يوافق غدا الخميس، الخامس عشر من أيار الذكرى الـ 77 لنكبة فلسطين، التي يستحضر فيها شعبنا الفلسطيني، وقائع الجريمة التاريخية التي ارتكبتها الدول الإستعمارية الكبرى في العام 1948، بإنشاء دولة "إسرائيل"، على حسابه وحقوقه الوطنية في أرض وطنه وذلك تنفيذًا لوعد بلفور المشؤوم الصادر عن وزير الخارجية البريطانية عام 1917. ويستذكر شعبنا ما حل به من دمار وقتل ومئات المجازر، ارتكبتها العصابات الصهيونية في الأشهر الأولى للنكبة، وتسببت بتشريد مئات الآف من الفلسطينيين إلى خارج وطنهم.
تأتي ذكرى النكبة هذا العام في الوقت الذي يتعرض فيه شعبنا الفلسطيني لأبشع عدوان صهيوني وإرهابي عرفته البشرية، وحرب إبادة جماعية في قطاع غزة مستمرة منذ أكثر من 20 شهرًا، ذهب ضحيتها أكثر من 250 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح غالبيتهم من الأطفال والنساء، وتدمير 80 بالمئة من قطاع غزة، شملت كل مناحي الحياة، ونزوح مئات الآلاف من المدنيين العزّل من منطقة إلى أخرى تحت وطأة القتل والتهديد، إضافة إلى الحصار الظالم وسياسة التجويع بهدف تهجير شعبنا إلى خارج وطنه وفق المخططات الإجرامية المعلنة من قبل حكومة الإحتلال اليمينية المتطرفة، المدعومة من الإدارة الاميركية وبعض الدول الغربية.
في الوقت ذاته تتعرض الضفة الغربية ومدنها وقراها ومخيماتها لحملة عسكرية واسعة يقوم بها جيش الإحتلال، أدت إلى مقتل المئات من أبناء شعبنا واعتقال الآلاف تعسفيا، وجرى خلالها محاولة لتدمير مخيمات جنين وطولكرم وتشريد سكانهما، وقام بتغيير معالم المخيمين بحيث لا يمكن أن يعود اليهما معظم سكانهما، الذين يزيد عددهم عن 60 ألف نسمة. وأطلقت حكومة الإحتلال يد إرهاب قطعان المستوطنين، ويقوم جيش الاحتلال بتقطيع أوصال الضفة عبر أكثر من ألف حاجز عسكري ونقاط تفتيش، جعل التنقل بين القرى والمدن وما بينهما، أمرًا صعبًا وشاقًّا. وتتعرض مدينة القدس للإنتهاكات اليومية للمقدسات المسيحية والإسلامية ولهجمات المجرمين من المتدينين الصهاينة، من بينهم غلاة الصهاينة المتطرفين من أعضاء حكومة نتنياهو الإرهابية المجرمة.
يحدث كل ذلك على مرآى ومسمع العالم كلّه، وما زالت مواقف الدول الكبرى غير منصفة بالقدر الكافي، ومعظمها ما زال يقدّم الدعم لدولة الإحتلال بالمال والعتاد والسلاح، رغم بعض المواقف الايجابية التي تصدر عن بعضها بين الحين والآخر، دون أن يكون لتلك الدول مواقف حازمة وصارمة وجدية للضغط على حكومة الإحتلال لوقف هذه الحرب الهمجية على شعبنا.
إن قيادة حركة "فتح" في لبنان وفي ذكرى النكبة تجدد مطالبة الدول الكبرى والمجتمع الدولي بضرورة العمل من أجل الوقف الفوري للعدوان على شعبنا في قطاع غزة والضفة، وتدعو إلى ضرورة تصحيح الخطأ التاريخي التي ارتكبته تلك الدول بحق الشعب الفلسطيني، وتدعو لتنفيذ كافة قرارات الشرعية الدولية، والإعتراف بدولة فلسطين كاملة العضوية في الأمم المتحدة، وكاملة السيادة على أرضنا الفلسطينية.
وتدعو الدول العربية والإسلامية والدول الصديقة لتوظيف كل ثرواتها وإمكانتها ومقدراتها السياسية والمادية والإقتصادية للضغط على دولة الإحتلال والولايات المتحدة الأميركية والدول التي لها مصالح في المنطقة العربية، لوقف العدوان أولا وتنفيذ إلتزماتها بتقديم الدعم المعنوي والمادي حتى يتمكن شعبنا من الثبات والصمود والبقاء في أرضه ووطنه، حتى إستعادة حقوقه المسلوبة ليعيش كبقية شعوب المنطقة والعالم بحرية وكرامة،
إن قيادة حركة "فتح" في لبنان تدعو إلى الإنهاء الفوري للإنقسام، ووضع كل الخلافات السياسية جانبا، وتغليب المصلحة العليا للشعب الفلسطيني، لأننا اليوم بأمس الحاجة للوحدة الوطنية الفلسطينية ووحدة الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، ووحدة الموقف الفلسطيني في إطار "منظمة التحرير الفلسطينية". وتؤكد بأن المقاومة الشعبية بكل أشكالها هي حق طبيعي مشروع لمواجهة الإحتلال ومخططاته الإجرامية.
تتوجه قيادة حركة "فتح" في لبنان بالتحية للشعب اللبناني الشقيق المقاوم الذي احتضن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان منذ نكبة عام 1948، ووقف مع شعبنا وقضيتنا العادلة، وقدّم التضحيات الكبرى من أجل فلسطين. وندعو الحكومة اللبنانية إلى إقرار التشريعات والقونين اللازمة وتنفيذ ما جاء في خطاب القسم والبيان الوزراي بما يتعلق بالحقوق المدنية والإنسانية للاجئين الفلسطينيين في لبنان كي يعيشوا بحريّة وبكرامة حتى عودتهم إلى أرضهم ووطنهم فلسطين، ونجدد التأكيد على رفض التوطين أو التهجير والتمسك بحق العودة.
وتتوجه بالتحية لشعبنا الفلسطيني الصامد الصابر في مخيمات اللجوء في لبنان الذي ورغم معاناته الطويلة قدّم التضحيات العظيمة من أجل فلسطين ومن أجل عودته إلى أرضه ووطنه، وتدعو أبناء شعبنا للمشاركة الواسعة في نشاطات وفعاليات إحياء ذكرى النكبة وذلك تعبيرًا عن تمسكهم بحق عودتهم إلى أرضهم وديارهم التي هجروا منها بالقوة.
إن التاريخ لن يعود إلى الوراء، وإن شعبنا بنضاله، وتضحياته العظيمة، تحت راية ممثله الشرعي والوحيد، منظمة التحرير الفلسطينية، وبقيادته الشرعية المتمثلة بالسيد الرئيس أبو مازن، قد استوعب دروس النكبة الأولى، فلا هجرة أبدا، بل ثبات وصمود على أرض الوطن، ولن تذهب تضحياته العظيمة هباء، ولا مساومة على ثوابته الوطنية وحقوقه الوطنية المشروعة غير القابلة للتصرف وفي المقدمة منها حق العودة، وسيقتلع شعبنا خيام اللجوء وكل الخيام التي خلفتها حرب الإبادة الإسرائيلية، وإن الإحتلال إلى زوال مهما طال الزمن، وسنقيم دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمته القدس الشريف شاء من شاء، وأبى من أبى.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار، والشفاء العاجل للجرحى والمصابين والحرية لأسرانا البواسل.
وإنها لثورة حتى النصر
قيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" في لبنان
14 أيار 2024
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها