تفرض إسرائيل حصارًا خانقًا على شعبنا في قطاع غزة، وتمنع إدخال المساعدات الإنسانية، بل وحوّلت مراكز توزيع المساعدات إلى مراكز موت، تخطف أرواح الجائعين الباحثين عن كسرة خبز مغمّسة بالدم والخذلان. وعلى الجانب الآخر، تعترض إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، محاولات كسر الحصار.

وللحديث أكثر عن هذه التطورات، استضافت الإعلامية زينب أبو ضاهر، عبر تطبيق زووم، المتحدثَ باسم حركة "فتح"، الدكتور ماهر النمورة.

افتتح ماهر النمورة حديثه بالإشارة إلى أن ما جرى مع سفينة مادلين يجسّد الوجه الحقيقي للاحتلال الإسرائيلي، الذي أعدّ العدة لمنع وصول السفينة وطاقمها والمتضامنين على متنها، رغم أن هدفهم إنساني بحت يتمثل في إيصال رسالة تضامن مع الشعب الفلسطيني المحاصر. وقد حظيت هذه المبادرة بمتابعة واسعة على مستوى العالم، من أوروبا إلى أمريكا وآسيا وأفريقيا، كونها شكّلت خطوة رمزية جريئة تسعى لكسر الحصار عن غزة، وتؤكد أن الفلسطينيين يتعرضون لقتل جماعي وإبادة ممنهجة. إلا أن الاحتلال، بعقيدته العنصرية ونهجه المتطرف، اقتحم السفينة واعتقل المتضامنين وطاقمها واقتادهم بالقوة إلى شواطئ فلسطين المحتلة عام 1948، في مخالفة صارخة للقانون الدولي، الذي يضمن الحق في التضامن والعمل الإنساني لحماية المدنيين.

وأشار النمورة إلى أن إسرائيل تمتلك ماكينة إعلامية ضخمة تُضلل الرأي العام، وتعمل على قلب الحقائق وتزييف الوقائع، إلا أن العالم لم يعد ينخدع بتلك الرواية. فالصورة الحقيقية باتت واضحة، شعب فلسطيني أعزل يتعرض لحرب إبادة جماعية منذ أكثر من 19 شهرًا، باستخدام طائرات حربية أمريكية الصنع، وقذائف ذكية تستهدف البشر والحجر والشجر في قطاع غزة. ورغم محاولات الاحتلال لتشويه الحقائق، فإن الحملة التضامنية الدولية مع الشعب الفلسطيني تتسع يومًا بعد يوم، وتعبّر عن رفض عالمي غير مسبوق لممارسات إسرائيل الإجرامية بحق الإنسانية.

وجّه ماهر النمورة، باسم حركة فتح، تحية إلى الشعب التونسي وإلى جميع المتضامنين من تونس والجزائر والدول العربية والأجنبية، الذين يسعون لإيصال رسالة دعم إنساني وأخوي لشعبنا الفلسطيني. وأشاد بمبادرة “قافلة الصمود الطبية” التي انطلقت من شارع محمد الخامس في العاصمة تونس بمشاركة أكثر من 7700 متضامن وعشرات الحافلات، والتي تشق طريقها برًا عبر ليبيا إلى مصر، وصولًا إلى معبر رفح. وقد شهدت القافلة وداعًا حافلًا في تونس، واستقبالًا شعبيًا واسعًا في المدن التي مرّت بها، حيث رُفعت الأعلام الفلسطينية وأُلقيت الورود على المتضامنين.

وأكد النمورة أن هذه المبادرة تحمل رسالة قوية للعالم بأن القضية الفلسطينية لا تزال تحظى بتضامن واسع، رغم توقعاته بأن الاحتلال الإسرائيلي سيمنع دخول المتضامنين إلى غزة. وبيّن أن هذا المنع، رغم طبيعته العنصرية، سيعود بأثر سلبي على الاحتلال، إذ يُظهر وجهه الحقيقي أمام الرأي العام العالمي، ويعزز من حالة التضامن والدعم الشعبي العربي والدولي مع شعبنا الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة.

وأكّد ماهر النمورة أن سياسة التجويع التي تنتهجها إسرائيل تهدف إلى إخضاع شعبنا الفلسطيني وتهجيره من قطاع غزة تحت ضغط القصف والجوع، معتقدةً أن أبناء شعبنا سيرفعون الراية البيضاء ويطلبون الهجرة، وهو ما لن يتحقق للاحتلال ولا لقياداته. وشدّد على صمود شعبنا الفلسطيني وثباته بإرادة قوية، لكنه دعا في المقابل إلى موقف دولي حازم يلجم الاحتلال ويُجبره على وقف فوري للحرب، خاصة من الولايات المتحدة الأمريكية، التي تُعد الداعم الأكبر لإسرائيل عسكريًا وسياسيًا وماليًا. وطالب واشنطن بالكفّ عن استخدام الفيتو الذي يمنع إقرار أي حقوق للشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن هذا الموقف الأمريكي تسبب بفشل العديد من القرارات الدولية الداعمة للقضية الفلسطينية.

استهجن ماهر النمورة تجاهل الرئيس الأمريكي ترامب لمعاناة الشعب الفلسطيني، حيث يركّز حديثه على المحتجزين الإسرائيليين ويتغاضى عن أكثر من 15,000 أسير فلسطيني، وعن معاناة أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون في ظروف قسرية داخل كنتونات مغلقة بفعل الحصار والتهجير والنزوح، ويتعرضون للقصف في مدارس الأونروا والمساجد والكنائس. وأكد أن هذا الواقع المأساوي يستدعي من واشنطن، ومن الرئيس الأمريكي تحديدًا، موقفًا إنسانيًا واضحًا ينحاز للعدالة.

وقال: "كنا ننتظر من الإدارة الأمريكية بدعم خطوات حقيقية تؤدي إلى وقف العدوان، وإتمام عملية تبادل الأسرى، وإدخال المساعدات الإنسانية، وهو ما طالب به الرئيس الفلسطيني محمود عباس منذ بدء العدوان". 

وفي الختام، شدد النمورة على ضرورة تمكين السلطة الوطنية الفلسطينية من بسط سيطرتها الأمنية والقانونية على غزة والضفة، لبدء مرحلة جديدة تُوحّد النظام السياسي الفلسطيني تحت راية واحدة، وقانون واحد، وسلاح شرعي واحد، يمثل إرادة الشعب بكل أطيافه.