إيهاب الريماوي

الإضراب المفتوح عن الطعام هو القرار الأخطر والأقسى الذي يلجأ إليه الأسرى، لما يترتب عليه من مخاطر جسيمة وصلت في بعض الأحيان إلى استشهاد عدد منهم، بدءا بالشهيد عبد القادر أبو الفحم الذي استُشهد بتاريخ 1970/7/11، خلال إضراب سجن عسقلان، وانتهاءً بخضر عدنان الذي استشهد مضربا عن الطعام في 2023/5/2.

ومن أبرز المطالب التي يسعى الأسرى إلى تحقيقها: إنهاء سياسة الاعتقال الإداري، والعزل الانفرادي، ووقف الاعتداءات والاقتحامات لغرف المعتقلين وأقسامهم، والسماح بالزيارات العائلية وخاصّة الأطفال، وتحسين العلاج الطبّي للمرضى منهم، ووقف العقوبات الفردية والجماعية بحقّهم.

في صيف عام 1981 احتفل الأسرى داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، بإدخال الوسائد لأول مرة إلى غرف الأسرى بعد نجاحهم في انتزاع القرار عقب إضراب عسير خاضوه في سجن نفحة عام 1980 واستمر لمدة 32 يوماً.

هذا الإنجاز رغم بساطته، كان من ضمن الإنجازات التي حققها الأسرى إلى جانب السماح بإدخال فرشة لكل أسير بدلا من القطعة الجلدية، غير أن هذا الإضراب أدى إلى استشهاد الأسرى: راسم حلاوة، وعلي الجعفري، وأنيس دولة، وإسحق مراغة.

في الثامن عشر من شهر حزيران/ يونيو الجاري، تخوض الحركة الأسيرة إضرابا جماعيا، وهو السابع والعشرون في تاريخها، بعنوان: "ثورة حرية- انتفاضة الإداريين"، رفضا لجريمة الاعتقال الإداري.

لجنة الطوارئ العليا للأسرى في سجون الاحتلال، شكلت لجنة خاصة بالأسرى الإداريين، وهي منبثقة عن الفصائل كافة داخل سجون الاحتلال، لإدارة الخطوات التصعيدية، وصولاً إلى إعلان إضراب جماعي مفتوح عن الطعام.

نجح الأسرى على مدار السنوات الماضية من خلال 26 إضرابا جماعيا، في تحقيق إنجازات وانتزاع العديد من المطالب التي غيرت ظروف حياتهم وفرضت واقعا يحفظ لهم كرامته، وفق رئيس نادي الأسير قدورة فارس.

ويضيف: "العمل الجماعي أكثر ما يقلق إدارة سجون الاحتلال، ونمط الحياة الجماعية أكثر ما تستهدفه هذه الإدارة، فالإعلان عن أي عمل جماعي في السجون يربك الاحتلال، ويدفعه إلى استنفار كامل أجهزته وأدواته لقمعها وإنهائها فورا".

هذا الإرباك والاستنفار، ترجم مؤخرا، عندما استدعت إدارة السجون مجموعة من المعتقلين الإداريين وهددتهم بعقوبات جماعية، لثنيهم عن الانخراط في الإضراب عن الطعام.

"تشكيل الأسرى لجانا لمتابعة شؤونهم، يعكس الجدية في الذهاب إلى إضراب جماعي في حال لم يتم الاستجابة لمطالبهم، فهي من تحدد نقطة الصفر لانطلاق برنامجهم النضالي، وتتصرف في ضوء أي تطور يستدعي اتخاذ أي قرار، فهي تحظى باحترام الأسرى كافة وتقديرهم"، يقول فارس.

وتعتبر أي معركة جماعية يخوضها الأسرى وفق الأسير المحرر رامي فضايل، أكثر قوة ومتانة، بحكم التجربة التاريخية للمعارك النضالية التي خاضها الأسرى، إلا أن الإضرابات الفردية فرضت أيضاً تحولات كبيرة على واقع الحركة الأسيرة.

ويرى فضايل، أن خوض الأسرى  لتجربة الإضرابات الفردية ضد الاعتقال الإداري، كان نتيجة لغياب الحل الجماعي، فذهب بعض الأسرى إلى الإضراب الفردي، إلا أن الخطوات الجماعية هي الحل الأمثل والأسلم لمواجهة إدارة السجون.

وفضايل الذي أمضى أكثر من ثمانية أعوام في الاعتقال الإداري، خاض إلى جانب 1800 أسير إضرابا عن الطعام في السابع عشر من نيسان/ أبريل حتى الرابع عشر من أيار/مايو 2012، للمطالبة بوقف سياسة الاعتقال الإداري وإخراج المعزولين من زنازينهم، وحينها حقق الأسرى مطلب إنهاء العزل الانفرادي، والسماح لأهالي قطاع غزة بزيارة ذويهم، غير أن تقييد سياسة الاعتقال الإداري لم تترجم على أرض الواقع.

