في هذه التغطية المفتوحة من فضائية "فلسطيننا" لآخر التطورات والمستجدات الميدانية والسياسية المتعلقة بالعدوان الإسرائيلي على شعبنا، أجرت الإعلامية زينب أبو ضاهر عبر الهاتف الكاتب والمحلل السياسي الأستاذ محمد سرور. حيث أكد أن ما نراه اليوم هو حالة من التكامل المطلق بين سياسات حكومة نتنياهو والإدارة الأمريكية، الأمر الذي يعني، بكل وضوح، فرض شكل من أشكال الاحتلال الكامل على قطاع غزة من قِبل الطرفين. موضحًا أن مشروع تهجير سكان قطاع غزة يمضي قدمًا، وفق أجندة مُعلنة يتحدث بها يوميًا كبار المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، ما يعكس أن ما يجري ليس عشوائيًا، بل جزء من خطة مدروسة وممنهجة.

تعليقًا على خطة توزيع المساعدات التي تطرحها إسرائيل، اعتبر الأستاذ سرور أن هذه الخطة تمثل محاولة لتبييض سجل الجرائم التي ارتكبتها سلطات الاحتلال في قطاع غزة وهذا أولاً. أما ثانيًا، فتتعلق بمسعى إسرائيلي واضح لحشر سكان غزة في مساحة ضيقة لا تتجاوز ما بين 65 إلى 75 كيلومترًا مربعًا، تقع بين منطقتي المواصي وفيلادلفيا.

ويبدو أن جيش الاحتلال لا يرغب حتى بتحمّل مسؤولية توفير الغذاء لهذه الأعداد الكبيرة من المدنيين الذين يعيشون في حصار خانق منذ أكثر من شهرين دون أي إمدادات غذائية. مشددا على أنَّ كل ما يجري الآن هو محاولة لتنفيس حالة الاحتقان الدولي المتزايد بسبب السياسة الإسرائيلية الإجرامية، في محاولة لتخفيف الضغوط عن الحكومة الإسرائيلية، دون تقديم حل حقيقي أو تحمل أدنى مسؤولية إنسانية.

هذه السياسة تنبع من العقلية الصهيو-أمريكية التي دأبت، ولا تزال، على توفير الغطاء السياسي والعسكري الكامل لجرائم الاحتلال، وحمايته من أي ملاحقة أو تبعات دولية لما يرتكبه من انتهاكات جسيمة بحق أبناء شعبنا في قطاع غزة.

لذلك، فإن هذه الخطوة ليست إلا مراوغة سياسية، واحتيالاً مكشوفًا، وهروبًا من الاستحقاقات الأخلاقية والقانونية. لكن الأخطر، والذي يجب أن يُوضع في صلب خريطة الاحتمالات، هو الهدف الكامن وراء كل هذه التحركات: تهجير سكان قطاع غزة قسرًا، تحت مرأى ومسمع من المجتمع الدولي، وعلى رأسه الأمم المتحدة.

يرى سرور أن السياسة الأميركية تجاه المنطقة العربية والقضية الفلسطينية ثابتة، لكنها تعيد تموضعها في ظل المتغيرات الدولية، بهدف تعزيز الهيمنة الأميركية وجرّ بعض الدول العربية، لا سيما الخليجية، إلى مشروعها الإقليمي الأكبر.

أما القضية الفلسطينية، فهي في آخر سلّم أولويات واشنطن، رغم التمنيات بوجود موقف عربي واضح، خصوصًا من الدول التي سيزورها ترامب، للضغط على إدارته لمراجعة سياساتها، مع الإشارة إلى أمل كبير في الموقف السعودي وثباته تجاه حقوق الشعب الفلسطيني.

الإسرائيليون يستخدمون ملف المحتجزين ذريعة لتمرير سياساتهم المعلَنة، وهم ليسوا أولوية حقيقية. الإعلان عن مقتل ثلاثة منهم مؤخرًا يعكس ذلك.

أما سياسة ترامب، فهي توصف بأنها فجّة وخالية من الدبلوماسية، قائمة على الإملاءات الصريحة لا الحوار، مما يُضعف أي مقاربة إنسانية أو سياسية عادلة للقضية الفلسطينية، بما في ذلك قضية الدولة الفلسطينية أو معاناة سكان غزة تحت الحصار والتجويع.

كما أشار إلى أن إسرائيل تؤجل المرحلة العسكرية المقبلة في غزة إلى ما بعد زيارة ترامب، حتى لا تُحرج الرئيس الأميركي أو تؤثر على زيارته، في نوع من “المراوغة السياسية معتادة من حكومة نتنياهو.

وتُطرح الآن فكرة تهجير سكان غزة إلى دولة ثالثة، في ظل تدمير ممنهج للبنية التحتية ومقومات الحياة، ما يُثبت استمرار المشروع الصهيوني القائم على التهجير والتطهير العرقي.

وأشار إلى أن تشدد حماس في مواقفها، يوفّر ذريعة لحكومة الاحتلال لتوسيع مشروع التهجير، ويزيد من حدة الهجمة على القطاع، الذي يُدمّر بشكل شبه كامل.

وشدّد سرور على أنه حتى لو تم الإفراج عن المحتجزين، فإن المخططات الإسرائيلية ستبقى قائمة، لأن العدو الصهيوني بات في المرحلة الأخيرة من مشروعه، وهي التهيئة للتهجير.

فـالتدمير قد حصل، والقتل العشوائي والممنهج مستمر منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى اليوم.وما زال كل شيء يسير ضمن المخطط المرسوم مسبقًا.

ختم حديثه مشيرًا إلى أنَّ الوقت تأخر كثيرًا، لكن نزع الذرائع والتبريرات الصهيونية قد يكون له أثر إيجابي، وقد يُفيد في هذه المرحلة.