تزامنا مع إمعان الاحتلال في عدوانه على قطاع غزة تشهد الضفة الغربية عدوانا صامتا يلتهم أرضها ويسرق هويتها ويضيق الخناق على أبناء شعبنا في سعي لاجبارهم على الهجرة من وطنهم إلى المجهول، وفي سياق هذا التصعيد استضافت الإعلامية زينب أبو ضاهر في حلقة خاصة عبر الزوم القيادي في حركه فتح جميل مطور.
بدايةً أكد مطور، أن التصعيد الإسرائيلي الأخير في الضفة الغربية يتميز بكونه غير مسبوق على الصعد العسكرية والسياسية والاقتصادية، ويعكس نوايا قديمة مخططة تهدف إلى ابتلاع الضفة الغربية وضمها لاسيما من خلال تهجير أكبر عدد ممكن من أبناء الشعب الفلسطيني.
وأشار مطور إلى أن الحكومة الإسرائيلية الحالية، المكونة من أحزاب يمينية متطرفة واستيطانية، تعمل على تضييق الخناق على شعبنا، ومصادرة الأراضي، وإقامة شوارع التفافية تخدم المستوطنين، بالإضافة إلى ترحيل ما يمكن ترحيله من شعبنا من مناطق مختلفة في الضفة.
وشدد مطور على أن الخطورة تكمن في قرارات الاحتلال الأخيرة التي تضمنت إقامة 22 مستوطنة جديدة وتوسيع بعض المستوطنات القائمة، فضلاً عن الاستيلاء على أراضٍ واسعة. كما أشار إلى إقامة شبكة من الطرق والأنفاق مخصصة للمستوطنين فقط، تهدف إلى الفصل العنصري الكامل بين الفلسطينيين والمستوطنين.
ولفت مطور إلى أن هذه السياسات التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية يجب أن تُواجه بخطوات عملية رادعة على مستوى المؤسسات الدولية والأمم المتحدة، إضافةً إلى موقف الدول التي ترفض هذه الانتهاكات.
وأبرز مطور أهمية تعزيز صمود الشعب الفلسطيني بكل مكوناته، عبر جميع الوسائل الممكنة، لمواجهة هذه التصعيدات التي تستهدف وجودهم وحقوقهم.
وأكد مطور، على أن الحكومة الإسرائيلية التي يقودها بنيامين نتنياهو تسعى بشكل واضح وحازم لضرب فكرة إقامة دولة فلسطينية مستقلة متصلة جغرافيًا وديموغرافيًا على أراضي عام 1967، بما فيها الضفة الغربية وقطاع غزة وشرقي القدس. وأشار إلى أن استمرار الحرب في غزة، وتعميق الانقسام الفلسطيني بين الضفة وغزة، والحصار المالي والسياسي على السلطة الوطنية، جميعها تدخل ضمن خطة إسرائيلية ممنهجة تهدف إلى إحباط إقامة الدولة الفلسطينية.
وأوضح أن الحكومة الإسرائيلية تسابق الزمن على الأرض من خلال توسيع الاستيطان، فرض القوانين العسكرية الجائرة، وتشديد الحصار والسيطرة، في محاولة لمنع قيام الدولة الفلسطينية. وأكد أن إسرائيل تستخدم سياسة الإرهاب وقوة السلاح لتحقيق هذه الأهداف.
وفيما يتعلق بمنع إسرائيل دخول وفد من السفراء العرب، إلى رام الله للقاء الرئيس محمود عباس والتنسيق بشأن المؤتمر الدولي المقرر، أشار إلى أن هذه الخطوة تعكس رسالة واضحة من إسرائيل للعالم بأنها دولة مارقة لا تعترف بالقوانين الدولية ولا بالاتفاقات الموقعة مع السلطة الفلسطينية.
ونوه على أن هذه الرسالة تحمل تحذيرًا للعرب بأن إسرائيل ترفض أي محاولة لتعزيز السلطة الوطنية الفلسطينية أو التعاون العربي الإقليمي، وتعمل على عرقلة جهود تحقيق السلام.
في سياق الحديث عن المؤتمر الدولي للسلام المزمع عقده في نيويورك برئاسة مشتركة بين فرنسا والمملكة العربية السعودية، أكد مطور أن المؤتمر هام جدًا كمنصة دولية لتحقيق حل سياسي متوازن للقضية الفلسطينية، خاصة بعد موجة العنف الأخيرة في المنطقة.
