معركة الخان الأحمر، الواقع شرقي القدس، هي جزء لا يتجزأ من معركة الشعب العربي الفلسطيني ضد الاستيطان الاستعماري، وإن كان بدأت بوادرها في آذار / مارس 2010، مع سعي الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على فصل القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين المحتلة عن باقي محافظات ومدن الضفة، وبعد سيطرة إسرائيل على جبل أبو غنيم، وادراج مشروع E1 لتطويق زهرة المدائن، والهادف للسيطرة على الأراضي الفلسطينية الممتدة من شرقي العاصمة الى البحر الميت، بعد تطهيرها العرقي من أبناء الشعب الفلسطيني.


وكما هو معلوم، الخان الأحمر، الذي يعيش فيه حوالي 200 نسمة من عشيرة أبو داهوك من عرب الجهالين، ومكون من 45 عائلة، هو تجمع من اصل 23 تجمعًا لعرب الجهالين الموزعة على أربع مناطق في القدس، هي عناتا ووادي أبو هندي والجبل والخان الأحمر نفسه، ويقدر اجمالي عددهم أكثر من سبعة الاف نسمة، ترفض سلطات الاستعمار الإسرائيلي الاعتراف بهم، وتعمل على طردهم وتهجيرهم مجددًا، بعد أن طردتهم من ديارهم الأساسية في النقب عام النكبة 1948.


وحسب ما صرح محمود خميس، الناطق باسم تجمع أبو داهوك في أكثر من مناسبة، أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة والإدارة المدنية ومجلس الاستيطان الاستعماري، بالإضافة لتدخل القنصل الأميركي المباشر آنذاك لدعم المشروع الاستعماري الإسرائيلي، طرحوا عليهم عددًا من الخيارات لعملية التطهير العرقي عام 2018، منها أولاً نقلهم للعيش في أراض تتبع لبلدة العيزرية، ووضعوا لهم كرافانات في تلك الأراضي، واعطوا العائلات الكبيرة 375 مترًا، والعائلات الصغيرة 240 مترًا، مع انهم يعيشوا على مساحة 40 دونمًا من الأرض؛ ثانيًا وعودهم بالنظر في مسألة عودتهم إلى أراضيهم في النقب؛ ثالثًا نقلهم للعيش في منطقة النبي موسى على مشارف البحر الميت في الأراضي المصنفة (C) في الأغوار، والحصول على الهوية الزرقاء. لكنهم رفضوا ذلك، وأكدوا إصرارهم على خيارين لا ثالث لهما، وهي إما العودة إلى أراضيهم في النقب او البقاء في الخان الأحمر.


ورغم الظروف البيئية الأكثر سوءًا التي يعيشون فيها نتاج تعمد ضخ مياه الصرف الصحي من مستعمرة كفر ادوميم الواقعة بالقرب منهم، والذي أدى إلى تشكل مستنقع قرب منازلهم وحظائر اغنامهم، بالإضافة إلى المضايقات الدائمة والتي لم تتوقف للحظة من الجيش الإسرائيلي وقطعان المستعمرين، إلا أنهم مازالوا متمسكين بالبقاء في الخان الأحمر. 


ومع تشكل حكومة نتنياهو الفاشية السادسة، عادت للواجهة مجددًا المطالبة من الفاشي بن غفير والقياديين من الليكود داني دانون وادلشتاين بهدم قرية الخان الأحمر، وطرد سكانها الأسبوع الماضي، وخاصة بعد تفكيك البؤرة الاستعمارية "أور حاييم"، التي أقامها الصهاينة على أراضي قرية حوريش شمالي الضفة الفلسطينية. وكان رئيس الوزراء استبق اجتماع الحكومة يوم الاحد الماضي الموافق 22 يناير الحالي بطمأنة أقرانه من الائتلاف الفاشي، إنه ملتزم بتنفيذ المشاريع الاستعمارية المتفق عليها، وأبلغهم بعدم تراجعه عن ذلك، والدليل أنه أشار في بداية اجتماع مجلس الوزراء ، ان الجيش والإدارة المدنية أخلوا السكان الفلسطينيين من 38 بناية بذريعة عدم قانونيتها (عدم الترخيص) من بداية العام الحالي. 


ونجم عن إخلاء البؤرة الاستعمارية أزمة داخل الحكومة، انعكست في الصراع بين وزير الحرب غالانت، والوزير في وزارة الجيش سموتيريش، الذي قاطع وممثلي حزبه اجتماع الحكومة، تمكن نتنياهو من تجاوزها. لكن ملاحقة سكان الخان الأحمر لم تتوقف، ولن تتوقف إلا بتنفيذ عملية التطهير العرقي. لا سيما وأن كل قوى الائتلاف الفاشي يصرون على هدم مجمع أبو داهوك، وأيضًا منظمة "ريغافيم" الاستيطانية تضغط على الحكومة على تنفيذ وعودها السابقة والحالية بهدمه وطرد سكانه، وتتوعد السكان بالطرد مطلع فبراير القادم.


وعليه فإن معركة الخان الأحمر تزداد حدة وشراسة مع الائتلاف الفاشي الحاكم، الأمر الذي يتطلب زيادة تكثيف التواجد الفلسطيني من مختلف القطاعات في مجمع أبو داهوك للتصدي لقطاعان الفاشية الصهيونية، بحيث لا يقتصر الأمر على المناضلين من هيئة مكافحة الجدار والاستيطان الاستعماري، بالإضافة لتنظيم التحشيد الشعبي اليومي في الليل والنهار لمساندة أبناء الشعب من عرب الجهالين هناك. وتوسيع نطاق المقاومة الشعبية في مختلف المحافظات الشمالية، والتوجه للمجتمع الدولي عمومًا وخاصة دول الاتحاد الأوروبي والإدارة الأميركية للجم المخططات الإجرامية الإسرائيلية تجاه الخان الأحمر وغيرها من المناطق الفلسطينية المستهدفة بعمليات التطهير العرقي، وبالمقابل دعوة الأشقاء العرب لاتخاذ خطوات جدية للضغط على حكومة نتنياهو الفاشية لوقف جريمة الحرب الجديدة في الخان.