في غزّةَ…
حيثُ الكرمُ،
إذا ضاقَ الفضاءُ، وسِعتْهُ الأرواحْ،
وحيثُ الطِّفلُ يُقسِمُ لُقمَتَه،
ويغفو الحُلمُ في عيونِ النساءِ
على هديرِ الطائراتْ…
هُناك،
ينهشُ الجوعُ ما تبقّى
من أجسادِ الكرامةِ،
ويقتسمُ الموتُ رغيفَ الصباحِ
مع الزَّمنِ الجائعْ….!
غزّةُ،
التي علّمتِ الكوكبَ
أنَّ الكفَّ تُصافِحُ المدفع،
وأنَّ الخبزَ يُصنعُ من الحجارة
إذا خانتِ السنابلْ…
باتتْ اليومَ
تَرضَعُ وَجعَها مِن ثديٍ مجوَّف،
وتكحّلُ عينَها بسوادِ المجاعة،
وتَمسحُ بملحِ الدموعِ
شَفَةَ الحياةْ….!
منذُ متى
صارَ الطِّفلُ يُفطِرُ
على رمادِ الزّادْ؟
والأمُّ تحلبُ من الهواء
قطرةً لرضيعِها؟
منذُ متى
أصبحتِ التكايا ذِكرى،
والقدورُ خاليةً
كقلوبِ القَتَلةْ …؟
يا ربُّ…
لقد جفَّ ضرعُ الرحمةِ
في عيونِ البَشر،
وصارَ الضميرُ
بضاعةً فاسدة
في أسواقِ الأُمم …!
شاحناتٌ
تَغفو على أبوابِ غزّة،
تحملُ قمصانَ الملائكةْ،
لكنّها لا تدخلُ،
لأنَّ الجُنرالَ على المَعبَر
يريدُ الموتَ أنيقًا،
بلا فوضى، بلا خبز،
بلا شَهقةْ…..!

غزّةُ
تعلو عِظامُها كالمآذن،
وتُصلّي على جسدِ المجاعةْ،
والأطفالُ  يا ويلي 
صوتُ عِظامِهم
أوضحُ من النشيدْ …!
أيُّ شَرعٍ هذا؟
أيُّ دينٍ يسكتُ
على طوفانِ الجوع؟
ويمنحُ القاتلَ
صكَّ البراءة؟
أينَ محكمةُ العدلْ؟
حينَ تموتُ الحياةُ في المَهود
وتُسلبُ الأمومةُ
من صدرٍ محترقْ …؟!
غزّةُ لا تُريدُ بياناتٍ،
تريدُ رصاصةَ رحمةٍ
للموتِ البطيء،
تُريدُ ممرًّا للحليب،
لا للذلِّ…
تُريدُ شمسًا لا تُقصف،
وحياةً تُكتبُ
بلا لونِ الدمْ …!
يا أحرارَ العالم،
لا تنتظروا
أن يُحمَلَ القطاعُ
على الأكفّ نعشًا
لتَبكوا،
افتحوا بواباتِ الضمير،
قبلَ أن تتحوّل غزّة
إلى مقبرةٍ للجوعى،
وشاهِدِ قبرٍ
على موتِ الإنسانيّة…!