احتلال قوات جيش منظومة الاحتلال الاستعماري الصهيونية العنصرية لمعبر رفح الفلسطيني، يعني أن "إسرائيل" الدولة القائمة بحملة الإبادة، قد بلغت هدفًا استراتيجيًا، في إطار عملية نسف آمال الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال وقيام دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران سنة 1967، فقطاع غزة بات بلا منفذ حدودي نحو مصر  العربية وبقية أنحاء العالم، أما الضفة الغربية، فإن المعبر الوحيد نحو المملكة الأردنية الهاشمية والعالم أيضًا، مازالت سلطة الاحتلال العسكرية الأمنية تحكم سيطرتها عليه، علاوة على تحكمها بمنافذ المدن والبلدات والقرى الفلسطينية، بحواجز عسكرية، وبمجموعات المستوطنين الإرهابيين، المستنسخين من خلايا البشرية الهمجية، وبالتوازي تمضي سلطات الاحتلال بتنفيذ مخططات تهويد القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية بوتيرة متسارعة، يستطيع أي متابع ومراقب أن يشهد آثارها على الأقل في المخططات العمرانية في المدينة، وعمليات هدم المنازل، ومصادرة الأملاك، والتهجير الممنهج للالتزام مع ارتفاع وتيرة اقتحامات الجماعات الدينية اليهودية المتطرفة اليومية للمسجد الأقصى المبارك، ومنع المواطنين الفلسطينيين والمؤمنين المسيحيين القادمين من أنحاء العالم من الوصول إلى كنيسة القيامة!


ما نعرفه وندركه أن رئيس حكومة الصهيونية الدينية بنيامين نتنياهو، ينتهج سياسة تقطيع أرض دولة فلسطين، ثم يضم المقتطع بالتدرج، ثم يبسط سيطرة أمنية واستعمارية باستيطان متواصل جغرافيا، ويتوسع مستغلاً الثروات الطبيعية، مانعًا المواطنين من استثمار حقهم الطبيعي والتاريخي فيها، لكن الملاحظ أننا كلما حققنا تقدمًا في محاصرة سياسة حكومة إسرائيل في محافل الشرعية الدولية القانونية والحقوقية وحتى الثقافية، وتعرية هذه المنظومة القائمة على الاحتلال والاستيطان والتهجير، والقوانين العنصرية، تصطنع أحداث أمنية أحيانًا، ودموية أحيانًا أخرى، تتخذها المنظومة ذريعة لتعزيز هذه السياسة وتسريع تنفيذ خططها وبرامجها ، ويحدث كل هذا تحت مظلة حماية وأمان سياسية وأمنية وعسكرية أميركية غير محدودة ولا مشروطة إلا بما يحفظ ماء وجه واشنطن، ويحمي ساستها من تتبعات عدلية دولية مستقبلاً، وبذلك تأخذ الادارة الأميركية على عاتقها دور التموية والتغطية بدخان الدعاية الاعلامية، لتمكين حكومة الصهيونية الدينية من تحقيق أهدافها المعلنة، وغير المعلنة، لكنها آثارها واضحة المعالم، ويراها العالم على الهواء مباشرة، عبر حملة الإبادة الدموية على الشعب الفلسطيني، والتدمير المباشر بالقنابل والصواريخ وبكل صنوف الأسلحة في قطاع غزة، وبالمسيرات والأباتشي والجرافات، والقنص، والاغتيالات، واصطياد المواطنين على الحواجز، والاعتقالات في الليل والنهار، وتدمير المقدرات الاقتصادية ،بالتوازي مع قرصنة أموال الضرائب الفلسطينية، ومحاولات زعزعة الأمن، وضرب السلم الأهلي في الضفة الغربية، وندرك أيضًا أن الإدارة الأميركية صاحبة الأمر والنهي على إسرائيل، تغطي كل جرائمها، وتمنع محاسبتها وفقا للقانون الدولي، باستخدام  (سلاح الفيتو) وبذلك يمضي نتنياهو في تطبيق سياسة (إرهاب الدولة ) على الملأ، كما تفعل (الجماعات الإرهابية)، لزيادة ضغط الارهاب النفسي والمادي على الشعب الفلسطيني!!

حتى قضاة محكمة الجنايات الدولية لم يسلموا من تهديدات أعضاء في الكونغرس الأميركي، إثر أخبار عن احتمال اصدار قرارات اعتقال بحق ساسة وجنرالات في منظومة الاحتلال، على رأسهم نتنياهو، ليس هذا وحسب، بل إننا تابعنا التمويه المحكم السابق لعملية احتلال معبر رفح، حيث استطاعت الإدارة الأميركية غرس وهم برؤوس جماعة حماس، وأقنعتهم بجديتها في ضمان اتفاق مع إسرائيل حول إطلاق النار وتبادل الأسرى والرهائن توافق عليه، فسارع هؤلاء لإعلان موافقتهم، إثر إطلاق قذائف الهاون على معبر كرم أبو سالم التجاري، من بين خيام النازحين في رفح، فقتل وجرح جنود من جيش الحرب الإسرائيلي، فكانت ذريعة المنظومة للبدء باحتلال شرق رفح، والوصول إلى المعبر خلال ساعات محدودة، وزاد عليها خروج الرئيس الأميركي بخطاب أكد فيه التزام إدارته بأمن إسرائيل، وإعادة كل الأسرى الاسرائيليين إلى بيوتهم، دون ذكر كلمة واحدة عن مصير الأسرى الفلسطينيين، أو المواطنين في قطاع غزة. وبذلك سقط مروجو الوهم والمضللين، في شراك وفخ مخترعي وصانعي "إسرائيل" من مكونات كيميائية مركبة، على خلاف فلسطين والدول ذات الجذور الطبيعية والتاريخية. فيا ليتهم استمعوا بتعقل لكل كلمة قالها سيادة الرئيس أبو مازن، فهو الخبير بتكوينهم، والحكيم في السياسة المضادة لسياستهم ومشاريعهم المدمرة للسلام في العالم، وهو العاقل الشجاع الذي تقوى بالعدالة الدولية وقوانينها، على المتمردين على الإنسانية، وقوانينها وشرائعها الأرضية والسماوية.