بقلم: وسام الشويكي

في قلب مدينة دورا، جنوب الخليل، يقف "أبو نضال" متجهمًا يغشاه الحزن على ابن المدينة الشهيد عبد الفتاح عاهد الحريبات، الذي أعدمته قوات الاحتلال بدم بارد أمس الأول عند المدخل الجنوبي لمدينة الخليل، المعروف باسم "مدخل الفحص".

وعلى نحو بدت فيه شوارع "دورا" خالية من المواطنين؛ اتشحت المدينة بالسواد؛ حيث الإضراب الشامل الذي أتى على مرافق المدينة، حدادًا على روح شهيدها الحريبات (20 عامًا)، وأرواح شهداء الوطن، وتنديدًا باستمرار حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة والعدوان الغاشم في شمال الضفة، وأغلقت المحال التجارية أبوابها، وتعطل الدوام في المؤسسات الرسمية والأهلية، بما فيها الجامعات، استجابة لدعوة حركة "فتح" في إقليم الجنوب بإعلان الإضراب الشامل حدادًا على أرواح الشهداء.

عبر المواطن "أبو نضال"، عن غضبه من استمرار الحرب على غزة والعدوان على الضفة، وقال: "لا أملك من كلمات للتعبير عما يجول في داخلي من ألم وقهر جراء استمرار آلة الحرب الإسرائيلية وهي تقتل الصغير قبل الكبير والنساء قبل الرجال. لقد طفح الكيل ولم يعد هناك ما يردع الاحتلال من قوانين واتفاقيات".

وأضاف: "التزامنا بالإضراب هو احترام لأرواح الشهداء الذين يقدمونها وفاء للوطن وحماية لمقدساتنا. وكتعبير عن حالة الغضب والحزن من مسلسل استمرار قتل جنود الاحتلال أبناءنا تحت حجج وذرائع ليس الهدف منها سوى الإمعان في القتل واستهداف كل مواطن لثنينا على إرادتنا في العيش فوق تراب وطننا".

ويتابع: إن هذا الجنون الذي يعتري الاحتلال في مواصلة جرائمه في غزة والضفة، يولد مزيدًا من الغضب والحنق، ويدفع نحو مزيد من التصعيد، خاصة في ظل هذا الصمت والخذلان العالمي، الذي لا يقف أمام جرائم الاحتلال.

عند "مفترق الفحص"، أقدم جنود من قوات الاحتلال على إطلاق الرصاص بكثافة نحو الشاب الحريبات الذي كان يقود سيارته، وادعى الاحتلال أنه "دهس أحد جنوده عمدًا وحاول تنفيذ عملية طعن"، أثناء نصبها حاجزًا عسكريًا كان الجنود ينكلون عنده بالمواطنين.

وتكررت عمليات الإعدامات عند الحواجز العسكرية الاحتلالية، داخل مدينة الخليل وعلى المداخل والمفترقات، استشهد خلالها العشرات من الشبان بإطلاق النار بدم بارد بدعوة محاولات تنفيذ عمليات طعن أو دهس لقوات الاحتلال.

وأجرت مؤسسات حقوقية عديدة، محلية ودولية، تحقيقات ميدانية مع مواطنين حول المعاناة التي يتعرضون لها عند الحواجز، من تفتيش مذل، وتعرض للتنكيل والضرب، والاحتجاز لساعات، والتدقيق في بطاقات الهوية، واستطلاع معلومات عن حالات إعدام مماثلة فقط لمجرد الشبهة.

واحتجزت سلطات الاحتلال جثمان الشهيد الحريبات، وهي سياسة تنفذها كإجراء قمعي ضد ذويه؛ بحرمانهم من دفنه وإلقاء النظرة الأخيرة. فيما شنت عدوانًا على منزله في دورا وتركته خرابًا، ونكلت بالعشرات من ذويه وضربتهم ضربًا مبرحًا بالبساطير وأعقاب البنادق، منهم من أدخل إلى المستشفى لتلقي العلاج.

ويصف منسق حملة استرداد الجثامين أمين البايض، هذا الاختطاف بالسياسة الممنهجة منذ عشرات السنوات، التي تقصد دولة الاحتلال منها الضغط على شعبنا الفلسطيني الذي يكافح من أجل نيل حريته، وكعقاب لذوي الشهداء وإضعاف معنوياتهم.

ويقول المواطن "أبو نضال"، الذي يقف على رصيف الشارع وسط دورا: "هذه ليست سياسة جديدة على الاحتلال، فمنذ أن عرفناه محتلاً لأرضنا وهو يمارس ضدنا كل أشكال القتل والدمار والخراب، سوى اللهم بعد أحداث أكتوبر تفاقمت وتضاعفت وتسارعت".