وشدد على أن حل القضية الفلسطينية على أساس العدل والشرعية الدولية هو السبيل لضمان الاستقرار الإقليمي وحقوق شعبنا في الحرية والاستقلال.
وأشار إلى توقع مشاركة واسعة من الدول في المؤتمر، مع توقع زيادة الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، وتوليد ضغوط على الولايات المتحدة وإسرائيل للامتثال للشرعية الدولية.
وأكد أن أبناء شعبنا يتطلعون إلى أن يؤدي المؤتمر إلى آليات عملية لوقف العدوان الإسرائيلي وبدء عملية سياسية حقيقية تؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية وإعلان استقلالها.
وأشار إلى أن العائق الأساسي ليس في القرارات الدولية أو الإمكانيات السياسية، بل في تجسيد هذا الاستقلال على الأرض. وأكد على ضرورة إدارة المؤتمر بحكمة وبمبدأ الاستمرارية لضمان العمل المستمر نحو تحقيق حل الدولتين وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
وشدد على أن أبناء شعبنا لا يرغبون في انتظار سنوات طويلة أخرى من الحروب والصراعات، وأن الوقت قد حان لتحقق الشعوب في المنطقة، وعلى رأسها الشعب الفلسطيني، الحرية والاستقلال والعيش بكرامة مثل باقي شعوب العالم.
وتابع مطور مؤكدًا على أهمية المؤتمر الدولي الذي يضم حشودًا كبيرة من الدول الوازنة، مشيرًا إلى أن القرارات التي ستصدر عنه قد تحمل وزنًا فعليًا في دعم إقامة الدولة الفلسطينية. وأوضح أن رفض الإدارة الأمريكية والإسرائيلي لإقامة الدولة لا يقلل من أهمية المؤتمر، بل على العكس، فإنه يمثل أداة ضغط قوية على واشنطن لتعديل مواقفها، خاصة في ظل عزل الاحتلال الإسرائيلي المتزايد دوليًا نتيجة ممارساته المستمرة.
وأشار إلى أن دعم المجتمع الدولي لقضية فلسطين وتحولها إلى قضية رأي عام أممي يفرض على الولايات المتحدة مراجعة مواقفها السياسية، لأن استمرارها في الدعم المطلق للاحتلال سيزيد من عزلة أميركا ويفاقم المشكلات الإقليمية. وأكد أن دول المنطقة، خاصة السعودية، تربط علاقاتها مع واشنطن بحل القضية الفلسطينية، وهو ما يجعل المؤتمر وتحركات المجتمع الدولي حدثًا ذا أهمية كبيرة وتأثير مرتقب.
كما وأشار أيضًا إلى أن الاعترافات التي ستصدر عن دول كبرى مثل بريطانيا وفرنسا وكندا للدولة الفلسطينية ستعزز شرعية القضية وتزيد من الضغط على إسرائيل، مشددًا على أن الخطوات الإسرائيلية بضم أراضٍ أو إقامة مستوطنات لن تنجح في شرعنة الاحتلال، بل ستزيد من فضح ممارساتها أمام العالم.
ونوه إلى أن بعض الدول الأوروبية بدأت تتخذ خطوات عملية ضد إسرائيل، مثل وقف التعاون العسكري كما فعلت إسبانيا، معتبرًا أن هذه التحركات تعكس وعياً متزايدًا بواقع المجازر والانتهاكات الإسرائيلية، وأنها تمثل بداية لفرض عقوبات جدية تشبه تلك التي ساهمت في إسقاط نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
وشدد على أن إسرائيل باتت عبئًا على السلام العالمي والإقليمي، وأنه يتوجب على المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات رادعة لوقف مسلسل الانتهاكات المستمر في الأراضي الفلسطينية.
وأشار مطور إلى أن قطع العلاقات الدبلوماسية بين الدول الأوروبية وإسرائيل قد لا يكون مطروحًا بشكل مباشر في المرحلة الحالية، إلا أن هناك مجالات أكثر تأثيرًا يُمكن من خلالها إحداث ضغط ملموس. وشدد على أن التعاون العلمي، والاقتصادي، والتجاري بين إسرائيل وعدد من دول الاتحاد الأوروبي يشكل ركيزة أساسية في العلاقات الثنائية، وأن تقليص هذا التعاون من شأنه أن يُحدث تأثيرًا فعليًا على السلوك الإسرائيلي.
