يحلّ عيد الأضحى وشعبنا يُباد بشتى الوسائل، وسط عجز أُريق أمامه دم كل المواثيق الإنسانية والحقوقية. المجازر مستمرة، والمجاعة تفتك بالسكان. هذا المشهد ناقشته الإعلامية مريم سليمان عبر قناة فلسطيننا مع عضو المجلس الاستشاري لحركة فتح، السفير مروان طوباسي.

 بدايةً أوضح طوباسي أن أول أيام عيد الأضحى كانت مؤلمة لشعبنا بسبب استمرار المجازر في غزة، التي لم تقتصر على شعبنا الفلسطيني فقط، بل شملت أيضًا الشعب اللبناني الشقيق في الضاحية الجنوبية رغم وجود اتفاق لوقف إطلاق النار. وأكد أن حكومة نتنياهو الإسرائيلية لا تلتزم بالاتفاقيات، بل تزيد من تصعيد الاعتداءات ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني، مستغلة الأزمات الداخلية مثل الخلاف حول تجنيد الحريديم للهروب إلى سياسة توسيع رقعة الحرب، بدعم وغطاء أميركي كامل، خصوصًا بعد فيتو واشنطن على قرارات وقف الحرب وإدخال المساعدات الإنسانية.

وأشار طوباسي إلى أن الموقف الأميركي يكرس استمرار الاحتلال والسياسات الإجرامية التي تمارس ضد شعبنا الفلسطيني وشعوب المنطقة، مما يمنح نتنياهو غطاءً لتصعيد العدوان في غزة ولبنان وربما ضد إيران واليمن. وأضاف أن هذا التصعيد جزء من رؤية أوسع تنسجم مع مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي يسعى لتثبيت “إسرائيل الكبرى” عبر توسيع الاستيطان في الضفة الغربية، في ظل تحالف استراتيجي أميركي-إسرائيلي واضح، يُعزز هيمنة إسرائيل في المنطقة.

أوضح أن الولايات المتحدة لم تسعَ لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي منذ بداية الاحتلال عام 1967، بل سعَت فقط لإدارته عبر مبادرات غير واقعية تفتقر إلى العدالة وحقوق شعبنا، دون تنفيذ حق تقرير المصير. مشددًا على أنَّ هذا يتماشى مع رؤية “الشرق الأوسط الجديد” التي تسعى إليها الإدارة الأمريكية، والتي تتضمن إعادة رسم الخارطة السياسية للمنطة عبر تفتيت الدول القائمة، كما يظهر في سوريا ولبنان وغزة والضفة الغربية.

وأشار إلى وجود تحالف استراتيجي عميق بين الولايات المتحدة وإسرائيل قائم على مبدأ التطهير العرقي، الذي مارسته أمريكا ضد السكان الأصليين، وتتبناه إسرائيل تجاه شعبنا منذ 1948 وحتى اليوم، مع محاولات دفع سكان غزة والضفة إلى التهجير القسري. لذلك، لا يمكن اعتبار الموقف الأمريكي حياديًا تجاه إسرائيل، فالمصالح مشتركة، وإسرائيل تمثل الذراع الإمبريالية الغربية في المنطقة. وبالنسبة لمفاوضات ويتكوف، فهي تمثل تراجعًا ينسجم مع الشروط الإسرائيلية، ولا يُعول عليها في تحقيق الحقوق الفلسطينية.

قال طوباسي: "إن ما يجري حاليًا يهدف أولًا إلى حماية الشعب الفلسطيني من مزيد من جرائم الاحتلال التي يتحمل مسؤوليتها كاملة في هذه المحرقة التي تعد من أبشع جرائم القرن الحادي والعشرين"، وتوقع أن نتنياهو سيصعد من عدوانه في الأيام القادمة. وأكد أن تصريحات الاحتلال ليست عبثًا، بل تنبع من قناعة ورؤية أيديولوجية صهيونية دينية تسعى إلى فرض السيطرة الكاملة على الضفة الغربية، التي يسمونها يهودا والسامرة، والقدس عاصمة أبدية لإسرائيل، بالإضافة إلى الأغوار التي تخضع بنسبة كبيرة لسيطرة الاحتلال. وأوضح أن هناك مخططًا إسرائيليًا واضحًا يدعمه الموقف الأمريكي، يهدف إلى إقامة  إسرائيل الكبرى عبر توسيع المستوطنات وبناء الجدار العنصري وتطبيق قوانين مزدوجة تميز بين المستوطنين والمواطنين الفلسطينيين، منتهكين الاتفاقيات الموقعة مثل أوسلو. وشدد على أن مبدأ حل الدولتين لن يكون قابلاً للتنفيذ إلا باعتراف حقيقي بالدولة الفلسطينية، وهو أمر غائب بسبب غياب الإرادة الجدية من الغرب والولايات المتحدة وأوروبا، حيث تفشل الجهود الأوروبية بسبب صعود اليمين وعدم وجود موقف موحد داخل الاتحاد الأوروبي.

وأضاف طوباسي أن هناك اجتماعات تحضيرية تُجرى في باريس، وسيعقد الاجتماع في حزيران القادم في واشنطن، لكنه لا يعتقد أن هذه المناقشات ستؤدي إلى أي نتائج ملموسة دون التأكيد على حق تقرير المصير. وأكد أن حق تقرير المصير لا يمكن تحقيقه إلا بعد إنهاء الاحتلال، متسائلاً عن فائدة الحديث عن حل الدولتين ونحن لا نزال تحت الاحتلال، مشددًا على أن الاحتلال يجب أن ينتهي أولًا قبل أي خطوة أخرى.

وفي الختام أكد طوباسي على ضرورة إجراء مراجعة وطنية شاملة لمسار العملية السياسية، بهدف تقييم البدائل والخيارات المطروحة المتعلقة بمبدأ حل الدولتين.