كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أمس الأربعاء 7 أيار/مايو الحالي أولويات خطة نتنياهو وأركان ائتلافه الحاكم للإبادة الجماعية على قطاع غزة، وتتمثل في الآتي: أولاً تحقيق "النصر الكامل"، والذي يتضمن: 1- استسلام حركة حماس على كل المستويات؛ 2- خروجها من دائرة حكم غزة وإدارتها؛ 3- إعادة احتلال قطاع غزة بشكل كامل من خلال توسيع عملية الإبادة تحت اسم "عربات جدعون"؛ 4- تأمين إدارة مدنية من المتساوقين المحليين مع إسرائيل، وهذا يتقاطع مع مقترح أميركي في ذات الاتجاه؛ 5- عدم عودة الدولة والحكومة الفلسطينية لتولي مهامها في القطاع؛ 6- تهجير السكان الفلسطينيين من القطاع تحت وسائل مختلفة من الإبادة العسكرية وحرب التجويع والأمراض ونشر الأوبئة لفرض الخيار الصهيو أميركي؛ ثانيًا الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين. الأمر الذي أثار المزيد من غضب الشارع الإسرائيلي وخاصة المعارضة وذوي المحتجزين الإسرائيليين.
وهذا الأمر المتكرر ليس جديدًا نهائيًا، بل هو تكرار ممجوج لما طرحته الحكومة الإسرائيلية عمومًا وخاصة رئيس الوزراء ووزير المالية وما يسمى وزير الأمن القومي منذ بداية الإبادة الجماعية على قطاع غزة. ورغم مرور 19 شهرًا على الإبادة الجماعية لم يتحقق حتى الآن سوى مزيد من الإبادة الجماعية لأبناء الشعب الفلسطيني، وفشل فشلاً ذريعًا في تحقيق باقي الأهداف المعلنة، وما زالوا يراوحون في ذات المربع. ولإحداث اختراق في هدف التهجير القسري، وهو ما يسمونه "الطوعي"، فرضوا الحصار المطبق والشامل منذ 50 يومًا لإرغام المواطنين الفلسطينيين على الاستسلام والقبول بالأمر الواقع. لكنهم كما فشلوا خلال الشهور الماضية، سيفشلون مجددًا.
وأما باقي الأهداف المتعلقة بحركة حماس، ووفق العديد من المصادر العليمة، فإن قيادة حماس أبلغت الوسطاء العرب (مصر وقطر) أنها مستعدة للإفراج عن المحتجزين جميعًا، مقابل الإفراج عن عدد مقابل من أسرى الحرية الفلسطينيين، وتسليم السلاح المتبقي للأشقاء المصريين، ووافقت على تولي لجنة إدارية محلية لإدارة القطاع، وخروج من يرغب من قياداتها وكوادرها خارج القطاع، وترك الأنفاق، مقابل هدنة طويلة تصل إلى خمس سنوات.
لكن نتنياهو وفريقه الحاكم رفض التجاوب من حيث المبدأ مع أي مقترح لوقف الإبادة الجماعية، وما زال يُصر على مواصلة تحقيق أهدافه في "النصر الكامل". بيد أن الوسطاء العرب بالتعاون مع الإدارة الأميركية، حسب تصريح مصري قطري أمس، أنهم ما زالوا مستمرين في مساعي الوساطة لإحداث إختراق في الاستعصاء الإسرائيلي، وقطع الطريق على خيار الإبادة، وحرب التجويع القاتلة، والعمل على إدخال المساعدات الإنسانية للقطاع. وهذا ما عكسه ستيف ويتكوف في تصريح له، أنه يعمل لتقريب المسافات بين المقترحات المختلفة بهدف الوصول لإبرام اتفاق جديد قبل زيارة الرئيس ترمب للمنطقة الأسبوع القادم.
كما أن الرئيس الـ47 الأميركي، أكد أنه سيعمل على إدخال المساعدات الإنسانية لسكان القطاع، والإفراج عن الرهائن الأحياء والأموات، وحسبه، أن الأحياء من الرهائن بات عددهم 21 رهينة، ومات ثلاثة منهم خلال الفترة الأخيرة من الإبادة الجماعية. مع أن إسرائيل ما زالت تدعي، أن عدد الأحياء من المحتجزين، هو 24 رهينة. لكن حتى الآن لم يحدث أي تقدم يُذكر، ولا يبدو في الأفق ما يشي بإمكانية إبرام اتفاق. لأن الحكومة الإسرائيلية ما زالت تماطل وتسوف، وتكسب مزيد من الوقت لقطع الطريق على إبرام اتفاق جديد، ومواصلة الإبادة الجماعية لتحقيق هدف التهجير القسري للمواطنين الفلسطينيين، ولهذا كل يوم يؤكد المسؤولون الإسرائيليون بدءً من نتنياهو وانتهاءً بآخر وزير في الائتلاف، بأنهم ماضون في توسيع العمليات العسكرية لتحقيق أهدافهم الاجرامية.
تبقى أيام قليلة على زيارة الرئيس الأميركي للمنطقة، هل يمكن إنجاز خطوة على طريق توقيع إتفاق جديد؟ الأمر مرهون بمدى ضغط الإدارة الأميركية على القيادة الإسرائيلية، وإلزامها بذلك، كما فعلت في إبرام اتفاق الدوحة السابق، الذي بدأ تطبيقه في 19 كانون الثاني/يناير الماضي. وهذا أيضًا مرتبط بمدى قدرة الأشقاء العرب الذين سيزورهم الرئيس ترمب، وخاصة العربية السعودية والإمارات وقطر بالتأثير على واشنطن لوقف الإبادة الجماعية وإدخال المساعدات الإنسانية كافة إلى القطاع قبل فوات الأوان.
الوقت خلال الساعات والأيام القادمة من ذهب، يفترض أن يستثمره الأشقاء العرب بقوة ويدفعوا عربة إتفاق جديد وانجازه بما لديهم من إمكانيات وأسلحة وعلاقات عميقة مع الولايات المتحدة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها