في مواجهة المجزرة المريعة التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في نابلس، تحركت حركة "حماس" أخيرًا، بتصريح لرئيس مكتبها السياسي اسماعيل هنية، أكد فيه بين السطور التزام حركته بالتهدئة، المبرمة مع دولة الاحتلال، وهو يلوذ بلغويات الشعارات الشعبوية، ومخاتلاتها، حين وجه التحية للشعب المقاوم، الذي دعاه "إلى التقاط الثورة التي ألقت بنفسها في الشارع (...!!)  لكي يسيجها هو بالروح والدم" ...!!

مع التفحص البسيط لمعنى هذه الدعوة، لن نرى، ولن نفهم، سوى أنها  بلاغ لدولة الاحتلال، أن "حماس" ليست معنية بمقاومته في الضفة المحتلة، بل لا وجود لها في هذه المقاومة، وأن الثورة الملقاة في الشارع ليست من صناعتها ...!!

بلاغ بالغ الوضوح، ودعوة هنية "لالتقاط الثورة" كذلك  ليست إلا دعوة تحريض سافرة ضد السلطة الوطنية، وغايتها تعميم الفوضى في الضفة المحتلة، وستظل هذه الفوضى، هي غاية الاحتلال الأثيرة، التي يريدها لشعبنا، في سبيل وأد مسيرته في دروب الحرية والعودة والاستقلال.

أية ثورة هذه هي الملقاة في الشارع، وأي شارع هو هذا ..؟؟ ولماذا لا تلتقطها حركة "حماس" وهي التي طالما توعدت الاحتلال بالردود المزلزلة، إذا ما أمعن في سياساته الدموية ضد الشعب الفلسطيني ..!!

ماذا تنتظر حماس لكي تترجم شيئًا من بياناتها الثورجية، أين هي صواريخ السنوار الـ1111، وأين هي توعدات ناطقها العسكري ؟؟ نطرح هذه الاسئلة ونحن أدرى بحال "حماس" التهدوي،  وإليكم واقع الحال، منذ مطلع هذا العام تحديدًا، والاحتلال يتوغل في اقتحاماته العنيفة الدموية للمدن والبلدات، والقرى في الضفة المحتلة، وليس لدى "حماس" غير البيانات والتصريحات العنترية ..!! والأهم من ذلك أن اقتحامات المستوطنين للمسجد الاقصى، لم تتوقف عمليًا، ولطالما قالت بيانات حماس الثورجية، إن المسجد الأقصى خط أحمر، غير أنه على ما بات واضحًا،  أن الخط الأخضر الذي في ورقة الدولار، هو خطها الأحمر، الذي لن تسمح لأحد المساس به ...!!!!  

لا تريد حماس أن تخسر أحدًا من عناصرها في الضفة، لهذا تغيب عن مشهد المقاومة الراهن فيها، وتدعو الشعب "لالتقاط الثورة" لكي تتسلق على أكتافه فيما بعد، كما فعلت جماعتها الاخونجية، مع ثورة 25 يناير في مصر عام 2011 ولعلها بعد ذلك إذا ما أجهز الاحتلال الإسرائيلي على السلطة الوطنية هنا، فإنها - وهي هنا غارقة في لجة الوهم - قد تستلم مقاليد الحكم فيها، وبالتعاون الأمني مع إسرائيل، وهو التعاون الذي أكد هنية قبل هذا اليوم، وفي خطبة جمعة، استعداد حركته التام،  للمضي به مع إسرائيل ومثلما قال بالصوت العالي:  لحماية الامن المشترك ...!!   هذه الخطبة موجودة على فيديو ومن يشأ فليراجع هذا الشريط.

يظل أن نقول كنا سنفهم تحيات هنية، التي وجهها في تصريحه لشعبنا المقاوم، على نحو إيجابي، لو أنه قرن هذه التحيات بالدعوة للوحدة الوطنية وتعزيز تلاحم الشعب في ساحات المقاومة، غير أنه أبى أن يأتي على ذكر كلمة واحدة عن الوحدة الوطنية، بل على العكس رمى بالفرقة في تصريحه، وهو يلمح بمحاولات لم يسمِ أطرافها تسعى لإجهاض انتفاضة شعبنا ..!! إنها الخطيئة التي ما زالت حماس تصر على مواصلة دروبها المعتمة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

 

المصدر: الحياة الجديدة