كيف للعيون أن تغفو اليوم من أمام مرأى العالم وكيف تهدء النفوس  ونحن نشاهد ونسمع كيف تغتال الإنسانية وتصفية بدم بارد أكثر من مئة من أبناء غزة الساعين إلى تلقط أرزاقهم كانوا ينتظرون المعونات الغذائية الهابطة من الجو  فتم اصطيادهم من قبل الجيش الإسرائيلي عندما فتح النار عليهم وقتل العشرات منهم. والقتل هنا في غزة وكل الأراضي الفلسطينية لا يحتاج إلى مبررات، فقط أقتل ولا تشعر بالحرج هذه السياسة التي تتبع هنا اليوم.
إنهم الذين يتضورون جوعًا خرجوا يبحثون عما يمكن أن يسد رمقهم ورمق عائلاتهم وأطفالهم أمام جريمة التجويع، فجائهم الموت من فوهة الرشاشات والمدافع، هكذا وبكل بساطة يتم قتل الناس وإبادتهم، لعله من أجل تفرح حبيبة جندي محتل يرسل  لها صور أشلاء الأطفال أو الدمار أو الإبادة التي تتم بدم بارد. أو لعل منظر القتل استهوى الجنود ففتحوا نيران رشاشاتهم على الناس في شارع الرشيد.


لأن الذي ارتكب جريمة قتل اكثر من خمسماية لاجئ في مستشفى المعمداني لم يعاقب، ولأن الذي يدمر المشافي والجامعات لا يعاقب ولأن الذي دمر البيوت على رؤوس ساكنيها من الاطفال والنساء لم يعاقب، ولأن الذي يهدم البيوت يرسل صور من يقوم بتفجيره إلى محبوبته أو أصدقائه وهو في غاية الفرح والابتسام ولم يعاقب، ولأن الاحتلال لا يأبه بالقوانين الدولية ويعلم تمام العلم أنه لا يخضع للعقاب فان المجازر والإبادة الجماعية تستمر، غير آبهين بالعقاب أو بالقيم الإنسانية. تحدث مجزرة شارع الرشيد في ظل انعقاد محكمة العدل الدولية التي تناقش الإبادة الجماعية والحرب في غزة، كل هذا والأمر لا يحرك في الاحتلال ساكنًا.
مُتْ أيها الفلسطيني والوسيلة للموت متوفرة بالرصاص والمدافع والطائرات العسكرية والقنابل الذكية أو مُتْ جوعًا أو مُتْ بالأوبئة المنتشرة، أو مُتْ عطشًا فالموت لا يليق إلا بك. هكذا جاؤوا إلى غزة وشهيتهم هي القتل ولا شئ غير القتل أي كان إنسانًا أو حيوانًا أو جمادًا.  لم تعد غزة اليوم مكانًا يصلح للسكن الإنساني، بيوت دمرت، مشافي خرجت من الخدمة، أطباء قتلوا أو اعتقلوا، جامعات محيت عن بكرة أبيها، فماذا بقي، لا شيء إلا الموت!.
التحقيق في الحادثة لا يعني شيئًا فكثيرة تلك الحوادث والمذابح التي لم نعرف عنها وشابهت مذبحة شارع الرشيد، ولم حتى يسال فيها أو كيف حدثت، الفلسطيني لا حقوق له وأن فكروا بالحقوق فإن المعيقات تكفي لأن تموت الفكرة في مهدها. 


هل تسألون أنفسكم إن كنتم من البشر، أو كنتم من الذين يفكرون، صحيح نحن لا نرى إلا أناس متوجين بالأمراض النفسية التي لا يمكن العمل معها، لا ترى من حولها ولا تجد أن للبشر حقوقًا. لعلكم يجب أن تعيدوا التفكير بمسيرتكم، التي امتلئت أيديكم بالدماء، دماء الأطفال، دماء الشيوخ، وإنات الجرحى والمساجين. أنظروا إلى عجلة التاريخ وأن الدنيا دول اليوم لكم وغدًا عليكم ولا يغرنكم النووي الذي تهددون فيه، والشعب الفلسطيني أنتم أدرى  بأنه شعبٌ حَي وأن الشعوب إذا أرادت انتصرت.