ووفق فضايل، فإن وحدة الحركة الأسيرة تشكل صمام الأمان، وعنصر قوة أمام إدارة سجون الاحتلال، وعندما يتم الإعلان عن خطوات جماعية فإن إدارة السجون تتراجع عن خطواتها في كثير من الأحيان، فمجرد تبلور موقف موحد للأسرى فإن ذلك يشكل عامل توتر لدى السجان، وبالتالي فإن وحدة الأسرى هي أساس الانتصار.

ويدير الأسرى شؤونهم، وفق أطر وتشكيلات لقيادة الحياة وتنظيمها بشكلها البسيط، أو المعقد، وفي حال قرروا خوض معركة نضالية فإنهم يشكلون لجنة خاصة تتولى إدارة العملية النضالية المتمثلة في الإضراب بتحديد توقيته والتكتيكات التي تعتمد على من سيشارك ومن لا يشارك.

وتبدأ خطوات الإضراب الجماعي من خلال الإعداد النفسي للأسرى عبر جلسات توعوية وتثقيفية، إضافة إلى الإعداد الجسدي وتهيئة أجسادهم من خلال البدء بشرب السوائل، والشوربات، وتخفيف أكل الخبز، وصولا إلى اليوم المحدد للشروع بالإضراب.

وجرت أول تجربة فلسطينية لخوض الإضراب عن الطعام في سجون الاحتلال، في سجن نابلس أوائل عام 1968، إذ استمرت لمدة ثلاثة أيام؛ احتجاجاً على سياسة الضرب والإذلال التي كانوا يتعرضون لها على يد جنود الاحتلال، وللمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية والإنسانية.

واستُشهد جراء الإضراب عن الطعام في تاريخ الحركة الأسيرة سبعة أسرى وهم: عبد القادر أبو الفحم، عام 1970، وراسم حلاوة، وعلي الجعفري، وأنيس دولة، وإسحق مراغة عام 1980، وحسين عبيدات عام 1992، وعدنان خضر عام 2023.

ومن أبرز الإضرابات الجماعية التي خاضها الأسرى:

- إضراب "عسقلان" عام 1970 وخلاله استُشهد الأسير عبد القادر أبو الفحم، وهو أول شهداء الإضراب عن الطعام في سجون الاحتلال.

- إضراب "عسقلان" عام 1976 واستمر لمدة (45) يومًا، ثم استأنف الأسرى الإضراب مجددًا بعدها بأسابيع قليلة وذلك مطلع عام 1977، واستمر لمدة (20) يوما، وهو من أطول إضرابات الحركة الأسيرة الجماعية.

- إضراب "نفحة" عام 1980، وفيه استُشهد الأسيران راسم حلاوة، وعلي الجعفري، والتحق بهما الأسيران، أنيس دولة، وإسحق مراغة.

- إضراب سجن "جنيد" عام 1984 استمر لمدة (13) يومًا.

- إضراب آخر في سجن "جنيد" نفّذه الأسرى عام 1987، شارك فيه (3000) أسير فلسطيني، واستمر لمدة (20) يومًا.

- وفي عام 1991، خاض الأسرى إضرابًا عن الطعام في سجن "نفحة" استمر لمدة (17) يومًا.

- وفي عام 1992، نفّذ الأسرى إضرابًا عُرف بإضراب "أم المعارك"، وشارك فيه نحو 7000 أسير، واستمر لمدة (19) يوما؛، واستُشهد خلاله الأسير حسين عبيدات.

- وفي عام 2000، نفّذ الأسرى إضرابًا استمر لمدة شهر.

- إضراب آخر في عام 2004 استمر لمدة 19 يومًا.

- وفي عام 2011، أضرب الأسرى مدة 22 يومًا.

- إضراب عام 2012 استمر 28 يومًا.

- في عام 2017، نفّذ الأسرى (إضراب الكرامة) واستمر لمدة 42 يومًا.

وخلال عام 2014، نفّذ المعتقلون الإداريون إضرابا جماعيا استمر لمدة 62 يومًا، وخلال عام 2022 نفّذ 30 معتقلا إداريًا إضرابا عن الطعام لمدة 19 يومًا، كصرخة ضد هذه الجريمة.

ويقبع في سجون الاحتلال الإسرائيلي 4900 أسير في 23 سجنا ومركز توقيف وتحقيق، كما يبلغ عدد الأسرى الذين صدر بحقهم أحكام بالسجن المؤبد 554 أسيرا، وـ1083 أسيرا معتقلا إداريا، فيما يبلغ عدد الأسرى المرضى 700 أسير، و31 أسيرة، و160 طفلا.

ومنذ بداية عام 2023، أصدر الاحتلال أكثر من 1300 أمر اعتقال إداري.