بسم الله الرحمن الرحيم
حركة "فتح" - إقليم لبنان/ مكتب الإعلام والتعبئة الفكرية
النشرة الإعلامية ليوم الثلاثاء 20- 5- 2025

*فلسطينيات
الرئاسة ترحب بالبيان الصادر عن قادة بريطانيا وفرنسا وكندا الداعي لوقف الحرب وإدخال المساعدات الإنسانية والاعتراف بالدولة الفلسطينية

رحبت الرئاسة الفلسطينية، مساء يوم الاثنين، بالبيان الصادر عن قادة بريطانيا وفرنسا وكندا الذين أكدوا فيه أنهم سيتخذون إجراءات إذا لم توقف إسرائيل هجومها على غزة، ومعارضتهم توسيع المستعمرات في الضفة الغربية، وتصميمهم على الاعتراف بدولة فلسطينية كإسهام في تحقيق حل الدولتين.
وأكدت الرئاسة أن هذا البيان ينسجم مع مطالبتها الدائمة بضرورة إنقاذ وتنفيذ حل الدولتين، وبالوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي وإطلاق سراح جميع الرهائن والأسرى وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من كامل القطاع وإدخال المساعدات الانسانية ومنع التهجير، وأن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من أرض دولة فلسطين.
وشددت الرئاسة على أن هذا الموقف الشجاع من الدول الثلاث هو بمثابة دعوة من المجتمع الدولي بضرورة وقف هذا العدوان المتواصل على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، وكذلك ضرورة وجود مسار سياسي قائم على قرارات الشرعية الدولية، وصولا إلى إنهاء الاحتلال وقيام دولة فلسطينية مستقلة بعاصمتها القدس الشرقية.
وتؤكد الرئاسة موقفها لوجوب تولي دولة فلسطين المسؤولية المدنية والأمنية في قطاع غزة، واستلام جميع أسلحة حماس والفصائل المسلحة، في إطار تطبيق سيادة القانون، وفي إطار محادثات الوحدة الوطنية، الالتزام بالبرنامج السياسي والالتزامات الدولية لمنظمة التحرير الفلسطينية والشرعية الدولية ومبدأ النظام الواحد والقانون الواحد والسلاح الشرعي الواحد.

*مواقف "م.ت.ف"
فتوح يرحب بالبيان الصادر عن قادة بريطانيا وفرنسا وكندا الداعي لوقف الحرب وإدخال المساعدات الإنسانية والاعتراف بالدولة الفلسطينية

رحب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح، بالبيان المشترك الصادر عن قادة المملكة المتحدة، والجمهورية الفرنسية، وكندا، الذي دعا إلى وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ورفع الحصار الجائر والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، ملوحا بإمكانية فرض عقوبات على حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة، في ظل إصرارها على رفض إدخال المساعدات الإنسانية الأساسية إلى القطاع المحاصر، وهو أمر لم يعد مقبولا تحت أي ذريعة أو مبرر.
وأضاف فتوح في بيان صادر عن المجلس الوطني، اليوم الثلاثاء: أن هذا الموقف الدولي المتقدم يعد تطورا نوعيا في اتجاه محاسبة إسرائيل على الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها بحق شعبنا، والتي ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية، في ظل التجويع الممنهج، والتدمير الشامل للبنية التحتية، والاستهداف المتكرر للمدنيين، خصوصا النساء والأطفال، وفرض سياسة العقاب الجماعي على أكثر من مليوني إنسان.
وثمّن، إدانة القادة الثلاثة للخطاب العنصري التحريضي الذي يصدر عن بعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية وتحذيرهم من الترحيل القسري للفلسطينيين مؤكدا أن هذه السياسات تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني وترقى إلى جرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم، وتستوجب المساءلة الدولية.
وأشار فتوح، إلى أن حكومة الاحتلال اليمينية باتت في عزلة متزايدة على الساحة الدولية، حيث تتسع دائرة الرفض العالمي لسياساتها العدوانية والمتطرفة، ما يعكس تحوّلا ملموسا في المواقف الدولية تجاه المساءلة وفرض العواقب.
وأعرب، عن تقديره للجهود الدبلوماسية التي تبذلها كل من الولايات المتحدة، وقطر، ومصر، للتوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار في غزة، مؤكدا أن أي هدنة لا بد أن تترافق مع مسار سياسي جاد يفضي إلى رفع الحصار بالكامل، وإنهاء الاحتلال، وتمكين شعبنا من ممارسة حقه المشروع في تقرير المصير، والحرية والاستقلال.
وأكد فتوح، أن شعبنا يرفض التهجير بكل أشكاله، ويتمسك بحقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف وأن استمرار الاحتلال وجرائمه يتطلب موقفا دوليا أكثر جرأة وفعالية، لإنهاء هذا الظلم التاريخي الواقع على شعبنا منذ أكثر من سبعة عقود.

