يا فارسَ القدسِ،..
هل تسمعُ الأرضَ تناديكَ من دمِها..؟
هل تشهدُ القُبَّةُ الآنَ..
كيف استحالَ الغيابُ..
إلى جُرحٍ يُقيمُ ولا يزول ..؟
***
هل ترى غزَّةَ ..
تكتبُ اسمَكَ بالحِبرِ الناريِّ ..
على جدرانِ المجازر ..؟
هل تسمعُ أنينَ الحجارةِ ..
حين تَغفو النُّصُبُ وتَستفيقُ المدافع ..؟
نفتقدُ فيكَ الوسيطَ النبيل، ..
الذي يجمعُ الشمسَ بالنار، ..
ويَخيطُ على جُرحِ الوطن ..
عباءةَ الصبرِ واليقين...
***
فيصل...
أيها العائدُ في النكبات، ..
في عيونِ الأطفالِ إذ يُهجَّرون ...
ولا يسألون..
سوى عن ظلٍّ كانَ يحتضنُ القدسَ، ..
كما يحتضنُ الفجرُ أسرارَه...
***
كبيرًا كنتَ، ..
يا ابنَ عبد القادر،..
لا تُجاملُ الحلمَ في انكساره، ..
ولا تُخيفُكَ العواصفُ،..
إن قرأتَ التاريخَ ..
فوجدتَ اسمكَ نهرًا عنيدًا ..
يمرُّ بين الجُدرانِ والمآذن...
***
كنتَ تَحملُ القدسَ ..
كما تُحملُ القصيدةُ ..
في صدرِ شاعرٍ لا ينام، ...
وتُقاومُ الإنهاكَ بضحكةِ مُقاتلٍ ...
يَعرفُ أنَّ الأرضَ لا تخون،...
وأنَّ الشهداءَ لا يموتون...
***
كم نفتقدُ اليومَ ..
رصاصَ صمتِك، ..
حين تَتكاثرُ الألسنةُ..
وتنحني الهاماتُ ..
إلا على كرسيِّ وَهم...
***
كم نحتاجُ صوتَكَ ...
ليوقظَ الميادينَ النائمة،...
ويُنقذَ الذاكرةَ..
من خيانةِ النسيان...
***
لكننا نراك، ...
نراكَ في حجارةِ الطور،..
في نداءِ الشيخِ جراح،...
في زيتونِ بيت حنينا،...
وفي كلِّ طريقٍ إلى بابِ العمود....
***
نراكَ في عيونِ اليتامى،...
حينَ يقولون:
"كانَ هنا فارسٌ..."
وحينَ لا يقولون...
فأنتَ فيهم باقٍ، ...
كما تبقى القدسُ ..
في قلبِ من لا يُساوم....
***
نم قريرَ العينِ يا فيصل،...
فرفاقُكَ على العهد،...
وأبناءُ القدسِ لم يُسقطوا الراية،...
والشعبُ الذي أحببتَه...
ما زالَ يُقاومُ وحده،...
ويصنعُ من دمهِ...
غدًا من نور،..
وطلوعًا لا يغيب...
***
فلتطمئنَّ الرُوح،...
فالقدسُ لنا،...
والحقُّ لنا،...
وزيتُ ذكراك،...
لا يزالُ يضيءُ الطريقَ...
إلى القدسِ…
عاصمةٍ أبديةٍ لفلسطين ....