بسم الله الرحمن الرحيم

يا جماهير شعبنا الفلسطيني الصامد في الوطن والشتات، 

تمرُّ اليوم الذكرى الثامنة عشرة على استشهاد مُفجِّر ثورتنا المجيدة ومُلهِمِها القائد الرمز ياسر عرفات، الذي ارتقى إلى جوار ربه في الحادي عشر من تشرين الثاني عام ٢٠٠٤ بجريمة اغتيال آثمةٍ على يد الاحتلال الإسرائيلي بعد أن رفض "أبو عمار" الاستسلام والتفريط بحقوق شعبنا الفلسطيني، ليُسَطّر بشهادته كما كانت حياتُهُ ملحمةً من النضال والتحدي والصمود والدفاع عن فلسطين وشعبنا وقضيتنا ومشروعنا الوطني.

 

لقد عاش القائد الرمز ياسر عرفات من أجل فلسطين واستُشهد من أجلها، وفي سبيل ذلك فجّر ثورتنا المجيدة، وحملَ لواءَ النضال لعقود طوال، ودخل الأمم المتحدة ببزّته العسكرية يحمل البندقية بيدٍ وغصن الزيتون باليد الأخرى مُحوِّلاً بذلك قضية شعبنا من قضيةٍ إنسانيةٍ لشعب لاجئ إلى قضية سياسية بامتياز، ومُعلِنًا ولادة الإنسان الفلسطيني الثائر الذي غدا في عقول كل الجماهير أملَ التحرير والعودة.

 

وعلى مدار مشواره النضالي الطويل قاد ياسر عرفات بأمانة حركة "فتح" ومنظمة التحرير الفلسطينية ممثّلنا الشرعي والوحيد، وقاد المعارك الميدانية والعسكرية والسياسية والدبلوماسية، وأرسى مدرسةً في النضال والتحدي والفداء والتضحية، عمادُها حماية استقلالية القرار الوطني وعدم ارتهان الإرادة الفلسطينية لأيٍّ كان، والعمل الجاد والمخلص حتى تحقيق أهداف شعبنا كاملةً في تحرير فلسطين وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين إلى ديارهم التي هُجِّروا منها، والإيمان بالوحدة الوطنيّة شرطًا أساسيًا للانتصار على العدو الإسرائيلي، وحشد طاقاتِ أُمَّتنا العربية والإسلامية نُصرةً لفلسطين وقضيتنا الوطنية، وما زالت مدرستُهُ العرفاتية تُخرِّج يوميًا أجيالاً من الثوّار على طريق التحرير ما بدّلوا تبديلا عن هذه المنطلقات والمبادئ التي دفع ثمنها الآلاف من شهدائنا الأبرار، والتي ما زلنا اليوم على هديها نسير خلف رُبّان سفينة الوطن سيادة الرئيس محمود عبّاس. 

 

أبناء شعبنا الفلسطيني المكافح،

تحلُّ ذكرى استشهاد القائد الرمز ياسر عرفات هذا العام في خضم مرحلة هي الأصعب على قضيتنا الوطنية، في ظل تصاعد وتيرة جرائم الاحتلال وانتهاكاته، وازدياد الضغوطات والتضييقات على شعبنا وقيادتنا الشرعية، علاوةً على هرولة بعض الأنظمة العربية نحو التطبيع مع العدو الصهيوني، ولكن -وعلى الرغم من كل ذلك- وفي ظل كل هذه التحديات، فإنّنا نعتزُّ بأنّ قيادتنا الوطنية وشعبنا اليوم لهم مصمّمون أكثر من أي وقت مضى على مواصلة النضال الوطني بكل أشكاله مهما بلغت التضحيات. 

 

لقد ظنَّ أعداء قضيّتنا الوطنية أنّهم باغتيال الختيار سيتمكّنون من إخماد جذوة الثورة، وكسر إرادة شعبنا والانقضاض على منظمة التحرير الفلسطينية وتصفية مشروعنا الوطني، ولكنهم فوجؤوا بأنّ ذكرى الياسر تحل كلَّ عام لتُشعلَ روحَ الثورة من جديد في نفوس شعبنا على امتداد المعمورة، ولتتحوّل إلى مناسبة يتجدّد فيها العهدُ والقسَمُ بمواصلة التمسُّك بالثوابت الوطنية واستكمال مسيرة النضال التي لن تستكين حتى دحر الاحتلال الإسرائيلي عن أرضنا بقيادة قائد المسيرة الوطنية السيد الرئيس محمود عبّاس "أبو مازن".

 

يا شعب الجبّارين، أيها الأوفياء لفلسطين وأرضها ومقدساتها،

١٨ عامًا مضت على استشهاد القائد الرمز ياسر عرفات وما زال حيًّا فينا، في وجداننا وذاكرتنا، وما زالت أجيالُ الفتح تستلهمُ فكرَ وعزيمةَ وإصرارَ وحكمةَ ياسر عرفات، وترفع لواءَ النضال جيلاً بعد جيل، وتُجسّد أسمى معاني الفخر والاعتزاز بالانتماء لفلسطين. 

واليوم إذ نُحْيي ذكرى استشهاد صانع هُويّتنا الوطنية فإنّنا في حركة "فتح" - إقليم لبنان نُجدِّد القسم بالوفاء له ولكلِّ المناضلين والشهداء الذين ساروا على درب فلسطين، وللإرث النضالي والمبادئ والأهداف والمنطلقات التي آمن بها وجسّدها على مدار مشواره النضالي الطويل المعمّد بالدم والكفاح، والتي يواصلُ رفيقُ دربه سيادة الرئيس محمود عبّاس حملها أمانةً من بعده، ونؤكّد أنّ حركة "فتح" ستبقى تتصدّرُ ميادين النضال بكل أشكاله، وأنّ البوصلة لن تحيد عن الهدف بل ستبقى أبدًا تشير إلى فلسطين، والعهدُ أن تبقى المسيرةُ مستمرةً حتى تحقيق أهداف شعبنا كاملةً في تحرير فلسطين وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين، وأن نبقى نردد معًا وسويًا شعار "فتح" الأول والدائم: (ثورة ثورة حتى النّصرِ). 

المجد والخلود لشهدائنا الأبرار 

والحرية لأسرانا البواسل 

والشفاء لجرحانا الميامين

وإنّها لثورةٌ حتى النّصرِ 

#عهدنا_استمرار_حتى_النصر