال عن العراق، حيث دفع ملايين العراقيين حياتهم ثمنًا لما سُمّي بـ”نشر الديمقراطية”. واليوم، يتكرر المشهد ذاته في إيران، حيث تدعو إسرائيل والولايات المتحدة إلى تغيير النظام، تحت ذريعة نشر الديمقراطية الغربية، أي نشر الثقافة الأمريكية المعروفة بـ State Culture، ولو باستخدام القوة.
وبيّن أن النموذج العراقي ما زال حاضرًا منذ 2003، فالديمقراطية تترنح، والثروات تُنهب، والسيطرة العسكرية بيد الأمريكيين.
وأشار إلى أن هذا النموذج يُعاد تطبيقه، جزئيًا أو كليًا، في سوريا، ويحاولون تطبيقه أيضًا في لبنان.
وذكر أن سموتريتش صرّح بالأمس عن رغبة في السيطرة على ست دول في المنطقة، معتبرًا أن هذه التصريحات ليست مجرد زلات لسان. وأوضح أن ذلك يُعد إرهاصًا لفكر باطني لدى صناع القرار في كيان الاحتلال، يُعبّر عنه بأساليب متعددة.
وتابع، عند ربط هذه المؤشرات ببعضها، يتّضح أن هناك استغلالًا لميزان القوى الذي يميل لصالحهم، لفرض الهيمنة السياسية، والعسكرية، والأمنية، والاقتصادية، وصولًا إلى السيطرة الثقافية، إذ لا يرون شعوب المنطقة شعوبًا متحضّرة.
أوضح عمرو أنه يعتقد جازمًا أن الولايات المتحدة الأمريكية مشاركة في هذا العدوان، فدراسة واقع الردود والاعتداءات تُبيّن أن ما يجري ليس بمقدور دولة الاحتلال تنفيذه دون مساعدة، وهذا واضح.
وأضاف أن ما يهم أكثر هو سلوك إيران، والتي تمرّ بوضع لا تُحسد عليه؛ فمن جهة، لا تريد أن يخرج الصراع عن السيطرة أو أن تتدخل دول أخرى غير الولايات المتحدة، خاصة مع التجييش الحاصل في المنطقة، ووجود البوارج والسفن الحربية، وهي لا ترغب في رد قد يُبرر لهذه الدول المشاركة الفعلية والشاملة في الحرب.
ومن جهة أخرى، تسعى إيران إلى دفع العدوان عن نفسها والمقاومة، رغم أن السيطرة الجوية هي بيد الدول الغربية، وليست بيد إسرائيل.
وقال:"إن القواعد الأمريكية تشارك في هذا العدوان بطريقة أو بأخرى، وسنكشف المزيد من المعلومات في الأيام القادمة".
وحول ما هو منتظر لقطاع غزة في ظل التطورات المتسارعة في المنطقة والإقليم، علّق عمرو بأن الاهتمام الإعلامي بغزة بدأ يتراجع، وأصبح محاصرًا أكثر، في ظل انقطاع وسائل الاتصال والإنترنت.
وتابع عمرو ولا يزال كيان الاحتلال، بكل صلف وعنصرية، يمارس إبادة جماعية. وإلى جانب ذلك، أنشأ مراكز “صيد” للمدنيين تحت مسمى “مراكز المساعدات”، حيث تُنفّذ يوميًا إعدامات ميدانية لأكثر من 100 شخص في قطاع غزة وشمال الضفة الغربية.
وأوضح أن الإعلام حتى الآن منشغل بجدول أعمال آخر، معتبرًا أن الانشغالات القادمة قد تدفع الاحتلال إلى تهدئة جبهتَي الضفة الغربية وغزة، وفقًا لما يسمونه "أولويات" .
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها