سَلامٌ عَلَيكِ، ..
يا غزَّةَ الهاشِمِ،
يا نَبْتَةَ الضّياءِ في كَفِّ العاصِفة،
يا صُبحًا تَشظّى في العُيونِ وما انكَسَرْ، ..
يا وجعًا لا تُغَطِّيهِ شاشاتُ الغياب، ..
ولا تُخَدِّرُهُ بياناتُ الصَّمتِ البعيد....!
***
سَلامٌ عَلَى الجُرْحِ النَّازِفِ في صَمتِكِ، ..
عَلَى الجُرْحِ الّذي لا يُجيدُ الخِطاب، ..
لكنَّهُ يَتَكلَّمُ في مَساءاتِكِ ..
بصَوتِ طِفْلٍ..
يُعيدُ ترتيبَ اسمِهِ..
في قَائِمَةِ الحياةِ القادمة....!
***
سَلامٌ عَلَى الأُمِّ، ..
تَغسِلُ الحَصَى بدموعِها، ..
وتَنفُضُ الرَّمادَ عَنْ كَفِّها، ..
تُطْعِمُ الجُوعَ صَبْرًا، ..
وتَخبِزُ..
مِن عَرَقِ الخَوفِ رَغيفَ البَقَاءِ...!
***
سَلامٌ عَلَى الشَّهِيدِ الشَّاهِدِ، ..
ذاكَ الّذي لَم تُوَدِّعْهُ الحاراتُ، ..
لأنَّهُ صَارَ هُوَ الحارَةَ، ..
وصَارَ زِقَاقَ الذِّكرى ..
في وُجُوهِ الصِّغار ....!
***
سَلامٌ عَلَى الأَسِيرِ، ..
يَعُدُّ أَنفاسَهُ ..
كَي لا يَنسَى مَعنى النَّهار، ..
يُهَدْهِدُ الصَّبْرَ كَطِفْلٍ، ..
ويَنسُجُ مِن جُدرانِ الزَّنزَانَةِ ..
سِجادةَ أَمَل...!
***
سَلامٌ عَلَيكِ، ..
يا قُدْسُ، ..
يا آيَةَ النُّورِ في سِفْرِ التُّراب، ..
يا مِئذَنَةً تُنَادي فِي الغُيُومِ ..
كُلَّما أُغلِقَتِ النَّوافِذُ في وَجْهِ الدُّعَاء...!
***
اِعْذِرِينَا يا غَزَّةَ الحِصَارِ وَالصَّبْرِ، ..
لَم يَعُدْ فينا مَنْ يَحمِلُ وَعْدَ الغَدِ كَمَا كان، ..
لَم يَبْقَ فِينَا سِوَى الذِّكرى تَسْرِي ..
فِي مَلامِحِ الجُدْرَانِ وَحُزْنِ القَمَر...!
***
تَتَراصُّ الآلَاتُ عَلَى حُدودِ الحُلْمِ، ..
تُرَاقِبُ سَمَاءَكِ، ..
تَقْتَطِفُ أَحْلامَ نَسْجْتِها مِن نُورٍ وَأَغَانِي...!
***
رَغْمَ كُلِّ هَذَا الَّذِي يَحْدُث، ..
رَغْمَ الجُوعِ، ..
رَغْمَ الأَلَمِ الَّذِي تَجَذَّرَ فِي زَمَنِ الضَّجَر، ..
سَلامٌ لَكِ، ..
مِن صُبْحِ البَحرِ إِن نَهَضَ مِن سُكُونِهِ، ..
مِن الجَلِيلِ إِذَا بَكَتْ زَيْتُونَتُهُ، ..
مِن الكَرْمَلِ، وَالأَغْوَارِ، ..
وَمِن النَّقَبِ الصَّامِتِ...!
***
سَلامٌ لَكِ مِن خَيَامِ المُنْتَظِرِينَ، ..
مِن مَنْ يَسْكُنُونَ المَنَافِي بِلا مَلَل، ..
مِن مَنْ يَرسُمُونَ خَارِطَةَ العَودَةِ ..
عَلَى جُدْرَانِ القَلبِ ...
بِكُلِّ ما بَقِيَ مِن نُورٍ ...!
***
سَلامٌ لَكِ، ..
إِن بَقِيَ فِي الأَرْضِ مَنْ يَتَذَكَّر، ..
أَنَّ الفُقدَانَ لَيسَ نِهايةً، ..
وَأَنَّ الصَّبْرَ، إِذَا طَالَ، ..
يُنْبِتُ وَطَنًا ...!