حرب إبادة ممنهجة تقودها آلة الحرب الإسرائيلية ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني في كل أماكن تواجده، ضاربة عرض الحائط بكل القوانين والأعراف والمعاهدات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان عمومًا والطفل والمرأة خصوصًا، التي أكدت جميعها على الحق في الحياة؛ والحق في المساواة؛ الحق في الحرية والآمن الشخصي؛ والحق في التمتع المتكافىء بحماية القانون؛ والحق في عدم التعرض لأي شكل من أشكال التمييز؛ والحق في أعلى مستوى ممكن من الصحة. 

وما تقدم تعتبر ألف باء حقوق الإنسان بشكل عام. وتتضاعف المسؤولية تجاه حقوق الانسان في زمن الحروب وتحت نير الاستعمار الأجنبي، حيث ينص القانون الدولي الإنساني على ان المدنيين الواقعين تحت سيطرة القوات المعادية يجب أن يعاملوا معاملة إنسانية في جميع الظروف، ودون أي تمييز ضار، ويجب حمايتهم ضد كل أشكال العنف والمعاملة المهينة بما فيها القتل والتعذيب. ويجق لهم أيضًا في حال محاكمتهم الخضوع لمحاكمة عادلة توفر لهم جميع الضمانات القضائية الأساسية. 

وعمق الخبراء في القانون الدولي نتاج ما افرزته الحروب العالمية والإقليمية والأهلية من مآسي ضد الأبرياء العزل من بني البشر محاكاتهم لحماية حقوق المدنيين، لذلك أكدوا على ضرورة أن "تشكل حماية المدنيين خلال النزاعات المسلحة حجر الأساس في القانون الدولي الإنساني. ويتسع نطاق هذه الحماية ليشمل الممتلكات المدنية العامة والخاصة. ويعرف القانون الدولي الإنساني أيضًا فئات المدنيين الأكثر ضعفًا مثل النساء والأطفال والنازحين ويمنحها الحماية.  

كما أن اتفاقية حقوق الطفل أكدت في نصوصها في المادة 2 على الآتي بشأنه "تحترم الدول الأطراف الحقوق في هذه الاتفاقية وتضمنها لكل طفل يخضع لولايتها دون أي نوع من أنواع التمييز، بغض النظر عن عنصر الطفل أو والديه أو الوصي القانوني عليه أو لونهم أو جنسهم أو لغتهم أو دينهم أو رأيهم السياسي أو غيره أو أصلهم القومي أو الإثني أو الاجتماعي أو ثروتهم أو عجزهم أو مولدهم أو أي وضع آخر". وتابعت "تتخذ الدول الأطراف جميع التدابيير المناسبة لتكفل للطفل الحماية من جميع أشكال التمييز أو العقاب على أساس تابعية الطفل لوالديه، أو الأوصياء القانونيين عليه أو أعضاء الأسرة، أو أنشطتهم أو آرائهم المعبر عنها أو معتقداتهم".

كل ما تقدم بديهيات أساسية كفلها القانون الدولي الإنساني للمدنيين عمومًا والأطفال والنساء والشيوخ خصوصًا. لكن دولة التطهير العرقي الصهيونية لم يلتزم يومًا بأي من بنود ومضامين تلك الاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق الدولية بمختلف مسمياتها وتواريخ إقرارها، وعليه فقد استباحت الحركة الصهيونية وعصاباتها الإرهابية قبل وبعد تأسيس الدولة الإسرائيلية اللقيطة في سلسلة مذابحها ومجازرها التي قاربت على ال100 كل المنظمومة القانونية، ومازالت حتى الآن تعبث وتمتهن وتسحق عظام الأطفال والنساء والشيوخ بصواريخ وقذائف طائراتها الحربية دون وازع قانوني أو أخلاقي أو قيمي. 

ووفق تقرير حقوقي فلسطيني، فإن حكومة الترويكا الفاشية برئاسة نتنياهو ارتكبت من بداية العام الحالي 2023 حتى الآن الحادي عشر من أيار / مايو عمليات قتل بشكل عام وضد الأطفال والنساء خاصة هي الأعلى منذ عقدين خلت، حيث وصل عدد الشهداء إلى ما يقارب ال140 شهيدا حتى أعداد هذه المقالة، فضلاً عن مئات الجرحي وآلاف المعتقلين، وتدمير المئات من المنازل والورش والمؤسسات التربوية والصحية والدولية. فضلاً عن عمليات التطهير العرقي المنظم لتحقيق أهدافها الاجرامية لنفي وطرد أو قتل أبناء الشعب العربي الفلسطيني، ورفضهم حقهم في الحياة الكرامة الإنسانية وفق القوانين الدولية الإنسانية. 

وفي المعركة الدائرة الآن على قطاع غزة منذ فجر الثلاثاء الماضي الموافق التاسع من أيار / مايو الحالي قام سلاح الجو الإسرائيلي باستهداف عائلات بكاملها من أطفال ونساء دون تمييز وبقرار واضح وصريح من نتنياهو رئيس الحكومة الفاشية، حسب ما ذكر سموتيريش، ووصل عدد الأطفال والنساء الشهداء في قطاع غزة فقد حتى الآن قرابة 15، والعدد مرشح للزيادة والارتفاع، لأن الحرب الإسرائيلية الإجرامية على الشعب في محافظات الجنوب مستمرة، ولم تتوقف. وصور وجثث الأطفال والنساء وأشلاء أجسادهم موثقة، ولا يستطيع أي من الدول والمنظمات الأممية ذات الصلة بحقوق الإنسان تجاهل جرائم الحرب الماثلة للعيان. لذا مطلوب محكمة الجنائية الدولية تجاوز سقف الإملاءات الأميركية الإسرائيلية، واتخاذ إجراءات فورية ومباشرة إسوة بما فعلته ضد القيادة الروسية لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين. ومطلوب من العالم أجمع وخاصة الأقطاب الدولية إلزام إسرائيل بوقف حربها الوحشية ضد أبناء الشعب الفلسطيني في كافة المحافظات وفي مقدمتها القدس وغزة وجنين ونابلس وطولكرم ورفح وخانيونس وشمال وجنوب القطاع، وتأمين الحماية الدولية استنادًا للقرارات الأممية السابقة.