ليس قرار سلطة الانقلاب الحمساوية، فرض ضرائب على المنتجات الفلسطينية القادمة من الضفة إلى قطاع غزة المكلوم، قرارًا غير قانوني فحسب، إنه أخطر من ذلك بكثير, إذ هو يطعن  اللحمة الوطنية في الصميم، ويضع القانون الأساس في مفرمة الانقسام، وقد لا نستغرب غدًا إذا ما أعلنت سلطة الانقلاب، ترسيمًا لحدود القطاع، وفرضت تأشيرة دخول (فيزا) للقادمين إليه من الضفة الفلسطينية، بوصفها بلدا آخر(...!!) وقد لا يكون بلدًا صديقًا، ولسنا نبالغ في ذلك، وسجون حماس تحتجز العديد من المواطنين  بتهمة التخابر مع رام الله..!!!
وبهذا المعنى، وفي هذا السياق، فإن القرار الحمساوي ليس قرارًا لتكريس الانقسام البغيض فقط، وإنما هو قرار تشكيل الإمارة الإخونجية على نحو إجرائي، بقوننة سلطوية تعسفية تمامًا..!!
لا ينبغي لأحد بعد الآن أن يظل واهماً أن حماس بوارد إنهاء الانقسام، أو أنها بوارد المقاومة التي تزعم، وهي ترسم حدود القطاع بقرار ضرائبي (..!!) كمثل كيان لا علاقة له بفلسطين في ضفتها المحتلة، والضريبة تجعل من منتجات الضفة، منتجات أجنبية والعياذ بالله...!!  
ستبقى حركة حماس سائرة في دروب القوى الإقليمية، وتأتمر بأمرها، ولعل التفاهمات الحمساوية الإسرائيلية المعقودة بنص التنسيق الأمني الحلال (...!!) هي من أكثر الدروب التي تغذ حماس الخطى فيها، وهذه الدروب خاصة هي التي لا يريد أصحابها غير تدمير المشروع الوطني الفلسطيني، المشروع التحرري، وأولاً بتكريس انفصال قطاع غزة، عن الضفة، وعلى نحو تمزيق الوحدة الجغرافية لدولة فلسطين، وعاصمتها القدس الشرقية، وثانيًا مواصلة العمل بذلك المخطط التآمري ذاته، الهادف إلى تدمير منظمة التحرير الفلسطينية، وتخليق البديل العدمي عنها ليس إلا، والعدمي بمعنى عديم الدسم الوطني.!!!
وفي هذه الدروب تحاول حماس اليوم المحورة، أي تشكيل محور تتوهمه ممكنًا لتدمير حركة التحرر الوطني الفلسطيني "فتح" كمقدمة لتدمير منظمة التحرير، بكون "فتح" عمودها الفقري، وصانعة القرار الوطني المستقل فيها وحاميته، وحامية المشروع الوطني.
ولا شيء في هذا المحور الذي تسعى إليه حماس سوى خطابات الخديعة وشعاراتها والذي ما زال التمويل الحرام يغذيها ويبقيها ممكنة...!! 
لا شيء أوضح الآن من خطوات حماس الانفصالية، ولا مشروع مقاومة مع الانفصال، وتأبيد الانقسام البغيض في إطار إمارة إخونجية..!! ولا محور ممكنًا غير محور الوطن، والوطنية الفلسطينية، محور المواجهة الذي بات واضحًا هنا في الضفة الفلسطينية بأنه محور مقاومة حقيقية، بلا شعارات ثورجية، وخطابات بلاغية، ومن القدس إلى جنين يرى العالم بأسره هذه الحقيقة.
يبقى أن نقول لحمساويي الضفة إذا ما اكتمل مشروع الإمارة الإخونجية فإنكم لن تكونوا وفقًا للضرائب الحمساوية، منتجين فلسطينيين أيًا ما تنتجون، وقد يطالكم شرط الفيزا والله اعلم، فهل تدركون ما الذي تفعله قيادتكم في غزة وهي تعمل على تمزيق المشروع الوطني الفلسطيني مشروع الدولة المستقلة، من رفح حتى جنين، بعاصمتها القدس الشرقية..؟؟ 
لا نحرض الحمسويين هنا ضد قيادتهم، ولكنا نطرح عليهم سؤال المسؤولية الأخلاقية، والوطنية، والدينية، كي لا تذهب تضحيات أبناء شعبنا هدرا، وألا تتبدد أحلامهم في الحرية والاستقلال لصالح مشروع إمارة لن تكون حتى إمارة حرة، وعلى أكتافها تقف إسرائيل الاحتلال والعنصرية, وتتحكم في معابرها، وتدفق المال إليها ..!!! واذا كنا سنحرض، فأننا إنما سنحرض على المضي في طريق فلسطين، وفي مسارات هويتها الوطنية، لأجل حريتها واستقلالها، فاشهد اللهم إنا قد بلغنا.


*المصدر: الحياة الجديدة*