*عربي دولي
وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يبحثون تعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل

يبحث وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، اليوم الثلاثاء، في بروكسل، إمكانية تعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، وذلك على خلفية العدوان المتواصل في قطاع غزة.
ونقلاً عن مصدر في الاتحاد الأوروبي، فمن المتوقع أن يناقش الاجتماع الوزاري سبل الضغط على إسرائيل للامتثال لالتزاماتها الدولية، بما في ذلك إمكانية تعليق الاتفاقية، أو فرض عقوبات مستهدفة على المسؤولين المتورطين في الانتهاكات.
وسيشارك في الاجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل.
ويأتي هذا التحرك بعد تصاعد جرائم الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، بما في ذلك التقارير عن عمليات تهجير قسري، واستهداف المدنيين، وحرمان السكان من المساعدات الإنسانية. 
وقد دعت دول مثل إسبانيا وإيرلندا إلى مراجعة الاتفاقية، مشيرة إلى ضرورة تقييم التزام إسرائيل بحقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية.
كما أعربت حكومات المملكة المتحدة وفرنسا وكندا، في بيان مشترك يوم أمس، عن قلقها العميق إزاء تصاعد العدوان على قطاع غزة.
ودعا البيان حكومة الاحتلال الإسرائيلي إلى وقف فوري لجميع العمليات العسكرية في غزة، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن ودون عوائق، بالتنسيق مع الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية، وفقًا للمبادئ الإنسانية الأساسية.

*إسرائيليات
نتنياهو: "الضغط على إسرائيل يقترب من الخط الأحمر"

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس الإثنين: إن "الضغط على إسرائيل يقترب من الخط الأحمر، ويستلزم استئناف إدخال المساعدات إلى غزة لمواصلة هجومها العسكري، وذلك رغم أن مراكز التوزيع التي يحرسها الجيش الإسرائيلي المصممة لإبعاد المساعدات عن أيدي الفصائل الفلسطينية ليست جاهزة بعد".
وأضاف نتنياهو في مقطع فيديو نشره مكتبه: أن "إسرائيل ستسيطر على قطاع غزة بأكمله، هذا ما سنفعله، وأعضاء مجلس الشيوخ (الأميركي) الذين أعرفهم كداعمين لإسرائيل يأتون لي ويقولون: سنقدم لكم كل المساعدة التي تحتاجونها لكسب الحرب، لكن لا يمكننا أن نتلقى صور المجاعة (في غزة)".
وإلى أن تُنشأ مراكز التوزيع، أكد نتنياهو، أن "على إسرائيل تقديم الحد الأدنى من المساعدات إلى القطاع، لمنع المجاعة الجماعية بين السكان المدنيين".
وقال مخاطبًا موجة الانتقادات لقراره باستئناف المساعدات الإنسانية، التي انقطعت منذ أوائل مارس الماضي: "لن نصل إلى نقطة المجاعة حتى نكمل انتصارنا، ولنهزم الفصائل الفلسطينية ونحرر الاسرى، لن يدعمونا".
وأوضح نتنياهو أن إسرائيل سمحت في البداية بدخول مساعدات محدودة إلى غزة خلال الحرب، لكنها أوقفت عمليات التسليم بعد اكتشافها أن الفصائل الفلسطينية كانت تحول مسار الإمدادات، وهي التهمة التي تنفيها الحركة.
وبالتنسيق مع الولايات المتحدة، اعتمدت إسرائيل طريقة توزيع جديدة تتضمن مراكز مؤمنة من قبل الجيش الإسرائيلي، تهدف إلى منع الفصائل الفلسطينية من الوصول إلى الإمدادات، مع السماح لمتعاقدين أميركيين بالإشراف على التوزيع، على حد قول رئيس الوزراء.
إلا أن نتنياهو قال: "هذا يستغرق وقتًا"، مشيرًا إلى أن المراكز الأولى ستبدأ العمل في الأيام المقبلة، بهدف أوسع يتمثل في إنشاء منطقة إنسانية داخل غزة "تحت السيطرة الإسرائيلية"، حيث يمكن للمدنيين تلقي المساعدات.

