بقلم: حاتم أبو دقة
يجلس المواطن علي المغربي (71 عامًا) أمام الخيمة التي لجأ إليها في خان يونس، بعد نزوحه من مدينة رفح، جنوب القطاع، في أول أيام عيد الأضحى المبارك، يراقب أحفاده الأربعة الذين باتوا أيتامًا عقب استشهاد والدهم ووالدتهم خلال حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة على القطاع منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
ويقول المغربي: "هذه الحرب خطفت نجلي البكر وزوجته، وتركوا خلفهم أربعة أطفال أكبرهم لا يتجاوز الـ13 عامًا"، مضيفًا أن الاحتلال فرض واقعًا جديدًا عندما حوّل فرحة الأطفال بالأعياد إلى حزن على فقدان أمهاتهم وآبائهم.
ويتابع: "بدلاً من الاحتفال بالأضاحي التي كانت خلال السنوات التي سبقت الحرب تملأ الشوارع أمام المنازل التي اختفت كذلك بفعل عمليات التدمير التي شنها الاحتلال على القطاع، تسيل دماء الشهداء في الشوارع وتنتشر الجثامين تحت الأنقاض في مختلف أنحاء القطاع".
ويضيف: "كنّا في يوم عرفة نذهب إلى المزرعة ونأتي بالعجل، ويتم ربطه أمام المنزل لنرسم الفرحة على وجوه الأطفال الذين ينتظرون مثل هذا اليوم بفارغ الصبر، لكن الاحتلال حوّل طقوس الغزيين من فرحة إلى حزن".
وتضرع المغربي إلى الله بأن تنتهي هذه الحرب التي دمرت كل شيء في حياة الغزيين وحرمتهم من العيش في أمان كباقي شعوب العالم.
أما المواطن أبو تحرير أبو دقة (68 عامًا)، النازح من بلدة عبسان الكبيرة شرق خان يونس، فلم يجد جوابًا ليقنع به حفيديه الطفلين أشرف وريتال حول سبب غياب أمهما، التي مضى على استشهادها ثمانية أشهر.
ويقول أبو دقة والدموع تذرف من عينيه: "اعتادا في مثل هذا اليوم أن تلبسهما أمهما ملابس العيد بانتظار الفرح بقدوم العجل ولكن الاحتلال المجرم حرمهما منها ومن فرحة العيد وطقوسه".
ويتساءل: "ما ذنب الأطفال ليفقدوا حضن أمهم ويحرموا من فرحة العيد كباقي أطفال العالم؟".
ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي كان يعاني منها القطاع بفعل الحصار خلال السنوات التي سبقت الحرب، إلا أن غالبية المواطنين كانوا يحرصون على شراء الأضحية قبل العيد بأيام عدة ليرسموا الفرحة على وجوه أطفالهم.
ومنذ بدء الحرب، ارتفعت أسعار اللحوم بشكل خيالي إلى درجة اختفائها من الأسواق، بعد أن دمرت قوات الاحتلال كافة المزارع وقتلت ما بداخلها وبقي القليل منها.
ويقول تاجر الأغنام والعجول، النازح من بلدة القرارة سامي اللحام: إن عدد الأغنام والعجول المتوفر لا يشكّل 5% من الوضع الطبيعي بسبب استهداف الاحتلال للمزارع والأراضي الزراعية وتدمير كل مقومات الحياة.
ويشير اللحام، إلى أن الاحتلال حرص على قتل كل ما هو حي في القطاع، منوها إلى انعدام الثروة الحيوانية أدى إلى ارتفاع أسعارها بشكل جنوني، حيث بلغ سعر كيلو الخروف حي 230 شيقلاً، فيما بلغ سعر كيلو لحم الجمل حي 150 شيقلاً، بينما اختفت العجول بشكل تام.
ويوضح اللحام أنه كان خلال موسم العيد يبيع أكثر من 500 رأس من العجول والابقار لزبائنه، مشيرًا إلى أن غالبية المواطنين في القطاع لم يعرفوا طعم اللحم منذ بداية الحرب، والمحظوظ منهم من كان يتمكن من شراء اللحوم المجمدة عندما كانت متوفرة خلال فترة "وقف العدوان".
وعيد اليوم هو الرابع الذي يحل على غزة التي تمر بأوضاع كارثية جراء حرب الإبادة التي خلفت أكثر من 180 ألف شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال، فضلاً عن دمار واسع.
وتشير التقديرات إلى أن عدد الأطفال الذين فقدوا أحد والديهم أو كليهما في قطاع غزة بلغ نحو 37 ألف طفل.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها