بقلم: حاتم أبو دقة

يعاني النازحون في مخيمات اللجوء بمنطقة "مواصي" خان يونس جنوب قطاع غزة، الأمرين جراء انتشار القوارض والحشرات المتطفلة مثل البراغيث والبعوض والذباب التي تلاحقهم في خيامهم ويمتص ما تبقى من دمائهم، في الوقت الذي يعانون فيه النقص الحاد في عوامل التغذية جراء مواصلة الاحتلال إغلاق المعابر ومنع دخول المواد الغذائية والمجمدات والفواكه للشهر الثالث على التوالي.

وتقول النازحة من رفح أم محمد شلوف (50 عامًا): إنها اضطرت هذه المرة إلى تغيير مكان نزوحها للمرة العاشرة منذ بدء الحرب، ليس للبحث عن مكان أكثر أمنًا، وإنما هربًا من الحشرات المتطفلة التي باتت تتغدى على دماء أطفالها.

وباتت أم محمد في حيرة من أمرها تتنقل من مكان إلى آخر هربًا من منغصات الحياة التي بدأت بالاحتلال، وانتهت بالحشرات المتطفلة التي تنتشر بشكلٍّ كبير في ظل غياب المكافحة وتكاثر القوارض والكلاب الضالة التي تُعتبر سببًا رئيسيًا في تكاثرها.

وأشارت أم محمد إلى أن البراغيث والبعوض تجتاح المنطقة بشكل مفاجئ وتجبر المخيم بأكمله على النزوح، نظرًا لصعوبة مكافحتها بسبب اختبائها في الرمال التي تشكل مرتعًا لها، وبالتالي تصعب مكافحتها والقضاء عليها في ظل ارتفاع تكلفة أسعار الأدوية اللازمة لمحاربتها.

وقالت النازحة مريم الشاعر (35 عامًا): إنها في معظم الأحيان، تجد نفسها مضطرة إلى السهر طوال الليل تحارب البعوض ليتمكن أطفالها من النوم، في ظل عدم القدرة على وجود طريقة لمكافحة البعوض سوى القتل باليد، مع غياب الأدوية اللازمة لمحاربتها وعدم السيطرة على انتشارها في الخيمة بسبب اهترائها ووجود أكثر من نافذة فيها.

وأضافت الشاعر: أنها تفاجأت بصراخ أطفالها في ساعات متأخرة من الليل، بسبب تعرضهم للدغات البعوض والبراغيث التي تنتشر بشكل غير عادي بسبب تراكم النفايات بكميات كبيرة في الشوارع ومياه المجاري التي باتت تهدد حياتهم وحياة أطفالهم.

وقال النازح من خان يونس محمد أبو عاذرة، وهو بائع أدوية لمكافحة البراغيث والذباب في منطقة المواصي: إنه مصدوم من تزايد أعداد النازحين الذين يأتون يوميًا بحثًا عن أدوية لمحاربة البراغيث والذباب، رغم ارتفاع أسعارها نظرًا لمحدودية الكميات المتاحة في ظل الحصار المفروض على القطاع منذ أكثر من عام ونصف عام من الحرب.

وأشار أبو عاذرة إلى أن بعض النازحين يُقبلون على الشراء وبعضهم يكتفي بالسؤال جراء عدم امتلاكهم ثمنه، في ظل حاجة النازحين إلى كل شيء والارتفاع في الأسعار، الأمر الذي يجعلهم ينظمون حياتهم حسب الأولوية، منوهًا إلى أن الخيمة الواحدة تحتاج إلى كمية من الدواء تصل تكلفتها إلى 50 شيقلاً ما يعادل 15 دولارًا. وبين النازح محمد عثمان أن حياة النازحين أصبحت جحيمًا في ظل تكاثر البعوض والذباب والبراغيث في مخيمات النزوح، وعدم قدرتهم على مكافحتها جراء ارتفاع أسعار الأدوية وضيق الحال.

ونوه إلى أن الحشرات المتطفلة تتناوب على خيامهم من البراغيث والبعوض في الليل، والذباب في النهار، الأمر الذي يجعل الحياة لا تطاق.

وأعرب نازحون عن أملهم في أن تنتهي ليتمكنوا من العودة إلى ركام منازلهم وإقامة خيامهم والعيش فيها بعيدًا عن معاناة النزوح.

من جانبه، أكد نائب مدير عام الإدارة العامة لحماية البيئة في سلطة جودة البيئة، ورئيس جمعية أصدقاء البيئة الفلسطينية عاطف جابر، أن تكدس النفايات بالقرب من مخيمات النزوح أدى إلى تكاثر الكلاب الضالة والقوارض، التي تؤدي بدورها إلى تكاثر البعوض والبراغيث وتنتقل منها إلى الإنسان بحكم الاحتكاك المباشر. وتابع جابر أن الأمراض التي تنتقل إلى الإنسان بوساطة هذه الآفات هي الملاريا، والحمة الصفراء، وداء الفيل، وحمى الضنك التي تُعتبر من أخطر الأمراض التي تنتقل بوساطة البعوض إلى الإنسان.

وأشار جابر إلى غياب التنسيق بين سلطة البيئة ومجلس إدارة النفايات الصلبة والبلديات والحكم المحلي، بسبب الحرب وعدم إدخال الاحتلال الوقود والأدوية اللازمة لمكافحة مثل هذه الآفات.
ونوه إلى أن غياب الدور الرسمي جعل كل شيء يقع على كاهل المواطن المنهك أصلاً.