بقلم: خضر الزعنون

يعاني النازحون من أوضاع إنسانية مأساوية للغاية، في ضوء استمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي، والذي طال مراكز الإيواء والخيام والتجمعات السكنية في مختلف مناطق قطاع غزة من رفح جنوبًا، حتى بيت حانون شمالاً.

فاقمت أحوال الطقس الباردة من أوضاع النازحين، فقد حملت الأمطار الغزيرة التي تهطل على قطاع غزة معها همومًا وتحديات جديدة للذين شردهم قصف الاحتلال من منازلهم وأماكن سكناهم.

ويقول المواطن وهبة أبو محمد (44 عامًا) من مدينة غزة ونازح في منطقة المواصي غرب مدينة رفح جنوب القطاع: "العائلة نزحت منذ نحو مائة يوم من حي الزيتون إلى الجنوب، فجئنا أولاً إلى خان يونس، ثم انتقلنا إلى رفح وسط البلد، والآن نزحنا إلى المواصي غربًا".

وأوضح وهبة: "12 فردًا من عائلتي نسكن في الخيمة غالبيتهم أطفال، وضعنا صعب، كل شيء مميت عندنا، وحولنا، والقصف يطال الخيام والبيوت، بعد ما كان يدعي الاحتلال إنها آمنة، كلمة أماكن آمنة كذبة كبيرة، نحن ندفع حياتنا ثمنا للحرب علينا".

ويضيف وهبة: "نحن بحاجة إلى وقوف العالم والدول العربية والإسلامية معنا، لوقف نزيف الدماء، التي يروح ضحيته في الاغلب الأطفال، والنساء، وكبار السن، كفى.. كفى.. كفى.."

وأكد أن لسان حال كل النازحين يقول أوجدوا لنا حلولاً لعودتنا إلى بيوتنا، حتى لو في خيم، محذرًا: "الأمراض منتشرة في صفوف الأطفال، من انفلونزا، وإسهال، وسخونة، ووباء كبدي، وصعوبة في التنفس، ونقص في السوائل".

أما زوجته هناء فتقول: "الخيام لا تقينا برد الشتاء كلنا مرضى، لا دواء، ولا ملابس، ولا تدفئة للأطفال، حتى الأكل غير متوفر، وبصعوبة نحصل عليه، ولا يوجد نقود معنا".

وأضافت: "ماذا يريد الاحتلال غير القتل والانتقام والتخريب من المنازل والبنايات السكنية والبنية التحتية والمواطنين؟ وهذا كله على مرأى ومسمع العالم الصامت".

وتابعت: "نناشد بتوفير مقومات الحياة لنا، وملابس شتوية، وأدوية لأطفالنا، ضد السعال والاسهال والانفلونزا، ووقف الحرب، والعمل على عودتنا لمنازلنا في مدينة غزة، والشمال".

بدوره، يتحدث النازح أبو كامل الحمامي (39عاماً) من مدينة غزة إلى رفح عن معاناة عائلته في ظل أجواء البرد القارس، قائلاً: "الوضع عندنا صعب، وطالت المدة، نحن لا ذنب لنا في كل ما يحصل، لماذا العالم غائب عما يحصل بحقنا من تشريد ونزوح قسري، وقتل في أولادنا وعائلاتنا، وهدم بيوتنا، نتمنى وقف حرب الإبادة التي يرتكبها الاحتلال بحقنا".

ويتابع: "نزحت أنا وكل أسرتي من أول نوفمبر2023، وحالنا مزرٍ، ومبكٍ، أولادنا خسوا النصف، وضعفوا بشكل ملحوظ، ومرضوا من قلة الطعام، والمياه غير صالحة، والمجاري في الشوارع، وتختلط مع مياه الأمطار، وتدخل للبيوت، والخيام، والمدارس، التي فيها آلاف الناس كلهم من غزة وشمال غزة". 

أما المواطنة مهدية الجاروشة (63 عامًا) فتقول: "كتب علينا حياة الهجرة، والنزوح، ونكبة جديدة نعيشها، كما عاشها آباؤنا، وأجدادنا على يد المحتل المجرم، شردنا في الـ48 والـ67، واليوم في 2023 و2024، ولا زلنا مشردين".

وأضافت: "لا نعرف طعما للنوم، ينتابنا قلق، واضطراب، وخوف، ورعب، نخاف من حلول الليل، فلا يسلم بيت ولا خيمة من قصف الاحتلال الوحشي، أطفالنا يخشون النوم بسبب أصوات القصف المخيفة".

وأكدت أن الحياة داخل مراكز الإيواء لا تليق بالبشر، كل 40 نفرًا بخيمة، وهي بالأساس لا تتسع لخمسة أنفار، هذا كله وسط انعدام البيئة الصحية، ووجود أمراض بين الناس الكبار والصغار كل مريض، والسبب الاحتلال.

النازحون في القطاع يدفعون حياتهم ثمناً للحرب الإسرائيلية الشرسة التي طالت كل شيء، من قتل، وتدمير، ونفي، واعتقال، وتخريب، وانتشار الأمراض، سيما المعدية.

وتواصل آلة الحرب الإسرائيلية عدوانها لليوم العاشر بعد المئة على قطاع غزة، مخلفةً عشرات آلاف الشهداء والجرحى، ودمار في المنازل، والبنايات، والأبراج السكنية، والمؤسسات العامة، والخاصة، والأهلية، والبنية التحتية.

وكانت الأمم المتحدة، قد أعلنت يوم أمس، نزوح نحو 1.7 مليون شخص في قطاع غزة، بينهم مليون في مراكز الايواء التابعة "للأونروا"، أو حولها مسجلين لديها.

وحذرت "الأونروا" من تدهور الأوضاع الصحية والبيئية، وانتشار الأمراض الجلدية، والتهاب السحايا، والكبد الوبائي، خاصة في فصل الشتاء.

وأشارت إلى أن مراكز الايواء تعرضت للقصف الإسرائيلي، خاصة في خان يونس، حيث استشهد وأصيب العديد من النازحين بداخلها، وهناك نزوح كبير للمواطنين خلال الساعات الماضية من خان يونس إلى رفح جنوب القطاع.

ويتواصل العدوان الإسرائيلي لليوم 110 على التوالي، مخلفاً أكثر من 25500 شهيد، وأكثر من 63400 جريح، وارتكاب مئات المجازر بحق العائلات، التي محي معظم أفراد أسرها من السجل المدني.