إحياءً للذكرى السابعة والسبعين لنكبة الشعب الفلسطيني، نظّمت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" – قيادة منطقة الشمال بالتعاون مع دائرة شؤون اللاجئين واللجان الشعبية الفلسطينية، مهرجانًا جماهيريًا حاشدًا بعنوان "النكبة... جرحنا المفتوح وحقنا الذي لا يموت"، وذلك يوم الأربعاء ١٤-٥-٢٠٢٥ في قاعة كنعان في مخيم نهر البارد.

ويأتي المهرجان في إطار التأكيد على التمسك بحق العودة، وصون الذاكرة الوطنية، ورفض مشاريع التهجير وتصفية قضية اللاجئين، وسط حضور شعبي ورسمي، شارك فيه عضو قيادة حركة "فتح"- إقليم لبنان الأستاذ نزيه شما، وأمين سرّ حركة "فتح" وفصائل "م.ت.ف" في منطقة الشمال عضو لجنة العلاقات الوطنية في لبنان مصطفى أبو حرب، وقائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في الشمال العميد بسام الأشقر، ورئيس بلدية المحمرة الاستاذ عبد المنعم عثمان، وأمين سرّ اللجان الشعبية الفلسطينية في الشمال أحمد غنومي أبو ماهر، وممثلون عن الفصائل واللجان الشعبية الفلسطينية، والأحزاب والقوى الوطنية واللبنانية، والمؤسسات والحركات الشعبية، وفعاليات وطنية وتربوية وروابط اجتماعية، وشخصيات اعتبارية، ولفيف من المشايخ الأجلاء، ولجنة شباب حي سعسع، وأعضاء قيادة منطقة الشمال، وأمناء سرّ وأعضاء الشُعب التنظيمية، ولجنة الأسير يحيى سكاف، وضباط وعناصر من قوات الأمن الوطني الفلسطيني، وكوادر وكادرات حركية وتنظيمية وطلابية ورياضية وأخوات، ومجموعات كشفية حركية، وأشبال وزهرات الفتح، وأفواج الإطفاء الفلسطينية فوج إطفاء مخيم نهر البارد، ووحدة الإسعاف والطوارئ التابعة لجمعية الخدمات الطبية الفلسطينية، ونشطاء وإعلاميون، إضافة إلى حشد جماهيري غفير من مخيمات الشمال والجوار.

استهل المهرجان أحمد الأعرج بكلمة ترحيبة، داعيا الحضور للوقوف وقراءة سورة الفاتحة على أرواح الشهداء الأبرار، ومن ثم تمّ الإستماع للنشيدين الوطنيين اللبناني والفلسطيني، بعدها تحدث بإقتضاب عن الذكرى السابعة والسبعين للنكبة.

تلاها كلمة دائرة شؤون اللاجئين واللجان الشعبية التي ألقاها أمين سرّها في الشمال أحمد غنومي، أكد فيها أن النكبة ليست حدثًا عابرًا، بل مأساة مستمرة تتجدد فصولها منذ عام 1948 حتى اليوم، مشددًا على أن الشعب الفلسطيني لم يتوقف عن النضال والمقاومة في وجه الاحتلال ومشاريع التصفية.

وأشار إلى أن الشعب الفلسطيني، رغم كل المجازر والخذلان، لا يزال متمسكًا بحقوقه الوطنية وفي مقدمتها حق العودة، داعيًا إلى استخلاص الدروس من التجربة الفلسطينية الطويلة في الكفاح ضد الاستعمار والاستيطان.

وانتقد مواقف بعض الأنظمة العربية التي ساهمت في إطالة أمد النكبة عبر التواطؤ والتطبيع، معتبرًا أن التطبيع بات أولوية على حساب القضية الفلسطينية، في ظل صمت عربي تجاه الجرائم المتواصلة بحق أبناء شعبنا في غزة والضفة والقدس.

وتطرق غنومي إلى أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، محذرًا من استهداف المخيمات، خاصة في ظل محاولات تقليص خدمات الأونروا وإنهاء دورها، ومشدّدًا على أهمية الحفاظ على وحدة الصف وتطوير اللجان الشعبية بما يضمن صون حقوق اللاجئين.

وخصّ مخيم نهر البارد بتحية وفاء، داعيًا إلى الإسراع في إعادة الإعمار، وإنهاء معاناة السكان المستمرة منذ 18 عامًا، مطالبًا بحلّ أزمة المياه والبنية التحتية، وتأمين التعويضات، والسماح للفلسطينيين بحق العمل والتملك.

وختم كلمته بالتأكيد على التمسك بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً، وتوجيه التحية للشهداء والأسرى، ولأبناء الشعب الفلسطيني الصامدين في كل أماكن وجودهم، مؤكداً أن النضال مستمر حتى تحقيق العودة والحرية والاستقلال.

ثم كانت كلمة رئيس بلدية المحمرة الأستاذ عبد المنعم عثمان، أكد فيها أن نكبة فلسطين لم تكن مجرد مأساة لشعب، بل جرحاً نازفًا في وجدان الأمة كلها، لا يزال مستمرًا حتى اليوم، معبّرًا عن تضامن لبنان العميق والثابت مع القضية الفلسطينية.

واستعرض عثمان في كلمته مشاهد التهجير والمجازر التي ارتكبها الاحتلال في عام 1948، مشدداً على أن هوية الشعب الفلسطيني بقيت راسخة رغم كل محاولات الطمس، وأن الروح الوطنية لم تنكسر بل ظلت متقدة عبر الأجيال.