*أخبار فلسطين في لبنان
وقفةٌ تضامنيةٌ مع غزة والضفة والقدس في مخيم البداوي بمناسبة الذكرى الـ77 للنكبة الفلسطينية

بدعوة من حزب الشعب الفلسطيني، ولمناسبة الذكرى الـ77 للنكبة الفلسطينية الاليمة، شارك وفدٌ من حركة "فتح" -قيادة منطقة الشمال في الوقفة التضامنية مع غزة والضفة والقدس، تحت عنوان: "لتوحيد كل الجهود من أجل وقف حرب الإبادة ولمواجهة مؤامرة تصفية القضية الفلسطينية"، وذلك يوم  الاثنين ١٩-٥-٢٠٢٥ امام مكتب الحزب في مخيم البداوي.
وترأس الوفد أمين سرّ حركة "فتح" وفصائل (م.ت.ف) في منطقة الشمال عضو لجنة العلاقات الوطنية في لبنان مصطفى أبو حرب، ويرافقه عضوا قيادة المنطقة خليل هنداوي وأحمد الأعرج، وأمين سرّ وأعضاء شعبة البداوي، وكوادر حركية وتنظيمية، وبمشاركة مسؤول حزب الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني فدا في لبنان ناصر حسون، وممثلين عن الفصائل واللجان الشعبية الفلسطينية، وأحزاب وقوى وطنية ولبنانية،  وأخوات، والقوة الأمنية الفلسطينية المشتركة، وحشد من أبناء المخيم.
كلمة منظمة التحرير الفلسطينية ألقاها أمين سرّ حركة "فتح" وفصائل (م.ت.ف) في منطقة الشمال الأخ مصطفى أبو حرب، أستهلها بالترحيب بالحضور الكريم، وبالأخوة الذين يمثّلون روح القضية، بالأخوات ماجدات فلسطين، وبالرفاق في حزب الشعب الفلسطيني، موجّهًا التحية إلى أرواح الشهداء النازفة على تراب غزة العزة، وإلى صمود أهلنا المقاومين على أرض الضفة الأبية، وثبات المرابطين والمرابطات في باحات المسجد الأقصى.
وأردف، سبعة وسبعون عامًا مرّت على نكبة فلسطين، سبعة وسبعون عامًا من القهر والتشريد، لكن عمر مقاومتنا أطول، وأشد رسوخًا، فمنذ وعد بلفور المشؤوم واتفاقية سايكس بيكو التقسيمية، وشعبنا يخوض معركة الوجود، ولم يهن أو يستسلم.
وأضاف، من ثورة عام 1920 إلى ثورة البراق عام 1929، إلى الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936، والإضراب الكبير، ونحن نؤكد أن هذه المسيرة لم تكن يومًا موسمية أو مؤقتة، لقد كانت ملحمة مستمرة من التضحيات، وشعبنا يقدّم الشهيد تلو الشهيد، دون أن تنكسر له إرادة أو تُخفض له راية.
وأشار إلى الخذلان العربي قائلًا: لقد عشنا أول الغدر وأول الخيانة ممن سمّوا أنفسهم الأمة العربية، يوم رفضوا أن يمدونا بالسلاح... قالوا: نمدّكم بالرجال، فقلنا: في فلسطين الرجال الرجال، أعطونا سلاحًا، قالوا: جيوش العرب تحمي فلسطين، فسلّمت الجيوش فلسطين.
وتابع، بين نكبة وتهجير، كبر الأطفال، وتعزّزت عزيمة الرجال، فانطلقت الثورة، لا كحرب جيوش تأتمر بأوامر بريطانيا وأميركا، بل كحرب شعب طويلة الأمد، أسسناها في اللجوء وعلى أرضية الكفاح الشعبي.
وأكد بأننا كنا الأوائل في إطلاق الرصاص، والأوائل في التحدي والتصدي، وما زلنا الأوائل في الثبات على أرض فلسطين. ورغم المجازر، ورغم الطعنات، نبقى أوفياء لقضيتنا، متمسّكين بحقوقنا.
وعن حرب غزة، قال: أربعة وخمسون ألف شهيد، وأكثر من مئة وعشرين ألف جريح، لكن شعب العزة في غزة لم يرحل، لم يغادر، بل تجذر أكثر في أرضه، رغم القتل والتدمير والقهر والجوع... هؤلاء هم أبناء شعب الجبارين الذين وصفهم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، بأنهم في رباط إلى يوم الدين، وشهيدهم بسبعين من غيرهم.
ونقل عن الرئيس محمود عباس (أبو مازن) قوله: إن أرادوا تهجيرنا من غزة أو الضفة، فسنعود إلى القرى والمدن التي هُجّرنا منها عام 1948، ولن نقبل بوطن بديل، ولا بتوطين، ولا بتهجير.
ورحّب في كلمته بقدوم الرئيس إلى لبنان خلال يومين، قائلًا: ننتظره ليطمئننا على الوطن، على حاله وأوضاعه، ولنسمع منه التأكيد على الثوابت الفلسطينية، وعلى رأسها التمسك بحق العودة ورفض مشاريع التوطين والبدائل المشبوهة.
ووجّه نداءً للعالم، قائلاً: نطالب بوقف الحرب فورًا على غزة، وعلى أهلنا في الضفة والقدس.... يا أمم العالم، يا من تدّعون الدفاع عن حقوق الإنسان، أوقفوا المجازر، أوقفوا قتل الأطفال والنساء، أم أنكم تقدمون شهداء فلسطين قرابين على مذبح سياساتكم المزدوجة؟.
وأكد بأننا شعب يعشق الحياة، لكنه مستعد للشهادة من أجل تحرير أرضه، لا نقبل أن نقدّم أبناءنا بلا ثمن، فهذه مجزرة مستمرة بحق هذا الشعب البطل.
كما دعا إلى الوحدة الوطنية، لمواجهة من وصفهم بـ"شذاذ الآفاق" الذين توحّدوا على قتلنا، داعيًا إلى حماية المخيمات الفلسطينية في لبنان، قائلاً: الدم الفلسطيني على الفلسطيني حرام، وأمن المخيم أمانة في أعناقنا جميعًا، ولنحفظ أمن المخيم وجواره، ولنصن أمن لبنان، الذي نتمنى له الاستقرار والازدهار، فنحن لم نكن يومًا صناع عبث، بل حرّاس للقانون والأمن.
وختم كلمته بالترحم على سيد شهداء فلسطين الرمز ياسر عرفات، وعلى الشهيد الشيخ أحمد ياسين، وعلى الشهيد الشقاقي، والشهيد أحمد جبريل، وبالشفاء العاجل لجرحانا، وبالحرية لأسرانا، وبالوقف الفوري للحرب الصهيونية على غزة والضفة والقدس.

