في تغول واستباحة لنواظم آليات عمل الهيئات والمؤسسات التنفيذية والتشريعية والقضائية الإسرائيلية، بهدف الإمساك بقرونها وإخضاعها لمشيئة الحاكم بأمره في دولة إسرائيل النازية، قرر بنيامين نتنياهو تعيين الجنرال ديفيد زيني رئيسًا لجهاز الشاباك أول أمس الخميس 22 أيار/مايو الحالي، في خرق فاضح لآليات التعيين، ودون استشارة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أيال زمير الذي أبلغ بالقرار قبل ثلاث دقائق، ولم يستشر قادة المؤسسة العسكرية الأمنية، والأهم دون الالتزام بقرار المحكمة العليا، ولم يلتفت لقرار المدعية العامة في إسرائيل، والمستشارة القضائية للحكومة غالي باهاراف ميارا، التي اعتبرت مساء الخميس، الآلية التي اتبعها رئيس الائتلاف الحاكم، أنها معيبة، وأضافت: بوجود شكوك جدية في تصرف بيبي في حالة من تضارب المصالح بين آليات التعيين وفق قوانين الدولة اللقيطة والحسابات الشخصية والائتلافية.
وعلى الصعيد ذاته، دعا رئيس المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد الجنرال زيني إلى رفض تولي رئاسة الشين بيت، وكتب على منصة "إكس" أن "نتنياهو في وضع من تضارب خطير للمصالح. أدعو الجنرال زيني إلى الإعلان، أنه لا يستطيع القبول بهذا التعيين، ما دامت المحكمة العليا لم تعلن موقفها من هذه القضية". لا سيما وأنها (المحكمة) رفضت الآلية التي انتهجها رئيس الحكومة في إقالة رنين بار، رئيس جهاز الأمن الداخلي، الذي أعلن في 28 نيسان/إبريل الماضي أنه سيترك منصبه في 15 حزيران/يونيو القادم.
وفي هذا السياق، أعلنت منظمة "الحركة من أجل جودة الحكم في إسرائيل" غير الحكومية اللجوء إلى المحكمة العليا للطعن بتعيين رئيس جديد للشين بيت. وأشار بيان المنظمة أنها "ستقدم التماسًا آخر إلى المحكمة العليا في الأيام المقبلة ضد هذا التعيين غير القانوني، وستواصل الوقوف بحزم ضد محاولات ضرب النظام القانوني وسيادة القانون في إسرائيل".
كما أن رئيس جامعة تل أبيب البروفيسور أرييل بورات أرسل رسالة إلى الجنرال ديفيد زيني دعاه فيها إلى سحب ترشحه لمنصب رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) لمنع الحرب الأهلية وإراقة الدماء، وكتب بورات في رسالته التي نشرت أمس الجمعة 23 مايو الحالي في موقع "واللا" العبري، أن العديد من رؤساء الاقتصاد أعلنوا في الماضي أنه "إذا وصلنا إلى حالة العصيان للمحكمة العليا فإن الاقتصاد سوف ينهار". وبدأ رئيس الجامعة رسالته للجنرال، "جاء هذا القرار مخالفًا لتعليمات المستشار القانوني للحكومة. حتى أن قرار المحكمة العليا بشأن إقالة رئيس الشاباك الحالي هو "فضيحة"، وبالتالي هناك قلق من أنه حتى لو قضت المحكمة بأنه لا ينبغي تعيينك الآن، فإن الحكومة ستوافق على التعيين". وتابع: "إذا حدث هذا، فسيكون تعيينك غير قانوني، وسيكون سلوك الحكومة وقائدها إجراميًا، وقد يؤدي هذا الوضع إلى حرب أهلية وإراقة الدماء". وأضاف: "إذا وصلنا إلى حالة من العصيان للمحكمة العليا، فإن الاقتصاد سينهار". وحث اللواء زيني على عدم قبول التعيين، وفقًا لما ذكره آنفًا وختم رسالته بالقول: "لقد خاطرت بحياتك مرارً وتكرارً لحمايتنا جميعًا، اليوم، تواجه اختبارًا للولاء للوطن ومواطنيه لم يسبق لك أن واجهته، أرجوك أن تمنع كارثة وطنية قد تحل بنا إذا ما خالف تعيينك قرار المحكمة العليا".
وكان العديد من أقطاب المعارضة الإسرائيلية، منهم ايهود باراك، وافيغدور ليبرمان ويائير غولان وغيرهم غمزوا من قناة رئيس الأركان ايال زمير وقادة المؤسسة العسكرية الأمنية، الذين تجاهلهم نتنياهو، وعين الجنرال زيني دون استشارتهم، ودون الإصغاء لقرار المستشار القانوني للحكومة ولا للمحكمة العليا، الأمر الذي سيأخذ إسرائيل إلى مآلات غير محمودة وفقهم.
وكان مكتب نتنياهو صرح أن "عملية تعيين زيني ستتم على مرحلتين: أولاً عرض التعيين على لجنة غرونيس للمناصب العليا، التي تتحقق من النزاهة، للموافقة عليه، وبعد موافقة اللجنة، سيعرض على الحكومة للمصادقة على الترشيح". أضف إلى أن مكتب رئيس الوزراء في ذرائعية مفضوحة، ادعى أن رئيس الحكومة، هو المعني بتعيين القيادات في المناصب العليا، لأن البلاد تواجه العديد من الجبهات. وفي هذه الذريعة يخرق رئيس الائتلاف الحاكم آليات وقوانين التعيين، مما يفاقم من تأجيج الوضع الداخلي في إسرائيل، ويضاعف من الأزمات الداخلية. لكنه لم يعد يبالي بالتداعيات والأخطار التي يحملها تعيين زيني، الذي يعتبر بمثابة صاعق تفجير في المجتمع الإسرائيلي. لأن همه الأساس المحافظة على موقعه، وسيطرته الكاملة على مقاليد الأمور التنفيذية والتشريعية والقضائية، وحماية ائتلافه الحاكم من التفكك، مستفيدًا من الدعم غير المحدود من الإدارة الأميركية، رغم ما تشير له بعض التقارير من وجود خلافات بين دونالد ترمب وبنيامين نتنياهو، وأجزم أنه مبالغ فيها.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها