بقلم: الشاعرة الفلسطينيَّة نهى عودة

الأسير المُحرَّر جمال أبو محسن (08) الأخيرة

تُعرف الشاعرة الفلسطينية "نهى شحادة عودة" في المجتمع الأدبي العربي باسم "ياسمينة عكَّا"، أبصرت النور في مُخيّمات اللاجئين في لبنان ذات يوم مُندسٍّ بين أعوام ثمانينيات القرن الماضي، وتعود أصولها إلى قرية شعب في قضاء عكّا بفلسطين.. هي ناشطة ومناضلة من أجل الحفاظ على الثقافة والذاكرة الفلسطينية وضمان توريثها لأجيال اللاجئين.. نشرت رواية واحدة وعددا من الدواوين الشعرية، وخصّت جريدة "الأيام نيوز" بمجموعة من القصاصات التي أودع فيها الأسرى المُحرّرون الفلسطينيون بعض ذكرياتهم في رحلة العذاب..

عندما أستعيد مراحل حياتي يزداد يقيني بعظمة الله وقدرته التي تتهاوى أمامها كل أعمال الشياطين من بني البشر.. لقد هُدم بيتنا، وتوفيت أمي، وتوفيت ابنتي، وتوفي أبي.. وأمضيت 23 عاما في سجون الاحتلال، ولكن إرادة الله أكبر من كل شيء ورحمته وسعت كل شيء.. فبعد تحرُّري، عُيِّنتُ مُحاضِرا في الجامعة (العربية - الأمريكية) وجامعة القدس المفتوحة لمساق الحركة الأسيرة، مساق اقترحته بعد تحرّري وذلك وفاءً للأسرى وتضحياتهم وعزيمتهم التي لن تكسرها زنزانة وعنف السجَّان. 
كان يجب أن ألقي الضوء على هذه المآسي، على وجع الزنازين وكسر الخاطر واللوعة والفقد والقهر.. وكل شيء يمرّ به ويعيشه الأسير. ومنذ تحرّري وحتى الآن، لا أزال أعمل مُحاضِرا في الجامعة..
في عام 2021، التحقت ببرنامج الدكتوراه، والحمد لله أكتب حاليا رسالتي عن الأسرى. وأسأل الله التوفيق دوما وأبدا.
كثيرٌ من وسائل ومواقع الإعلام تطرّقَت لقصتي باعتبارها قصة نجاح لأسير انطلق من الظروف الوحشية في سجون الاحتلال إلى أن وصل إلى دكتور في الجامعة.. وقصتي هي واحدة من قصصٍ كثيرة لنجاح الأسرى الفلسطينيين بعد تحرّرهم.. هي قصة تُظهر أن الأسرى الأبطال ليسوا قتلة أو إرهابيين إنما هم أصحاب حق يناضلون من أجل حرية وطنهم.. وإن سنحت لهم الفرصة سيكونون دكاترة أو محاضرين أو سياسيين أو أيّ شيء يضيف معاني أخرى للحياة الإنسانية النبيلة. قصتي هي قصة نجاح كل أسير فلسطيني. قصتي قصة نجاح وإبداع الأسرى المحررين.. ولن أنسي أبدا الأعوام التي قضيتها في سجون الاحتلال، ولن أنسى إخواني الفلسطينيين الذين لا يزالون يعانون في زنازين الاحتلال المليئة بالحكايات والقصص..
 مُؤخّرًا أصدرتُ كتابي "تاريخ الحركة الأسيرة" وذلك وفاء للأسرى الفلسطينيين والعرب، وهو كتاب أكاديمي يُدرّس في الجامعات.. فبعد التحاقي بالتدريس في الجامعة العربية - الأمريكية، صمّمتُ على كتابة "تاريخ الحركة الأسيرة"، وشرح تجربة الأسرى الأبطال المنسيّين، وتسليط الأضواء على قضاياهم بكل تفاصيلها التي لا تصل إلى المجتمع الإنساني. الكتاب من ستّة فصول، ويتحدّث عن مراحل الاعتقال والتعليم في السجن.. إضافة إلى الحياة التنظيمية والاجتماعية وعمليات تبادل الأسرى، والوسائل النضالية للأسرى، وموقف القانون الدولي من الأسرى.. والكتاب كان حاضرًا في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025.