ما الذي دفع حركة حماس لتنزع سلاحها، بل ولتخلع عنها ثوب المقاومة الذي طالما تسترت به، لترميه عند أقدام المفاوض الأميركي لشؤون الرهائن، حتى دون أن يقدم لها هذا المفاوض أي شيء يُذكر.
قد تفسر الانتهازية التي طالما كانت عليها "حماس" هذا الأمر، فبعد أن أدركت أن الجانب الأميركي مقرر بقوة الترهيب، في "مفاوضات" تسريح المحتجزين الإسرائيليين، ذهبت ورمت بكل ما لديها بين يديه، لا عبر التفاوض، وإنما عبر التخابر المهين، عديم الأخلاق والقيم الوطنية، التخابر الذي يجرمه القانون الأساس الفلسطيني.
على أن الانتهازية وحدها لا تفسر هذه الخطيئة التي ارتكبتها حماس في هذا الإطار، خاصة وأنها اندفعت في هذه الطريق، بلا أي تروٍّ، ولا أي تحسب كان.
ليس ثمة أحجية هنا، المسألة وما فيها أن مخرجات القمة العربية الطارئة، التي أقرت واعتمدت الخطة المصرية الفلسطينية لإعادة الإعمار، وخطاب الرئيس أبو مازن في هذه القمة، قد أصاب حماس بالهلع، المخرجات والخطاب رأت فيهما حماس أن البساط بات ينسحب من تحت قدميها، خاصةً خطاب الرئيس أبو مازن، الذي أعلن خلاله قرارات تتعلق بالشأن الداخلي الفلسطيني، لإعادة هيكلة الأطر القيادية لدولة فلسطين، وضخ الدماء الجديدة في هذا السياق، لتحقيق الهيكلية التفاعلية، والتطويرية المطلوبة، لمجابهة مختلف التحديات، والعمل على تعزيز الوحدة الوطنية، في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، وعلى أساس الالتزام ببرنامجها السياسي، إلى جانب تسوية موضوع المفصولين من حركة "فتح" بالعفو العام، واستحداث، وتعيين نائب لرئيس المنظمة، ودولة فلسطين، كل هذه القرارات لم تكن ولن تكون على هوى "حماس" التي لم تمض حتى الساعة، بغير دروب الفرقة، والفتنة، والادعاء، والانقسام، ولم يكن يومًا الإصلاح والتجديد من برامجها، وما سعت يومًا نحو الوحدة الوطنية.
الإصلاح والتجديد والوحدة، والتماسك، والدماء الجديدة، مفردات، وقيم، وغايات، لا تعرفها "حماس" وهي اليوم في الواقع بما فعلت، وبما ذهبت إليه في هذا التخابر، كالمستجير من الرمضاء بالنار، فليس عند الجهات الأجنبية التي تخابرت معها، تلك القشة التي تحمي من الغرق، بل التي تقصم ظهر البعير.
يعرف الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية هذه الحقيقة، لهذا دعا حماس أن تعود للرشد الوطني قبل فوات الأوان، فهل تعود؟.
الرشد الوطني، هو رشد العزة والكرامة، والتخابر، في الواقع، وحل المهانة، ومن يهن كما قال الشاعر المتنبي يسهل عليه الهوان، ومن يسهل عليه الهوان، يظل ذليلاً مهما فعل، ومهما قال، وعلى أي مقعد جلس، هذا إذا كان هناك مقعد لذليل.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها