يامن نوباني

لم تستفق فلسطين والدول العربية من نكبة 1948، حتى جاءت نكسة الخامس من حزيران 1967، لتكمل إسرائيل احتلالها لما تبقى من فلسطين (القدس الشرقية، والضفة الغربية، وقطاع غزة)، ومعها هضبة الجولان السورية، وشبه جزيرة سيناء المصرية، فيما عُرف بـ"حرب الأيام الستة".

احتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية (5878 كم2) وقطاع غزة (363 كم2) عام 1967؛ وقلصت حدودها مع الأردن من 650 كلم إلى 480 كلم (من بينها 83.5 كم طول البحر الميت)، واستولت على 1185كم2 من أراضي هضبة الجولان السورية، والبالغة 1860كم2، و61948 كم2 من شبه جزيرة سيناء المصرية.

"حرب الأيام الستة" أسفرت عن استشهاد 15.000 – 25.000 عربي، مقابل مقتل 800 إسرائيلي، وتدمير 70 - 80% من العتاد الحربي للدول العربية.

لم تتوقف الخسائر عند هذا الحد، بل نزح ما يقارب 300 ألف فلسطيني من قطاع غزة والضفة الغربية، معظمهم إلى الأردن، كما أجبرت قرابة 100.000 من أهالي الجولان على النزوح من ديارهم إلى داخل سوريا، والآلاف من شبه جزيرة سيناء إلى النزوح إلى داخل الأراضي المصرية.

فيما تضاربت المعطيات والأرقام حول أعداد الأسرى والمفقودين جراء الحرب، فقد أورد الباحث الفلسطيني عارف العارف أن أكثر من 6000 فلسطيني قد اعتُقلوا خلال الحرب، وأن أكثر من 1000 شخص قد أُبعدوا إلى خارج الوطن، بينما ورد في كتاب "حرب 67" للباحث أحمد العلمي، أن عدد الأسرى المصريين قد بلغ 11 ألف أسير مصري، وأن أكثر من 200 منزل تم هدمها في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة.

نتائج "حرب الأيام الستة" على الجبهات كافة أدت إلى بروز ظاهرة الفدائيين والمقاومة، إذ ظلت مقاومة الفلسطينيين للحكم العسكري الإسرائيلي سمة ملازمة للاحتلال، وتفجرت أشكال مختلفة من المقاومة قادت إلى زيادة البطش الإسرائيلي من إبعاد رؤساء بلديات، وجامعات، وإجلاء السكان، وتهجيرهم، وزج الآلاف في السجون، في محاولة لفرض إجراءات الحكم العسكري وقوانينه على الفلسطينيين.

في أيلول 1967، تم إجراء حصر شامل للسكان، حوالي 603 آلاف نسمة في الضفة الغربية، وحوالي 362 ألف نسمة في قطاع غزة. علما أن هناك حوالي 400 ألف نسمة هُجّروا مباشرة من الأراضي الفلسطينية بعد الاحتلال عام 1967، ولم تشملهم عملية الحصر.

 

عشرات آلاف البيوت هُدمت ونُسفت منذ النكسة:

بحسب بيانات مركز أبحاث الأراضي/ في ذكرى اليوم العالمي للموئل، فإن المساكن الفلسطينية -الموئل- تعد هدفاً للاحتلال الإسرائيلي منذ نكبة عام 1948، ومروراً بنكسة عام 1967، وحتى نهاية أيلول 2022، هدمت سلطات الاحتلال حوالي 173,133 مسكنا فلسطينيا، وهجّرت ما مجموعه 1,425,200 فلسطيني، واستولت على حوالي 19 مليون دونم من أراضي فلسطين التاريخية، كل ذلك من أجل جلب أكثر من 5 ملايين مهاجر يهودي صهيوني وتوطينهم.

فخلال عام النكبة حرب 1948، هدمت سلطات الاحتلال حوالي 125,000 مسكن فلسطيني، وبعد انتهاء الحرب العدوانية الإسرائيلية تمت السيطرة على 78% من مجموع مساحة فلسطين التاريخية، ولم تتوقف انتهاكاتهم تجاه بقية الفلسطينيين الذين بقوا في مدنهم وقراهم، حيث هُدم منذ عام 1950 حتى عام 2021 حوالي 4500 مسكن، ويكون بذلك قد هُجّر أكثر من 30,000 من فلسطينيي 1948 تهجيرا داخليا.

أما خلال حرب عام 1967، فقد هُدم خلال الحرب فقط 5500 مسكن، وهُجّر حوالي 200,000 مواطن، واستمرت سياسة الهدم الإسرائيلي للمساكن في أراضي الضفة الغربية، وبالذات في القدس الشرقية، حيث هدمت جرافات الاحتلال حوالي 11,900 مسكن فلسطيني، منها 7440 مسكنا في القدس الشرقية فقط، وذلك خلال الفترة من 1967 حتى نهاية أيلول عام 2021، وبذلك هُجر حوالي 73,000 مواطن منهم 47,220 مواطنا مقدسيا، وخلال الفترة نفسها هدمت جرافات الاحتلال والطائرات الحربية حوالي 21,000 مسكن فلسطيني في قطاع غزة خلال حروب 2012- 2014 - 2021، وهُجّر بذلك حوالي 189,000 فلسطيني في قطاع غزة تهجيرا داخليا.

كما دمرت قوات الاحتلال في عدوانها على القطاع 22 منزلا في آب عام 2022، و20 منزلا في العدوان الأخير على القطاع في أيار المنصرم.

 

الوضع المائي في فلسطين منذ النكسة:

نهبت إسرائيل الكثير من ثروات الضفة، لا سيما المائية منها، وباشرت بعمليات تهويد للقدس بطريقة مخططة ممنهجة، واستطاعت باستيلائها على مساحات شاسعة من أراضي الضفة، تحسين وضعها الإستراتيجي والعسكري، وإزالة أي خطر عسكري كان من الممكن أن يتهددها، أو وجود أي جيش عربي منظم ومسلح في الضفة الغربية، التي تعتبر القلب الجغرافي لفلسطين التاريخية.

وفيما يخص الوضع المائي، فقد سيطر الاحتلال منذ النكسة على 85% من المياه الجوفية الفلسطينية، ما يعادل 600 مليون متر مكعب، كما منع من الوصول إلى مياه نهر الأردن منذ عام 1967، التي تقدر بنحو 250 مليون متر مكعب.

وقد عملت سلطات الاحتلال على حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه في المياه، وذلك عن طريق إقامة العديد من المستوطنات فوق أماكن غنية بالمياه، واعتماد هذه المستوطنات على المياه الفلسطينية، ومن أجل سيطرة الاحتلال الكاملة على المياه الفلسطينية، فقد عمدت إلى إصدار العديد من الأوامر العسكرية:

1: أمر بتاريخ 7/6/1997 ينص على أن (جميع المياه الموجودة في الأراضي التي تم احتلالها مجددا هي ملك للاحتلال).

2: الأمر رقم 92 بتاريخ 15/8/1997، وينص على: "منح كامل الصلاحية بالسيطرة على جميع المسائل المتعلقة بالمياه لضابط المياه المعين من السلطات العسكرية الإسرائيلية".

3: الأمر رقم 58 بتاريخ 19/8/1967، وينص على: "يمنع منعاً باتاً انتشار أي منشأة مائية جديدة دون ترخيص، ولضابط المياه حق رفض أي ترخيص دون إعطاء أي أسباب".

4: الأمر رقم 158 في 1/10/1967، الذي يقضي بوضع جميع الآبار والينابيع ومشاريع المياه تحت السلطة المباشرة للحاكم العسكري الإسرائيلي.

5: الأمر رقم 291 لعام 1967، وينص على: "جميع مصادر المياه في الأراضي الفلسطينية أصبحت ملكاً للدولة وفقاً لقانون الاحتلال الإسرائيلي الصادر في عام 1959".

6: الأمر 948 لعام 1967، ينص على: "إلزام كل مواطن في قطاع غزة بالحصول على موافقة الحاكم العسكري الإسرائيلي إذا أراد تنفيذ أي مشروع يتعلق بالمياه".

رئيس الوزراء محمد اشتية، قال خلال إطلاقه المؤتمر العربي الرابع للمياه الذي نظمته دولة فلسطين، بجمهورية مصر العربية، تحت شعار: "الأمن المائي العربي من أجل الحياة والتنمية والسلام"، إن إسرائيل تشن حربها على الإنسان والأرض والمياه، فبرنامج الاستيطان الزراعي وضع خططه للسيطرة على الموارد المائية منذ وقت مبكر، ابتداءً من مشروع جونسون الذي حوّل مياه نهر الأردن إلى طبريا، وكان شرارة انطلاق الثورة الفلسطينية عام 1964 في عملية تفجير نفق عيلبون".

وتابع: "بعد عام 1967، بدأت إسرائيل بحفر آبار مياه في الضفة الغربية أكثر عمقا من الآبار الفلسطينية، ما أدى إلى سيطرتها على معظم المياه الجوفية، وأدى إلى جفاف ينابيع مثل عين العوجا"، متابعا "هذه السرقة أثرت في تحول نمط الزراعة في فلسطين، إذ انخفضت مساحة الأرض المروية من 6% إلى حوالي 2% من الأراضي المزروعة، وتحوّل المزارعون من زراعة الحمضيات والموز إلى زراعة تحتاج إلى كميات أقل من المياه، مثل التوت الأرضي وغيره".

وأكد رئيس الوزراء أن إسرائيل تسرق 600 مليون متر مكعب من المياه الجوفية الفلسطينية البالغة نحو 800 مليون متر مكعب، وتحولها إلى داخل مدنها ومستوطناتها، حيث إن ثلث مياه الضفة تُستخدم داخل إسرائيل، وفي الوقت الذي يستهلك الإسرائيلي 430 لتر مياه يوميا، يستهلك الفرد الفلسطيني 72 لترا فقط، وهو أقل من المعدل العالمي البالغ 120 لترا يوميا".

 

المصدر: وكالة انباء وفا