وأشار إلى أن دولة الاحتلال تعتمد بشكل كبير على شراكاتها الصناعية والعلمية، خاصة مع الدول الغربية، موضحًا أن أي تجميد أو وقف للبرامج المشتركة سيؤثر بشكل مباشر على قطاع التكنولوجيا المتطور الذي يمثل أحد أعمدة الاقتصاد الإسرائيلي. كما أشار إلى أهمية توجيه الضغط عبر الأدوات الاقتصادية، باعتبارها أحد أنجع الوسائل في التأثير على سياسات الاحتلال، أكثر من الخطابات السياسية أو الإدانات الإعلامية.
وفي سياق الحوار أكد مطور على أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تمارس سياسة ممنهجة في قمع كل من يتواجد على أرض فلسطين، لا سيما أولئك الذين يأتون من الخارج تضامناً مع الشعب الفلسطيني. وأشار إلى أن القرار الأخير بإبعاد متضامنتين أجنبيتين من الضفة الغربية بعد اعتقالهما لأيام، يهدف لإرسال رسالة واضحة إلى العالم مفادها أن هذه الحكومة الإسرائيلية لا تحترم أي مواثيق أو أعراف دولية، ولا تقيم وزناً للقيم الإنسانية.
وأوضح أن هؤلاء المتضامنين لم يحملوا السلاح، ولم يشاركوا في أي أعمال عدائية، بل جاؤوا بمشاعرهم ومواقفهم الإنسانية لدعم شعبٍ واقع تحت الاحتلال، ومع ذلك، جرى اعتقالهم وترحيلهم في سلوك يعكس وجه الاحتلال الحقيقي. وأكد أن هذا ليس سلوكاً جديداً، فقد سبق أن قُتلت متضامنة في غزة قبل سنوات، وتم ترحيل واعتقال العديد غيرها. وأضاف أن هذه الانتهاكات تعزز من تفاعل الرأي العام العالمي، خصوصاً الشعبي، تجاه فظائع الاحتلال.
وأشار إلى أن إيرلندا، التي تنتمي إليها إحدى المتضامنتين، لديها مواقف سياسية متقدمة تجاه القضية الفلسطينية، وهو ما يجعل هذا الاعتداء رسالة مباشرة لحكومتها وللاتحاد الأوروبي بضرورة اتخاذ خطوات جادة لوقف الاحتلال الإسرائيلي عند حدّه، خاصة بعد أن اعتدى مؤخراً على دبلوماسيين وسفراء، واستمر في طرد المتضامنين وقتل المدنيين، فضلاً عن تمكين المستوطنين من طرد المزارعين الفلسطينيين ومصادرة ممتلكاتهم.
ونوه مطور الى أن ما يقوم به الاحتلال يمثل خطراً كبيراً، يجب أن يوقظ ضمير العالم الرسمي والشعبي، ويدفع نحو تحرك حاسم يوقف "الغول الاحتلالي المتوحش"، ويفرض حلاً عادلاً للقضية الفلسطينية وفقاً لحل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية.
وفي السياق القانوني، أكد مطور أن المتضامنتين اللتين تم ترحيلهما يمكنهما التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية، أو محكمة العدل الدولية، أو حتى محاكم الاختصاص الوطنية في أوروبا، بحسب كل دولة ونظامها القضائي. وأشار إلى أن هذه الخطوة تفتح باباً للنضال القانوني عبر المؤسسات الأممية، ما قد يسهم في محاسبة إسرائيل على انتهاكاتها لحقوق الإنسان.
وفيما يتعلق بالوضع الإنساني في قطاع غزة، أشار مطور إلى أن الأوضاع هناك وصلت إلى مرحلة كارثية، تستدعي تحركًا عاجلاً من المجتمع الدولي. وأكد خاتمًا على أن مشروع القرار الذي قدمته الجزائر إلى مجلس الأمن الدولي لوقف العدوان الإسرائيلي وإدخال المساعدات بشكل فوري، يُعد خطوة مهمة يجب دعمها دوليًا.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها