عندما كان المحرك الأساس حفاظاً على الحقوق العربية، خاصة في مؤتمر القمة العربية في بيروت، بالتأكيد على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم، وضماناً لعدم التوطين لا في لبنان ولا في غيره.

وعندما اعترفت الأمم المتحدة بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني، وأقرت برنامجها بحقوق لا تنازل عنها وهي العودة وتقرير المصير، وسبقتها جامعة الدول العربية بذلك أيضًا.

منذ فترة وقيادة الفصائل والقوى الوطنية الاسلامية الفلسطينية في لبنان، تتابع باهتمام بالغ النشاطات والتحركات المشبوهة للمحامي المدعو جهاد ذبيان ومن معه، والتي كان آخرها دعوته للاجئين الفلسطينيين في لبنان لتقديم توكيلات خطية والكترونية مرفقة بصور عن كارت الإعاشة والبطاقات الشخصية وصور عن كواشين الأراضي التي يملكها الفلسطينيون في فلسطين التاريخية، تفوضه الطلب من السفارات الأجنبية للقبول بهجرة اللاجئين الفلسطينيين مقابل شطب حق العودة إلى فلسطين، مستغلاً الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يعاني منها اللبنانيون وأهلنا في لبنان، بالإضافة إلى استهدافه لوكالة الأونروا وسعيه للتشويش عليها وعلى عملها، وتحريض السفارات لوقف الدعم المادي والسياسي والمعنوي الذي تقدمه حكوماتها لها.

وإذا كان هناك إقرار شبه جماعي حول مخالفة بريطانيا صك الانتداب، خصوصًا لما ارتكبته على الأراضي الفلسطينية منذ انتدابها عام 1948، ولكن ما يدعو إليه المحامي جهاد ذبيان ليس هو مقاضاة بريطانيا لخرقها صك الانتداب، بل أن هدفه التنازل عن حق العودة بهدف إيجاد وطن بديل للاجئين الفلسطينيين. فلو كان جهاد ذبيان يريد مقاضاة بريطانيا بسبب مخالفتها لصك الانتداب، لكان التجأ بضغط دولي إلى رفع شكوى أمام محكمة العدل الدولية وليس إلى محاكم محلية في بريطانيا أو الولايات المتحدة الأميركية كما يدعي.

إن الهدف الأساسي لهذه الشكوى ليس لتحميل بريطانيا مسؤولياتها من خلال تعويض اللاجئين عن تهجيرهم من الأراضي الفلسطينية عام 1948، بل هو لبيع أراضيهم المسجلة باسم اللاجئين بعد أن أصبحت اليوم تحت تصرف دولة الاحتلال الإسرائيلية، وبالتالي هو شراء دولة الاحتلال الاسرائيلية لهذه الأراضي التي هي تخضع للملكية الفردية والتي لا يحق لدولة الاحتلال التصرف بها، ونستخلص أنها لعبة جديدة من أدوات دولة الاحتلال الاسرائيلية للتخلص من حق العودة حتى يتهم الفلسطينيون مجددًا أنهم باعوا أراضيهم للاحتلال وتنازلوا عن حقهم في العودة.

يشوه المحامي جهاد ذبيان حقيقة القرار 194، ويعتبر أنَّ التركيز اليوم على دولة فلسطين بحدود 1967، ويعتبر أن اللاجئين الفلسطينيين عام 1948 لا يحق لهم العودة، ويحصر حق العودة باللاجئين عام 1967، ولكن لا بد من القول أن القرار 194 صدر عام 1948، ولم تكن النكسة قد حصلت بعد، وبالتالي فالقرار 194 يشمل بالتحديد اللاجئين عام 1948.

أخطر ما يدعي به جهاد ذبيان هو ايجاد وطن بديل للاجئين الفلسطينيين عام 1948، لذلك يريد الادعاء على الأونروا، بهدف تكملة مشروع صفقة القرن، ما يؤدي ذلك إلى إنهاء الأونروا كمنظمة دولية شاهدة على النكبة المرتكبة بحق اللاجئين الفلسطينيين والتي كان تأسيسها بهدف عودة اللاجئين إلى ديارهم وتطبيق القرار 194، وإخضاع اللاجئين الفلسطينيين إلى المفوضية السامية للاجئين UNHCR التي تنص على توطين اللاجئين وإيجاد وطن بديل، وبالتالي فإن الحماية القانونية مختلفة ومتناقضة.

يقوم ذبيان بترغيب اللاجئين الفلسطينيين من خلال قوله أن الأغلبية ستكون للذين يوقعون على التفويض مستغلاً بذلك معاناة اللاجئين وسوء الحالة الاقتصادية التي يمر بها اللاجئون الفلسطينيون خصوصًا في لبنان، ومن خلال إغرائهم بالتعويضات المالية، ولكن يجب العلم أن التعويضات المالية ليست بديلاً عن العودة، لأن التعويضات المالية أنواع، وجزء منها تشمل عدد السنوات التي تم انقضاؤها خارج الوطن وتأثيراتها الاجتماعية والاقتصادية والنفسية على اللاجئين الراغبين بالعودة، والأخرى هي التعويضات التي تكون للاجئين غير الراغبين بالعودة، وهناك اجماع فلسطيني على العودة وعدم التوطين.

ولما كان هذا العبث خطيرًا على العلاقات اللبنانية –الفلسطينية فإننا نطالب الهيئات المعنية وخاصة نقابة المحامين اللبنانية بالتدخل لوقف هذا التدهور سريعاً وبالصيغ المناسبة .

 

بيروت 29 آذار 2021

الاتحاد العام للحقوقيين الفلسطينيين

  فرع لبنان