منذ 90 يومًا، لم يغادر عامر البعجاوي (22 عامًا)، من بلدة يعبد غرب جنين، غرف المستشفى، حيث يتلقى العلاج إثر إصابته بـ 4 رصاصات أطلقها قناص من جيش الاحتلال الإسرائيلي صوبه، في 3 تموز/ يوليو الماضي، خلال العدوان على مدينة جنين ومخيمها.

أصاب الرصاص وجه عامر، ما أحدث تهتكات في فكه، إضافة إلى العمود الفقري والرقبة، وأدى ذلك لتضرر كبير في النخاع الشوكي والفخذ الأيمن، ومنذ ذلك الحين يتنقل بين مستشفى ابن سينا في جنين، والاستشاري في رام الله، ويحتاج بين فترة وأخرى إلى عمليات جراحية كبيرة.

لحظة الإصابة، توقف قلب عامر في مركبة الإسعاف التي كانت تقله إلى المستشفى، وأدى النزيف الحاد الذي تعرض له، لانخفاض حاد في نسبة دمه حتى وصلت إلى 3 وكان لا يقوى على التنفس.

وأمام غرفة العلاج الطبيعي في مستشفى ابن سينا بمدينة جنين، يجلس عبد الرحمن البعجاوي بانتظاره أن ينهي ولده عامر جلسته العاشرة في العلاج، يقول الوالد إن الاختصاصي أخبره أن تحسنًا بسيطًا طرأ على يده اليسرى، لكن الأطباء يؤكدون أنهم سينتظرون نتائج هذه الجلسات، ليقرروا ما إذا كان عامر سيستطيع المشي وتحريك يده اليسرى مجددًا.

تحدث الأب عن يوم الإصابة بالقول: "بالصدفة كان جراح الأوعية الدموية الدكتور ياسر أبو مزهر متواجدًا في المستشفى لحظة وصول عامر، وأجرى له عملية سريعة لوقف النزيف، وتم نقله بعدها إلى الاستشاري في رام الله لإجراء عمليات أخرى".

ويضيف: احتاج الأطباء لإعادة تركيب وإصلاح الفك الأيمن لعامر، والذي تهتك بشكل كبير، وأدى لتلف في العصب الخامس في الوجه، وتأثر العينين لديه، وبالنسبة للأطباء فإن الوضع الصحي له يلزمه بالعلاج الوظيفي والطبيعي لمدة تتراوح بين عام ونصف العام، خاصة وأن الجانب الأيسر من جسده يعمل بنسبة 30% فقط.

وأردف الوالد قائلاً: "كان عامر يحضر لمشروع تخرجه من الجامعة هذا الفصل، وطوال فترة دراسته كان معتمدًا على نفسه في المصروف، فهو يمتلك صالون حلاقة، ورغم إصابته فإن عامر مؤمن بعدالة قضيته، ومحتسب ويقول إن الإصابة هي ثمن عيشنا تحت الاحتلال الإسرائيلي".

ويتابع: "عامر من أسرة مناضلة والده أسير سابق، وله خال شهيد وخاله الأسير محمد تركمان، حتى عامر نفسه أمضى طفولته في سجون الاحتلال فقد اعتقل بعمر الرابعة عشر وبعد الإفراج عنه من السجن بعامين اعتقل مرة أخرى خلال فترتين مختلفتين بمجموع 37 شهرا في الاعتقال".

ويتعمد جنود الاحتلال الإسرائيلي إطلاق الرصاص على المواطنين في أماكن أما قاتلة أو تسبب إعاقات مستديمة، كما حدث مع عامر، ومن قبله الشاب عز الدين كنعان الذي أصيب بالشلل الكامل بسبب إصابته في الرقبة وانقطاع الحبل الشوكي قبل أن يرتقي شهيدا أواخر آب/ أغسطس الماضي.

كما يتعمد الاحتلال إطلاق النار وقنابل الغاز السام بشكل مباشر على الوجه، ما تسبب بفقدان عديد الشبان والأطفال لعيونهم، كحال الشاب حامد أبو نعيم من قرية المغير الذي فقد عينه بسبب قنبلة غاز، كذلك الطفل خالد ملايحة (5 أعوام) من قرية بزاريا، بعد إصابته برصاصة معدنية مغلفة بالمطاط.

كما اضطر الأطباء لبتر قدم الشاب نسيم شومان من رام الله، بعد إصابته برصاص جنود الاحتلال أمام مدخل قريتهم في المغير، إضافة لبتر قدم الشاب عمار الفار من قرية الزبابدة في جنين قبل حوالي شهرين بعد اقتحام القرية من قبل قوات الاحتلال.