*آراء
قد تأخر الوقت والأمر كثيرًا لأجل إنقاذ الحياة في قطاع غزة خاصة وفلسطين عامة...!/بقلم: د. عبدالرحيم جاموس

لم يعد بالإمكان الاستمرار في تجاهل الحقائق الميدانية والسياسية التي تتكشف يومًا بعد آخر، في قطاع غزة خاصةً، وعلى امتداد الجغرافيا الفلسطينية عامةً. لقد تأخر الوقت كثيرًا، وضاقت فرص الإنقاذ الفعلي للحياة والمستقبل الفلسطيني، ليس فقط بفعل الجرائم المستمرة للاحتلال الإسرائيلي، وإنما نتيجة تعقيد وتشابك الأدوار الإقليمية والدولية، بما فيها تلك التي تتستر خلف شعارات الدعم والمقاومة، بينما تُنفّذ عمليًا أجندات تخدم الاحتلال وتُكرّس واقعًا كارثيًا في الأراضي الفلسطينية.
في هذا السياق، يبرز بوضوح الدور المزدوج الذي تؤديه كلاً من قطر وحركة حماس.
فمنذ سنوات، لم يعد الدعم القطري لحركة حماس في قطاع غزة مجرد مساعدة إنسانية أو سياسية، بل تحوّل إلى رافعة لتعزيز الانقسام الداخلي، وتضخيم قدرات الحركة العسكرية والإعلامية على حساب وحدة القرار الوطني الفلسطيني. لقد أُعيد إنتاج قطاع غزة ليغدو ساحةً دائمة للاشتباك والموت، بينما يُدار هذا الاشتباك ضمن سقف سياسي وظيفي لا يسمح بتجاوز الخطوط الحمراء التي رسمتها تل أبيب وواشنطن.
إن التعامل مع قطاع غزة كمزرعة لإنتاج "مشاريع شهادة" وفق الفهم الخاص لحركة حماس، دون أفق سياسي حقيقي أو رؤية وطنية شاملة، لا يخدم القضية الفلسطينية، بل يُستخدم لتكريس صورة نمطية للعنف المفرغ من مضمونه التحرري، ويُستثمر في سياقات إقليمية تفتقد إلى مشروع نهضوي جامع.
من جهة أخرى، تواصل إسرائيل استغلال هذا الواقع المنكفئ لتحقيق أهدافها الاستراتيجية: تفكيك المجتمع الغزي، وتدمير بناه التحتية، ودفع سكانه نحو الهجرة القسرية، بالتوازي مع تسريع مشاريع الاستيطان والضم في الضفة الغربية، وترسيخ الأمر الواقع في القدس. وهكذا، يتحقق السيناريو الأخطر: القضاء على إمكان قيام دولة فلسطينية مستقلة، عبر تفكيك الأرض والهوية والوحدة الوطنية.
في خضم هذا المشهد، لا يمكن تجاهل الأدوار الإعلامية التي تُسهم في شرعنة هذا المسار، وعلى رأسها قناة الجزيرة التي تحوّلت، منذ سنوات، إلى أداة موجهة لتضخيم سردية حماس، وتغييب الرواية الوطنية الجامعة. ومن خلفها، يظهر تأثير قاعدة "العديد" الأميركية في قطر كعنصر حاسم في ضبط الإيقاع السياسي والإعلامي بما يخدم الرؤية الأميركية– الإسرائيلية لما يُسمى "بالشرق الأوسط الجديد"؛ شرق بلا هوية قومية، وبلا ثقافة عربية جامعة، وبلا فلسطين.
إن هذا الواقع لم يعد خافيًا على أحد. وقد آن الأوان لمساءلة الأدوات والأجندات، لا سيما حينما تكون النتيجة تدمير حياة الفلسطينيين في غزة والضفة، وذبح الحلم الوطني باسم شعارات زائفة، أو مشاريع حزبية ضيقة.
إن ما يجري اليوم لا يمكن قراءته خارج سياق التوظيف السياسي لمأساة غزة، واستثمارها في صفقات إقليمية ودولية تُدار بمعزل عن الإرادة الوطنية الفلسطينية. وبالتالي، لا بد من دق ناقوس الخطر: المشروع الوطني الفلسطيني مهدد في جوهره، لا فقط بفعل الاحتلال، بل أيضًا نتيجة تفكك الجبهة الداخلية، وارتهان بعض القوى إلى أجندات خارجية.
قد تأخر الوقت كثيرًا، ولكن لم ينتهِ بعد. ما زالت هناك فرصة لإعادة توحيد الصف الوطني، واستعادة القرار الفلسطيني المستقل، وبناء مشروع تحرري جامع، يستند إلى الشرعية التاريخية والنضالية للشعب الفلسطيني، لا إلى التمويل المشروط ولا إلى التحالفات المؤقتة.
فإذا أُريد لفلسطين أن تبقى، فلا بد من تحرير غزة من كونها ساحة وظيفية، وإعادتها إلى قلب المشروع الوطني. ولأجل ذلك، لا يكفي الصمت، بل يتطلب الأمر مواجهة صريحة مع كل الأدوات التي أسهمت في صناعة هذا الخراب.
لقد تأخر الوقت كثيرًا، ولكن لا يزال ممكنًا إنقاذ الحياة، إذا وُجد الوعي، وارتفعت الإرادة فوق الحسابات الضيقة.