القرى تُحاصر، والشباب يُعتقلون، والمنازل تُهدم في ظل تصعيد غير مسبوق من قِبل الاحتلال ومستوطنيه، وبغطاء سياسي وأمني كامل. هذا المشهد في الضفة الغربية ناقشته الإعلامية مريم سليمان عبر قناة فلسطيننا مع المستشار القانوني لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان، الأخ عايد مرار.

بدايةً أكد مرار أن الاحتلال الإسرائيلي مشروع استيطاني إحلالي منذ نشأته، يهدف إلى استبدال شعبٍ مكان شعب، ولا يستطيع بناء دولته دون السيطرة على الأرض. لذلك، يسعى باستمرار إلى مصادرة الأراضي الفلسطينية، وتوسيع الاستيطان، وهدم منازل أبناء شعبنا وطردهم، بالتوازي مع بناء المستوطنات وجلب المستوطنين من مختلف أنحاء العالم. هذه السياسة ليست وليدة اليوم، بل تتسارع أو تتباطأ تبعًا للظروف، لكنها تبقى مشروعًا استراتيجيًا ثابتًا يتجاوز تغير الحكومات، ويُنفّذ يوميًا وبمنهجية متواصلة.

كما أشار إلى أن الإجراءات الإسرائيلية في الضفة الغربية وصلت إلى مستويات غير مسبوقة من التصعيد، مستفيدة من صمت المجتمع الدولي وتواطئه، خاصة في ظل حرب الإبادة الجارية في غزة. مؤكدًا على أن الاحتلال، الذي لم يُردع ولم يُحاسَب، يمعن في الجرائم، مستغلًا غياب المواقف الحاسمة حتى من الدول التي تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان. ومع ذلك، ورغم تغول المشروع الاستيطاني وسيطرته على الأرض، فإنه لا يملك السيطرة على الإرادة الفلسطينية، ولا على انتماء الشعب الفلسطيني لأرضه، الذي سيظل متشبثًا بها مهما بلغت وحشية الاحتلال.

وأشار إلى التصريحات الإسرائيلية، كقول وزير الحرب إن "توسيع الاستيطان رسالة لماكرون وأصدقائه"، تعكس الغطرسة والصلف في التعامل مع الموقف الدولي، رغم التحولات التي يشهدها العالم لصالح القضية الفلسطينية. فبعض الدول بدأت تتجه نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية نتيجة لجرائم الاحتلال والجهود السياسية الفلسطينية الرسمية. إلا أن الاحتلال لا يزال يتعامل بازدراء مع هذه التحركات، ويواصل فرض وقائع استيطانية على الأرض، متحديًا المجتمع الدولي، وكما عبّر السفير الأمريكي حين اقترح على ماكرون “بناء دولة فلسطينية في الريفيرا”، في تجاهل سافر للواقع وحقوق شعبنا الفلسطيني. ومع ذلك، فإن هذا الاحتلال، بجرائمه المتواصلة، بات عبئًا أخلاقيًا وإنسانيًا على العالم كله، وليس فقط على الفلسطينيين.

وعلى الصعيد الداخلي، أكد على أن القوى المتطرفة تسيطر على مفاصل الحكم في إسرائيل، حيث يتحكم المستوطنون بالقرار السياسي، ويملكون القدرة على إسقاط نتنياهو وإرساله إلى السجن، وهو المهدد بعدة ملفات، من بينها ما جرى في 7 أكتوبر. مؤكدًا على أن هذه الحكومة تعتمد على دعم شخصيات كسموتريتش وبن غفير، رغم أن استطلاعات الرأي لا تمنحهما أي فرصة للعودة إلى الكنيست، ما يدفعهما لتسريع تنفيذ أجنداتهما المتطرفة، التي تقوم على طرد شعبنا من الضفة وغزة والقدس، تحت شعارات علنية مثل “لا مستقبل لكم في فلسطين”. لكن التاريخ لا يستثني الطغاة من مصيره، ومآلهم الزوال مهما بلغت سطوتهم.

أكد أن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان تعمل ضد الاستيطان على ثلاثة مستويات، أولها المستوى القانوني، الذي يشمل متابعة القضايا أمام المحاكم الإسرائيلية المختلفة، ليس إيمانًا بعدالتها، بل لأنها الجهة الوحيدة المتاحة قانونيًا للتعامل مع العقارات الفلسطينية المهددة. كما تملك الهيئة ملفات في محكمة الجنايات الدولية وأخرى في محاكم دول أجنبية ينتمي بعض المستوطنين لجنسياتها، وقد حققت بعض النجاحات في هذا الجانب. ويقوم محامو الهيئة بمتابعة جميع قضايا الهدم والمصادرة والاعتداءات بدقة، في محاولة لإنقاذ ما يمكن من الأراضي والعقارات الفلسطينية.

أما المستوى الثاني، فهو دعم صمود المواطن الفلسطيني المتضرر من السياسات الإسرائيلية، عبر تقديم ما يمكن من مساعدات رغم صعوبة الوضعين الاقتصادي والرسمي. والمستوى الثالث يتمثل في العمل الشعبي، الذي تراجعت وتيرته بسبب تصاعد العنف الإسرائيلي، خاصة بعد السابع من أكتوبر، لكنه لم ينطفئ وما زال يتطور. كما يوجد مستوى مهم من التوثيق، حيث تمتلك الهيئة مركز معلومات يُعنى برصد وتوثيق كافة الانتهاكات الإسرائيلية بحق شعبنا.