بقلم: إسراء غوراني

منذ قرابة خمسة أشهر، تشهد مخيمات شمال الضفة الغربية تصاعدًا كبيرًا في عدوان الاحتلال، خاصةً مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس، والتي زاد عدد النازحين منها عن 50 ألف نازح، فيما تواصل قوات الاحتلال أعمال تدمير المنازل والمباني والبنية التحتية، وسط مخططات لتغيير بنية المخيمات وطمس معالمها.

وشهدت الأيام الأخيرة إخطارات جديدة بهدم أكثر من مئة منزل في مخيم جنين، بالإضافة إلى مئات المنازل والمنشآت التي هدمت سابقا منذ بداية العدوان المتواصل مطلع العام الحالي، حيث تشير التقديرات إلى أن العدوان المستمر منذ خمسة أشهر أحدث دمارًا في حوالي 600 منزل ومنشأة في المخيم بشكل جزئي أو كلي.

كما تصاعدت عمليات الهدم في مخيمي طولكرم ونور شمس واتسعت رقعتها، حيث تواصل جرافات الاحتلال منذ ستة أيام أعمال هدم لعشرات المباني السكنية في حارتي البلاونة والعكاشة في مخيم طولكرم، تنفيذًا لمخطط الاحتلال لهدم 106 مبانٍ في مخيمي طولكرم ونور شمس، منها 58 مبنى في مخيم طولكرم وحده، تضم أكثر من 250 وحدة سكنية وعشرات المنشآت التجارية.

وكان مخيم نور شمس قد شهد خلال الأيام الماضية عمليات هدم متواصلة للمباني السكنية، أسفرت عن هدم أكثر من 20 مبنى، ضمن خطط الاحتلال لهدم 48 مبنى في نور شمس، بذريعة فتح طرق وتغيير معالم المخيمين، فيما تواصل قوات الاحتلال فرض حصار مطبق عليهما، وتمنع الأهالي من الوصول إلى منازلهم لتفقدها أو أخذ مقتنياتهم، مع إطلاق النار المباشر على كل من يحاول الاقتراب.

ووفقًا لآخر المعطيات، فقد أدى التصعيد إلى تهجير أكثر من 5 آلاف عائلة من المخيمين، أي ما يزيد على 25 ألف مواطن، وتدمير ما لا يقل عن 400 منزل تدميرًا كليًا، و2573 منزلاً تضررت جزئيًا.

كما شهدت الفترة الأخيرة تطورات تدل على نية الاحتلال توسيع رقعة استهدافه للمخيمات لتطال مخيمات أخرى في الضفة وعدم اقتصارها على مخيمات الشمال، حيث أخطرت سلطات الاحتلال، الثلاثاء، بهدم خمسة منازل ومسجد في مخيم الجلزون شمال رام الله، بالإضافة إلى ازدياد وتيرة الاقتحامات والانتهاكات في مخيمات أخرى.

في هذا السياق، أشار مدير عام المخيمات في دائرة شؤون اللاجئين بمنظمة التحرير محمد عليان إلى أن الإخطارات الأخيرة بهدم مئة منزل في مخيم جنين وتوسيع عمليات الهدم في مخيمي طولكرم ونور شمس ليست الأولى، فهناك مئات المنازل والمنشآت التي تعرضت للتدمير والهدم منذ بداية العدوان على المخيمات مطلع العام الحالي، وهناك سلسلة من الاستهدافات التي طالت مخيمات شمال الضفة، وخاصة جنين وطولكرم ونور شمس.

وأوضح أن الاحتلال يهدف بالدرجة الأولى من وراء ذلك إلى تهجير المواطنين، فالتهجير هو الهدف الأساسي من كل العدوان الذي يشنه الاحتلال على شعبنا سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية.

وأضاف: أن عدوان الاحتلال لا يقتصر على هدم المنازل فقط، بل يعمل على تجريف الشوارع لتغيير جغرافية المخيمات وطمس معالمها باعتبارها شواهد على نكبة عام 1948، وبالتالي استهداف رمزية المخيمات ومكانتها في هذا المجال.

كما تطرق إلى تزامن عدوان الاحتلال على مخيمات اللاجئين مع استهداف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" وسن القوانين لحظر عملها، مؤكدًا أن استهداف وكالة الغوث هو استهداف لقضية اللاجئين لإنهائها وإنهاء حق العودة، فالأونروا بالإضافة إلى دورها الإغاثي تمثل الاعتراف الدولي بقضية اللاجئين.

وأعرب عليان عن تخوفه من امتداد العدوان على المخيمات ليشمل كافة مخيمات الضفة وليس فقط مخيمات الشمال، ومثال ذلك ما جرى يوم الثلاثاء، بإخطار خمسة منازل ومسجد بالهدم في مخيم الجلزون شمال رام الله.

كما نوه إلى أن الاحتلال نفذ في الآونة الأخيرة العديد من الاقتحامات لمخيمات وسط وجنوب الضفة، وتم خلالها أخذ قياسات للمنازل والشوارع، وهو ما يوحي بوجود مخطط لتكرار ما يجري في مخيمات شمال الضفة مع هذه المخيمات.

وتشير آخر المعطيات الرسمية لدى دائرة شؤون اللاجئين حول الانتهاكات الإسرائيلية في مخيمات اللاجئين بالضفة الغربية منذ بداية العدوان على قطاع غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 إلى استشهاد 414 مواطنًا في مخيمات الضفة، (من أصل 986 شهيدًا في كل الضفة)، و1390 جريحًا، و2540 حالة اعتقال، و1067 اقتحامًا، كما تم توثيق تدمير 1540 مبنى، ونزوح أكثر من 52 ألف مواطن من المخيمات.

وكانت قوات الاحتلال قد شنت عدوانًا واسعًا على شمال الضفة الغربية، بدأ بمدينة جنين ومخيمها في 21 كانون الثاني/يناير وتوسعت لاحقًا إلى مدينة طولكرم ومخيميها (طولكرم، ونور شمس)، كما شمل محافظة طوباس ومخيمها (مخيم الفارعة).

ويعد هذا العدوان الأطول والأوسع في الضفة الغربية منذ عدوان عام 2002 إبان انتفاضة الأقصى.