بقلم: محمود أبو عبية

يأتي يوم الجريح هذا العام، في ظل تصعيد كبير باعتداءات الاحتلال ومستوطنيه بحق شعبنا الفلسطيني، كما جاء في ظل استهداف ممنهج للجرحى من قبل جنود الاحتلال في محاولة للنيل من حياتهم من خلال تركهم ينزفون في أماكن إصابتهم دون علاج حتى الموت.

وفي الوقت الذي تتواصل فيه الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والاقتحامات اليومية للمدن والبلدات والقرى والمخيمات في الضفة الغربية، يسقط الجرحى على مدار الوقت، لكنهم لا يتلقون العلاج في غزة بسبب تركهم ينزفون لعدم القدرة على وصولهم نتيجة القصف والقنص، أو لانهيار المباني عليهم وتركهم تحت الأنقاض، وكذلك في الضفة لا تسمح قوات الاحتلال لسيارات الإسعاف بنقل الجرحى عند اقتحامها للتجمعات السكانية الفلسطينية وغالبا ما يتركون ينزفون حتى الموت.

وفي حصيلة غير نهائية منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بلغ عدد الإصابات في قطاع غزة أكثر من 72,760 إلى جانب آلاف المفقودين تحت الأنقاض بين جريح وشهيد، فيما وصل عدد الشهداء إلى 31,112 شهيدا، غالبيتهم من الأطفال والنساء.

ويصادف الثالث عشر من آذار/ مارس من كل عام، يوم الجريح الفلسطيني، ليكون شاهدا حيا على بشاعة الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته لكل القوانين والأعراف الدولية، باستخدامه الأسلحة المحرمة لقمع أبناء شعبنا الفلسطيني في كل ساحات المواجهة عبر مسيرته النضالية، التي خلّفت مئات آلاف الجرحى.

وفي عام 2022، سُجلت 10 آلاف و587 إصابة بين صفوف المواطنين برصاص قوات الاحتلال والمستوطنين، معظمها في شهر آب/ أغسطس، ومن بين هذه الإصابات تم نقل 2027 مصابًا إلى المستشفيات، 1644 منها في محافظات الضفة، و383 في محافظات غزة، فيما تم علاج 8,560 إصابة ميدانيًا.

وخلال عام 2021 أصيب أكثر من 16 ألفًا و500 مواطن على يد قوات الاحتلال والمستوطنين، غالبيتها وقعت في شهر أيار/ مايو، ومن بين هذه الإصابات تم نقل حوالي 3095 مصابًا إلى المستشفيات، منها 964 في الضفة، و2131 في غزة.

وبعض الجرحى تعرضوا للإصابة أكثر من مرة، ليرتقي منهم شهداء، وبعضهم وقع في الأسر لتتضاعف المعاناة؛ فهناك في سجون الاحتلال المئات من الجرحى، الذين يعانون آثار وجود رصاصات في أجسادهم، في ظل سياسة الإهمال الطبي المتعمد بحقهم من إدارة سجون الاحتلال.

وبلغ عدد الجرحى في عام 2017 حوالي 8300 جريح، منهم 1400 أصيبوا خلال هبة إغلاق البوابات التي اندلعت في تموز/ يوليو، وبعد الإعلان الصادر عن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب عن نقل السفارة الأميركية إلى القدس في 6 كانون الأول/ ديسمبر، وصل عدد الجرحى إلى 5400 جريح.

وحسب الجهاز المركزي للإحصاء، فقد بلغ عدد الجرحى خلال الفترة ما بين الأعوام 1987 إلى 1993، نحو 130,000 جريح، في حين بلغ عدد جرحى هبة النفق التي استمرت ثلاثة أيام (25-26-27) من شهر أيلول لعام 1996 نحو 1600 جريح، وبلغ عدد الجرحى في الأعوام الممتدة بين عام 2000 و2008 حوالي 35,099 جريح.

وقد خلّف عدوان الاحتلال على قطاع غزة عام 2014 حوالي 11 ألف جريح، وفي حرب 2012، 1526 جريحًا، وفي عام 2008 نحو 5450 جريحًا.

ويمثل يوم الجريح يومًا وطنيًا بامتياز يحييه أبناء شعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات، بتنظيم العديد من الفعاليات الرسمية والشعبية الوطنية؛ وفاء للجرحى وتقديرًا لتضحياتهم ولمعاناتهم المتواصلة، وتذكيرا للعالم بجرائم الاحتلال الإسرائيلي.

وكان الرئيس الراحل ياسر عرفات أصدر قرارًا عام 1968 يقضي بتحديد يوم الثالث عشر من آذار/ مارس من كل عام يوما للجريح الفلسطيني، وجاء القرار بعد إنشاء "مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى" عام 1965 كإحدى مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، لترعى أسر الشهداء ولتتابع شؤون الجرحى؛ تقديرًا لدورهم الرائد في مسيرة الثورة الفلسطينية؛ وذلك من خلال تقديم الخدمات والبرامج الاجتماعية والصحية والتعليمية والتأهيلية التنموية لأسر الشهداء والجرحى وضحايا الحروب مع الاحتلال الإسرائيلي.

واعتمد مجلس الوزراء في جلسته رقم 196 المنعقدة بمدينة رام الله، في السادس من آذار عام 2023، قرارًا باعتبار يوم 13 آذار من كل عام (يوم تكريم الجريح الفلسطيني) يومًا وطنيًا تكريمًا للجرحى والمناضلين من أبناء شعبنا الفلسطيني، وذلك كما هو معمول به منذ عام 1968.