وقال: نحن في لبنان لم نرَ في الفلسطينيين يومًا غرباء، بل شركاء في التاريخ والمصير، تقاسمنا معهم الخبز والملح، كما تقاسمنا الدم في معارك الجنوب وصمود بيروت، حيث امتزجت تضحيات الشعبين دفاعًا عن الكرامة والحق.

وأشار إلى أن المخيمات الفلسطينية في لبنان، رغم ظروفها الصعبة، تحوّلت إلى قلاع صمود ومقاومة، حيث نشأ فيها جيل حمل مشاعل الثورة، مستلهمًا نهج القائد الشهيد الرمز ياسر عرفات، ومتمسكًا بالثوابت الوطنية التي يواصل التأكيد عليها الرئيس محمود عباس "أبو مازن".

وأضاف: "القضية الفلسطينية لم تكن عبئًا على لبنان، بل شرفًا له، لأن من يدافع عن فلسطين يدافع عن الحق والكرامة، ولبنان سيبقى وفيًا لهذا الدور الأخلاقي والوطني".

وفي ختام كلمته، شدّد عثمان على أن ذكرى النكبة ليست مجرد وقفة مع الماضي، بل تأكيد على الالتزام بالمستقبل، وعلى أن فلسطين ستعود، والقدس ستبقى العاصمة الأبدية، وحق العودة لا يسقط بالتقادم.

كما وجّه التحية لأرواح الشهداء، والأسرى الحرية، ولأهلنا في غزة الصامدة والقدس الصابرة، وللاجئين الذين لا يزالون يحتفظون بمفاتيح منازلهم وأمل العودة الذي لا يموت، قائلاً: "النكبة مستمرة، لكن الأمل أقوى، والنصر آتٍ لا محالة."

تلاها كلمة حركة "فتح" التي ألقاها عضو قيادة حركة "فتح" إقليم لبنان الأستاذ نزيه شما، استهلها بالترحيب بالأخ مصطفى أبو حرب أمين سر حركة "فتح" وفصائل "م.ت.ف" في الشمال، وبقائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في الشمال العميد بسام الأشقر، ورئيس بلدية المحمرة الأستاذ عبد المنعم عثمان، وأمين سرّ اللجان الشعبية في الشمال أبو ماهر غنومي، وممثلي القوى والأحزاب اللبنانية والفلسطينية، وأهالي مخيمات البداوي ونهر البارد والمنية وطرابلس، وبالأخوات الماجدات، والإخوة في الاتحادات واللجان، والطلبة والزهرات والأشبال.

وعبّر عن اعتزازه بالوقوف في مخيم نهر البارد، مخيم الشهداء والصمود، الذي ذاق مرارة النكبة مرتين، موجّهًا التحية لأهله وشهدائه ومناضليه، كما نقل تحيات ومحبة سعادة سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور، واصفًا إياه بمهندس السياسة الفلسطينية والعين الساهرة على أمن المخيمات.

وأشار إلى أن جراح النكبة لا تزال مفتوحة، مؤكّدًا أن ما جرى عام 1948 كان جريمة بحق شعبنا تم خلالها تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين لتنفيذ مشروع استعماري استيطاني ما زال قائماً حتى اليوم، في ظل صمت دولي مخزٍ.

كما شدّد على أن هذه الذكرى تأتي في وقت يتعرض فيه قطاع غزة لحرب إبادة، في مشهد يُعيد إلى الأذهان نكبة عام 1948، بينما يواصل الاحتلال ارتكاب الجرائم في الضفة الغربية والقدس، في محاولة لطمس التاريخ وتزوير الهوية، وسط صمود شعبنا الأسطوري في وجه آلة البطش والعدوان.

وفي حديثه عن اللاجئين، أكد شما أن المخيمات الفلسطينية في لبنان كانت وما زالت قلاعاً للصمود وخنادق للوعي، وهي ترفض التوطين وتتمسك بحق العودة، مشددًا على أن زيارة سيادة الرئيس محمود عباس "أبو مازن" المرتقبة إلى لبنان في 21 أيار الجاري، تأتي لتؤكد مركزية قضية اللاجئين، ورفض مشاريع التصفية.

كما وجه التحية للبنان الشقيق، توأم فلسطين، ولشهدائه وجرحاه ومقاومته، مؤكّدًا احترام حركة "فتح" لسيادة لبنان والتزامها الدائم بدورها كضيف شقيق في هذا الوطن العزيز.

وأكد أن إحياء ذكرى النكبة هذا العام يأتي في ظل مرحلة بالغة الخطورة، مجددًا العهد بالوقوف خلف القيادة الوطنية الفلسطينية وعلى رأسها سيادة الرئيس محمود عباس، مشددًا على تمسّك حركة "فتح" بثوابتها ووفائها لقسمها الوطني.

ودعا شما إلى رصّ الصفوف وتحقيق الوحدة الوطنية، لحماية القرار الوطني المستقل وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني، مؤكداً أن "فتح" ستبقى الحاملة للواء الوحدة تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا.

واختتم كلمته بتجديد العهد على مواصلة النضال والتمسك بالثوابت التي حملها الشهيد الرمز ياسر عرفات، داعياً بالرحمة لروح الشهيد القائد أسامة واكد "أبو مروان"، الذي استشهد أثناء سعيه للإصلاح بين أبناء الشعب الواحد، ومؤكداً أن دمه الطاهر أمانة في أعناق الجميع لحماية النسيج الاجتماعي.