خطة جديدة تتصدر مشهد العدوان المتواصل وتندرج ضمن مساعي الاحتلال لإحكام السيطرة على قطاع غزة. نسف وتطهير وإنشاء لمناطق عازلة، هي مراحل تسير في منحى تهجير السكان واحتلال القطاع. هذه الملفات ناقشتها الاعلامية مريم سليمان في مقابلة خاصة عبر قناة فلسطيننا مع عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي، الكاتب محمد علوش. 

بدايةً أكد محمد علوش أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل فرض حصار شامل على قطاع غزة، مستخدمًا سياسة التجويع كأداة ابتزاز وعقاب جماعي بحق الفلسطينيين. وأوضح أن الحصار لا يقتصر على منع المساعدات، بل يشمل أيضًا إغلاق المعابر، ما فاقم من تدهور الوضع الإنساني في كافة أنحاء القطاع.

وأشار إلى أن هذا الحصار يأتي ضمن جرائم الحرب المستمرة التي ينفذها الاحتلال منذ نحو عشرين شهرًا، وسط صمت دولي وتواطؤ أمريكي واضح، مؤكدًا أن ما يجري في غزة جزء من مشروع سياسي إسرائيلي–أميركي يهدف إلى إعادة تشكيل الواقع الجغرافي والسياسي للقطاع، وصولًا إلى تهجير الفلسطينيين قسرًا أو طوعًا.

وشدّد علوش على أن الاحتلال لا يستهدف فصيلًا بعينه، بل يسعى لتصفية الوجود الفلسطيني بأكمله في غزة، عبر حرب إبادة شاملة تستخدم المجاعة كأداة رئيسية لتركيع الشعب الفلسطيني، مؤكدًا أن ما يحدث هو حرب وجودية تمس كل الفلسطينيين.

أكد محمد علوش أن العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني متواصل في غزة والضفة الغربية والقدس، ولا يحتاج إلى مبررات، بل يتم تحت غطاء سياسي أميركي كامل، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة تمنح الاحتلال “ضوءًا أخضر” لمواصلة جرائمه، في ظل دعم مطلق للأجندات الإسرائيلية، وهو ما تعكسه زيارة الرئيس الأميركي المرتقبة للمنطقة.

وأوضح أن سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المدعوم بوزراء متطرفين وفاشيين، لا تنطلق من اعتبارات أمنية حقيقية، بل تأتي لخدمة أهداف انتخابية داخلية، من خلال تعزيز التيارات اليمينية والصهيونية المتطرفة، حيث بات الدم الفلسطيني جزءًا من حسابات الدعاية الانتخابية.

ووصف علوش الحرب على الفلسطينيين بأنها ظالمة وغير متكافئة، تُنفّذ بدعم من نظام عالمي منحاز تقوده الولايات المتحدة، مؤكدًا أن الشعب الفلسطيني يخوض معركة من أجل الحرية، ويجب على العالم الاعتراف بحقه المشروع في مقاومة الاحتلال.

وفي سياق متصل أشار إلى أن التحركات الدولية لا تزال غير كافية لوقف التصعيد، وأنه يجب أن تكون هناك تحركات فعلية على أرض الواقع، مثل المؤتمر الذي تحضره السعودية وفرنسا لدعم حل الدولتين. وأكد أن التحرك يجب أن يشمل المانحين، وكذلك العمل على إعادة السلطة الفلسطينية إلى غزة وتوحيد الساحة الفلسطينية.

أما بالنسبة للموقف العربي، فقد طالب علوش الدول العربية باتخاذ موقف واضح وحاسم تجاه الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق شعبنا، مؤكدًا أن ما يحدث في فلسطين ليس حدثًا معزولًا. وأشار إلى أن العدوان الإسرائيلي يمتد ليشمل دولًا أخرى في المنطقة مثل لبنان وسوريا واليمن، حيث تسعى الولايات المتحدة وإسرائيل إلى توسيع نطاق العدوان في المنطقة، بهدف فرض إسرائيل كلاعب رئيسي في الشرق الأوسط.

أوضح محمد علوش أن العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، وتوسعه الإقليمي، يجري في ظل تجاهل أميركي متعمد، مشيرًا إلى أن إدارة الرئيس ترامب لم تعد تعتبر غزة أولوية. ولفت إلى أن تقريرًا لصحيفة “إكسوس” كشف عن سماح واشنطن لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بالتصرف بحرية في القطاع، ما يعكس استمرار الانحياز الأميركي لصالح الاحتلال.

ووصف علوش السياسات الأميركية بأنها تعكس حالة من الغرور والغوغائية، تجسدت في مواقف ترامب الأخيرة، مؤكدًا أن الولايات المتحدة تسعى لفرض مصالحها الاقتصادية على حساب الشعب الفلسطيني، بما في ذلك تحويل غزة إلى "منطقة اقتصادية"، في إطار مشروع يرسّخ الهيمنة الأميركية والعقلية الفاشية اليمينية التي تحكم توجهاتها في المنطقة.

وفي السياق ذاته، أكد علوش أن شعبنا سيظل صامدًا في وجه الاحتلال، ولن يقبل بأي بديل عن أرضه الفلسطينية. وأضاف أن الفلسطينيين يرفضون التوطين أو التهجير، وأنهم مصممون على تحقيق حلمهم في إقامة دولة فلسطينية مستقلة، مهما كانت التحديات.

