عيدٌ تفوحُ بهِ رائحةُ المسكِ والعنبرِ ...
لكأنّهُ قادمٌ من ندى الجرحِ، ..
من وهجِ دمِ الشهيدِ العاطرِ، ..
ينسكبُ على عتباتِ الأقصى، ..
وفي شقوقِ الحواجزِ ...
وتجاعيدِ الطرقاتِ المشتعلةِ ..
بنبضِ العابرين....
***
عيدٌ... ليس كأيِّ عيد، ...
صَهْيُونُ فيهِ اغتالَ المعنى، ...
وصادرَ الأملَ، ..
وكمّمَ التكبيراتِ في مآذنِنا، ...
لكنه عيدٌ...
نقيمُ فيهِ الشعائرَ رغمَ الألم، ...
نُعلي فيهِ رايةَ اللهِ في أرضٍ...
لا تزالُ تنزفُ ..
على مرأى العالَمِ الأخرس...
***
أتى العيدُ مكلومًا، ...
يلفُّ خاصرتَهُ الضياع، ...
ويخطُّ فوقَ جبينِه...
سؤالَ الغيابِ...
أينَ الوطن....؟
أينَ الجدارُ الذي كنا نتكئُ عليهِ ...
ونرسمُ عليهِ أسماءَ أحبّائنا الراحلين...؟
***
عيدٌ...
ليس زينةً، ..
ولا ملابسَ جديدة، ...
هو ذاكرةٌ معجونةٌ بالدمِ، ...
ومدىً مكتظٌ بالوصايا، ...
عيدٌ يُشبهُ الحصارَ، ...
لكنه يَحملُ العنادَ ...
يحملُ في خُطاهُ وعدًا ...
لا يموتُ ..
وإنْ تاهَ في الطريق ....
***
حين نُعانقُ أنفسَنا بالمعايدة، ...
نهمسُ للعيدِ بصمتٍ موجع:...
بأيِّ حالٍ عُدتَ يا عيد...؟
هل جئتَ بالفرجِ ...
أم تحملُ خرائطَ تقسيمِ الوجع...؟
***
ورغمَ كلِّ شيء، ...
نُحيي مجيئك، ...
ونزدادُ فيكَ ثباتًا، ...
نزدادُ عِشقًا لحياةٍ لا تُهان، ...
نزدادُ توقًا للرجوعِ إلى تُرابكَ، ...
يا وطنَنا المنثورِ على الجهاتِ الأربعة ...
***
عيدٌ...
تفوحُ منهُ رائحةُ الأرضِ المُحتلة، ...
المَسكِ...
والعنبرِ...
والفسفور الأبيضِ أيضًا، ...
ورائحةُ الطفلِ الذي ارتقى ...
وهو يحتضنُ رغيفَ خبزٍ لا يكفي ...
***
تعطّرَ هواؤكَ بالذكريات، ...
فأقمنا عرسكَ فوقَ الرماد، ...
زرعنا الزهورَ في شقوقِ الجدرانِ، ...
من رُبى الخليلِ...
إلى غيماتِ غزةَ ...
إلى سَماواتِ جنينْ...
***
عيدٌ نراهُ في عيونِ الصغارِ ...
وقد نَسوا أسماءَ ألعابِهم، ...
وفي نظراتِ الأمهاتِ...
وهنَّ يُخيطْنَ الأملَ ...
على حوافِّ الثوبِ الممزق...
***
لكنا نقول:
سيكونُ هذا العيدُ ...
للنصرِ، لا للمأتم، ...
للقاء، لا للفقد، ...
للحبِّ...
للحياة...
لفلسطين ....!
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها