غالباً ما يتصدر المشهد الملحمي للنضال الوطني الفلسطيني في مواجهاته للاحتلال الإسرائيلي جيشًا ومستوطنين، وعلى نحو الكف الذي يلاطم المخرز، يقف المخيم بصفيح بيوته، وقد بات الصفيح معنى، وحكاية صمود وتحدٍ، يقف في مواجهة دبابة المحتلين، وبهتافاته في مواجهة رصاصهم المنفلت بتوحش الفاشي، وأفكاره العنصرية البغيضة.

هو المخيم واقع المظلمة التاريخية، التي ما زال الاحتلال الإسرائيلي، بصمت المجتمع الدولي، يصنعها لنا، بفصول مختلفة، لكنه أيضا هو راية التحدي، التي تأبى الانكسار، وتظل عالية ترفرف في الفضاء الذي يملأه الاحتلال برائحة البارود.

هو المخيم أيها المارون بين الكلمات العابرة الذي سيظل يردد "منكم السيف- ومنا دمنا / منكم الفولاذ والنار- ومنا لحمنا / منكم دبابة أخرى- ومنا الحجر / منكم قنبلة الغاز- ومنا المطر / وعلينا ما عليكم من سماء وهواء / فاخرجوا من أرضنا/ من برنا.. من بحرنا / من قمحنا.. من ملحنا.. من جرحنا/ واخرجوا من كل شيء واخرجوا من ذكريات الذاكرة/ أيها المارون بين الكلمات العابرة"

هذا ليس مجرد قصيدةً، ولا نشيداً، إنه القرار الوطني الفلسطيني، قرار الشعب في تطلعه للعدل والحرية والسلام، ومع هذا القرار "لنا في أرضنا ما نعمل / لنا قمح نربيه ونسقيه ندى أجسامنا / ولنا ما ليس يرضيكم هنا لنا حجر.. أو حجل".

وإذا ما تساءل أحد ما الذي يعنيه كل هذا الكلام، سنقول له لا معنى له غير ما يؤكد من حقيقة، أن لا سلام ولا استقرار في هذه المنطقة من العالم، ما لم يسترد شعبنا كامل حقوقه المشروعة، ويحقق كامل أهدافه العادلة، في إقامة دولته الحرة المستقلة، بعاصمتها القدس الشرقية.

وعلى دولة الاحتلال الإسرائيلية أولا أن تعي هذه الحقيقة، وأن تعرف أن استقرارها وأمنها لن يكون مع كل هذا القتل الوحشي، الذي تمارسه ضد شباب فلسطين ورجالها، ونسائها وأطفالها. ولنا في واقع الصمود الفلسطيني، وسيرته النضالية ما يؤكد هذه الحقيقة ويرسخها جبلاً لن تهزه ريح مهما اشتدت واغبرّت.

 

المصدر: الحياة الجديدة