ونوه علوش إلى أن السلطة الفلسطينية، رغم التحديات التي تواجهها، أكدت على أولوية وقف العدوان والحفاظ على أرواح المدنيين في غزة. لكنه لفت إلى أن السياسات الإسرائيلية تزداد تطرفًا، حيث يقارن رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو بين حماس والسلطة الفلسطينية، مما يعكس المخططات الإسرائيلية الهادفة إلى تقويض أي دور للسلطة الوطنية الفلسطينية في القطاع.

وشدد علوش على أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى بشكل مستمر إلى إفشال أي جهد فلسطيني، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو التنموي. كما أشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية الحالية، بقيادة نتنياهو، وبتحالفها مع اليمين المتطرف، تهدف إلى توسيع المستوطنات الاستعمارية في الضفة الغربية وتكثيف السياسات الهادفة إلى تهويد القدس والمضي قدمًا في مشروع الضم.

وتطرق "علوش" إلى الممارسات الإسرائيلية في الضفة الغربية، خصوصًا في شمالها، حيث تواصل قوات الاحتلال هدم المنازل والمباني، مما يعكس سياسة إسرائيلية قديمة تهدف إلى تغيير الواقع الديموغرافي لصالح الاحتلال. وأكد أن هذه السياسات تسعى إلى فرض واقع جديد يشمل القدس الكبرى والضفة الغربية في إطار مشروع الاستيطان الاستعماري الذي يتبناه الاحتلال.

ودعا علوش إلى ضرورة توحيد الصف الفلسطيني لمواجهة المخططات الإسرائيلية، مشيرًا إلى أن المرحلة الحالية هي مرحلة مصيرية تتطلب المزيد من الصمود والمقاومة في وجه العدوان المستمر. وشدد على أن الشعب الفلسطيني سيظل يقاوم حتى تحقيق حلم الاستقلال والحرية.

وفي إطار حديثه عن الإجراءات الاحتلالية وأثرها على أبناء شعبنا، أكد علوش على ضرورة اتخاذ إجراءات فلسطينية عاجلة لدعم صمود الشعب الفلسطيني على أرضه. وأشار إلى أهمية دعم جميع القطاعات، من الطبقة العاملة إلى الفلاحين والمزارعين، بما في ذلك مساندة النازحين الذين أجبرهم الاحتلال على مغادرة منازلهم، وبخاصة في المخيمات التي تظل محطات مؤقتة على طريق حق العودة. وأضاف أن هناك حاجة إلى خطة ورؤية فلسطينية واضحة لمواجهة المخططات الإسرائيلية والتمسك بالحق الفلسطيني في البقاء والمقاومة.

وأوضح علوش أن الظروف الحالية في الضفة الغربية باتت مهيأة أكثر من أي وقت مضى لتطبيق مخطط الضم، نتيجة لتشكيل الحكومة الإسرائيلية الحالية ومفاوضاتها الداخلية. وأضاف أن هذه الحكومة تسعى لإرضاء المستوطنين في الضفة الغربية عبر تعزيز وجودهم وتوسيع المستوطنات، مما يجعل الوضع الفلسطيني أكثر صعوبة في ظل هذا الهجوم المستمر على الأرض والحقوق الفلسطينية.

وحول المرحلة الحالية، أشار علوش الى ضرورة وجود خطة حسم فلسطينية لمواجهة الوضع الراهن. وأكد أن الوقت قد حان لكي تكون هناك خطة حاسمة أمام القيادة الفلسطينية، بما في ذلك المجلس المركزي، وضرورة عرض خطة أمام اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وفصائلها المختلفة، مشددًا على أن هذا يتضمن استمرار نضال الشعب الفلسطيني وتوحيد الصفوف في مواجهة الاحتلال، مع التأكيد على أهمية الحفاظ على القرار الوطني المستقل وعدم السماح بإنشاء كيانات بديلة تهدد مكانة منظمة التحرير الفلسطينية كالممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

وأشار إلى ضرورة أن تتفق كافة الفصائل الفلسطينية، بخاصة في إطار منظمة التحرير، على رؤية وبرنامج عمل واضح، يعزز من توحيد الصفوف وإنهاء الانقسام الفلسطيني. كما أكد على أن الوحدة هي السبيل الوحيد لمواجهة مخططات الاحتلال.

أما عن تحركات الاحتلال، فقد أشار علوش إلى الإجراءات الإسرائيلية المستمرة التي تستهدف السلطة الفلسطينية، مثل رفع الدعوى القضائية ضد السلطة الفلسطينية بسبب الهجمات التي وقعت في السابع من أكتوبر، بما يعكس محاولات الاحتلال لاستهداف السلطة الفلسطينية وتقوية دوره الوظيفي كوكيل أمني للاحتلال، وشدد على أن السلطة الوطنية الفلسطينية لن تقبل بهذا الدور، وأن هدفها هو أن تكون كيانًا انتقاليًا يؤدي إلى إعلان الدولة الفلسطينية المستقلة.

أكد محمد علوش أن القيادة الفلسطينية تتحرك سياسيًا ودبلوماسيًا لمواجهة الإجراءات الاحتلالية، ومنها الدعوى القضائية الإسرائيلية الباطلة ضدها. ودعا إلى تحرك عربي ودولي واسع يدعم هذا التوجه، ويستثمر الزخم الشعبي العالمي المؤيد للقضية الفلسطينية. وشدّد على ضرورة بلورة خطة استراتيجية فلسطينية شاملة، تؤكد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.