كانت ومازالت القدس العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية محورًا مركزيًا، ولغمًا متفجرًا في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وكل يوم جديد من دورة الاستعمار الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية يفاقم من بؤرة الصراع المحتدم، ويحرف بوصلة المواجهة عن بعدها السياسي والقانوني نحو ولوج دوامة الحرب الدينية وفق خطة صهيونية منهجية مدعومة من حلفائها في الولايات المتحدة والغرب الرأسمالي. ومن يعود لتصريحات العديد من الرؤساء الأميركيين والقادة السياسيين والعسكريين البريطانيين السابقين، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر ترامب، وقبله بوش الأب والابن وريغان، وكل المهوسين بحرب يأجوج ومأجوج، والمسكونون بالحروب الصليبية أمثال اللورد اللنبي الذي قال تصريحه الشهير في أعقاب احتلال القدس مطلع كانون أول / ديسمبر 1917 بعد أن دخلها ماشيًا من باب الخليل (الان انتهت الحروب الصليبية). وهو ما أعلنه الرؤساء الأميركيون عن حروبهم ضد العرب في العراق 2003، وقبل ذلك في حرب 1967. 
التاريخ مليء بالشواهد الدالة على أن القدس كانت وستبقى محور الرحى في الصراع مع الغرب الانكلوساكسوني ودولة الاستعمار الإسرائيلية، أداته في تحقيق مآربه وأهدافه السياسية والدينية لحين. ولا أضيف جديدًا لذاكرة الملمين بالتاريخ المعاصر، عندما أؤكد ان دولة المشروع الصهيوني أولت اهتمامها المركزي بعد هزيمة العرب في الرابع من حزيران عام 1967، حيث صادقت الكنيست بعد شهر على ضمها فورا، وادعت، وحتى اللحظة المعاشة تكرر موقفها، أن "القدس الموحدة عاصمة" لدولتها فاقدة الشرعية. لا سيما وأن قرار الاعتراف بها مقرون ومرتبط بقراري التقسيم 181 وعودة اللاجئين 194، وكل قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية. 
ومنذ إعلان الدولة الصهيونية غير الشرعية عن احتفالاتها هذا العام بتأسيسها ال74 على انقاض نكبة الشعب العربي الفلسطيني، وهي تستعد لتنظيم مسيرة الاعلام الإسرائيلية المقررة في يوم الاحد القادم الموافق 29 أيار الحالي لتكريس ادعاءاتها الكاذبة، وتعلن رفضها المبدئي للانسحاب من العاصمة الفلسطينية الأبدية، باعتبارها "جزء من العاصمة الموحدة" للدولة الاستعمارية. وبالتالي ترفض خيار السلام، وتسعى بشكل حثيث من خلال خطة معدة ومدروسة، وبالتلازم مع سلسلة متواصلة من الانتهاكات وجرائم الحرب لتنفيذ عملية تطهير عرقي واسع في القدس وإحياءها وحوضها المقدس وخاصة المسجد الأقصى المبارك، والدفع المتدحرج نحو الحرب الدينية.  
 وتعويضًا عما حصل العام الماضي، الذي حالت هبة القدس في أيار 2021 دون تنظيم تلك المسيرة، تعمل الحكومة برئاسة بينت والمؤسسة العسكرية الأمنية والمنظمات والجمعيات الصهيونية الدينية والإرهابية لتنظيم مظاهرة الأعلام في القدس ردًا على تأكيد القيادة والشعب الفلسطيني وقرارات الشرعية الدولية، بأن القدس جزءًا لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المحتلة عام 1967، وانقلابا على خيار السلام، وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، وهي تاريخيًا قبلة الفلسطينيين والعرب والمسلمين والمسيحيين السياسية والثقافية والدينية، وردا على ما شهدته جنازة ايقونة القدس وفلسطين والإعلام، شيرين أبو عاقلة من تحرير للقدس، كما يليق بها عاصمة الماضي والحاضر والمستقبل الفلسطيني. وتعد "مسيرة رقصة الأعلام" الاحتفالية الأبرز في هذا اليوم، التي تنطلق سنويًا من مكان التجمع المتفق عليه غربي القدس بعد تجمع المشاركين الذين قد يبلغ عددهم نحو 30 ألف مشارك، وتمر من بابين من أبواب البلدة القديمة هما باب الخليل والجديد، ثم تصل إلى باب العامود، حيث تواجه المسيرة احتجاجات فلسطينية رغم كل الحواجز التي تنصبها الشرطة في محيطه.
ومن أكثر الدعوات تطرفًا حتى الآن صدرت عن زعيم منظمة "لاهافا" المتطرفة بنتسي غوبشتاين الذي دعا لاعتبار اقتحام الأقصى بمناسبة "توحيد القدس" هو يوم البدء بهدم قبة الصخرة المشرفة، وأُرفقت دعوته هذه بتصميم يضم جرافة تنهش قبة المصلى الذهبية. وهذه المنظمة تأسست عام 1999 بهدف منع ظاهرة "زواج الفتيات اليهوديات من غير اليهود" ومحاربة انصهار اليهود مع الفلسطينيين العرب. 
هذا الإصرار الإسرائيلي بمختلف تلاوينه ومشاربه الرسمية وغير الرسمية الارهابية على تنظيم مظاهرة كي الوعي الفلسطيني، وكخطوة إضافية على طريق فرض استعمارها على العاصمة والأرض الفلسطينية يستدعي من القيادة والشعب والفصائل والنخب السياسية والثقافية والإعلامية والأكاديمية والدينية والاقتصادية تجشيد كل الجهود الوطنية ومن كل التجمعات الفلسطينية للدفاع عن هويتها وطابعها الفلسطيني العربي، ورفع الاعلام الفلسطينية فوق كل بيت ومدرسة ومعهد وشارع ومستشفى وجامع وكنيسة ومقبرة وسوق للتأكيد على انها بموروثها التاريخي والحضاري والعمراني وبسكانها وملامحها، انها فلسطينية منذ تأسست قبل خمسة الاف عام خلت. ولتأكيد مكانتها الاستراتيجية في الأهداف الفلسطينية، والتصدي للعصابات الصهيونية المارقة، ودولة البغي والعدوان الصهيونية اللا شرعية، وللاعلان للعالم اجمع دون استثناء، أن القدس قدس الفلسطينين العرب، والمسجد الأقصى بما في ذلك حائط البراق خاص باتباع الديانة الإسلامية وحدها دون سواها من الديانات السماوية. ودحر قطعان الصهاينة المغتصبين للأرض الفلسطينية العربية وللديانة اليهودية منها إلى أوكارهم حتى يتم تحريرها سلمًا أو بوسائل النضال الأخرى. ولا مجال للحلول الترقيعية بشأن القدس عاصمة الدولة الفلسطينية الأبدية.